الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شهدَت مهنة المحاماة في الآونة الأخيرة كثيرًا من التغيرات في وقت يُعتَبَرُ قياسيًا، مما يُمَكِنُنَا من التنبؤ بأن إمكانية مواكبتها للمجتمعات المتقدمة في مجالي القانون والقضاء تغدو أقرب، خصوصًا إذا ما قارنّاها بحالة الركود في الفترات السابقة. ولعل أبرز هذه التطورات التي تؤثر إيجابًا على المهنة ومنتسبيها هو استحداث الهيئة السعودية للمحامين التي تحمل مسمى النقابة في غالبية المجتمعات الأخرى.
هيئة المحامين؛ هذا التجمع الذي من المفترض أن يضم الممارسين للمهنة تحت اسمه، ومن الطبيعي أن ينحصر انتسابهم له بصفتهم المهنية. إلا أننا نجد أن انتسابهم وفق ميولهم الشخصية لأيٍ من الجهات هو الأبرز وهو الذي يولونه الاهتمام الأكبر؛ لذا نجد أن هنالك انقسامات أشبه بالتحزبات تتضح من خلال مواقف المحامين تجاه جهات أو أشخاص في إطار مهنتهم. وهذه التحزبات نوع من الشللية، التي كتبت عنها في مقال سابق -المحامون بين العصابة والعصبة- إلا أنه كان يتحدث عن الشللية في إطار الزمالة، فيما يناقش هذا المقال الشللية في إطار المهنة.
هذه التحزبات باتت تتضح يومًا بعد آخر وخصوصًا مع انتشار وسائل التعبير عن الرأي. فعلى سبيل المثال نجد صراع غير مباشر بين المحامي القانوني والآخر الشرعي، ويتمثل في تأييد الأول لإبراز دور هيئة المحامين بينما الشرعي يرفضها ويُفَضِل أن يحصر انتماؤه إلى وزارة العدل باعتبارها -في اعتقاده- مرجِعًا ورمزًا للشرعيين. وحتى في داخل الوزارة نفسها، يتضح من مواقف المحامين أن هنالك من يميل للوزارة السابقة فيقدح في الحالية والعكس كذلك. لدرجة أننا بتنا نسمع تعبيرات كالعهد البائد والربيع القانوني وغيرها وكأننا في معركة أو أزمة.
المهتمون بالأمر يعزون وجود هذه الانقسامات إلى ازدياد عدد الممارسين بشكل لم تشهده المهنة من قبل. كما يعزى كذلك إلى سلسلة التطورات التي شهدناها في الفترة الأخيرة والتي أدت إلى طفو بعض المظاهر على السطح. ولعل أبرز الأسباب وأكثرها منطقية وقربًا من الواقع في اعتقادي هو عدم وجود ميثاق شرف مهني للقانونيين.
لا نعرف إن كانت هذه المواقف التي تُتّخذ بصفة مهنية هي ترجمة للتوجهات والقناعات الشخصية أم أنها موضوعية ولا تمت للميول الشخصية بأي صلة، لكن ما نستطيع أن نجزم به هو أن هذه المواقف لا تصب في صالح المهنة بأي حالٍ من الأحوال. كما أنني لا اعتقد بأن من يبادرون بها يدركون أن المكان الذي من الأَوْلى والأجدر لهم الانتماء إليه هو المهنة وصالحها وما تنادي به من رسائل وقيّم سامية.
سؤال لا أعرف أين وجهته: أما آن الأوان لاستحداث ميثاق شرف مهني؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال