الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يبقى هذا السؤال الأزلي عن الفساد مستمرا منذ عقود من الزمن ، ولعل الفساد بشكلة الحقيقي هو ظاهرة تنخر في كل مظاهر الحياة ، ولكن عندما ينتشر الفساد بشكل انسيابي وسلس في اغلب التعاملات فأنه بلا شك يتطور ويصبح ثقافة تنتشر في المؤسسات والمنظمات وفي جميع أشكال التعاقد، ولعل الحرب على الفساد التي بدأها سيدي خادم الحرمين الشريفين “الملك سلمان بن عبدالعزيز” وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي “الأمير محمد بن سلمان” حفظهما الله ، حيث شنوا بالأمس القريب حربا ضروس على الفساد وأهله أيا كانوا ، وارتبطت هذه الحرب بمجموعة من الناس استطاعوا أن يستخدموا مواقع السلطة لتحقيق مكاسب شخصية.
ولكن يجب التنويه أن ثقافة الفساد لا ترتبط بالأسماء والمناصب فقط ، فعندما نتحدث عن ثقافة الفساد فأن الأمر يتعدى حصر الفساد عند الأفراد أو مواقع السلطة إنما تتسع الدائرة لتشمل الكثير من الناس سوآءا بقصد أو بدون قصد ، والأمر لا يقف عند المنشأت أو المؤسسات الحكومية إنما يتعداه إلى أن يصل إلى القطاع الخاص والأنشطة التجارية ، وهذا ما يجعل ثقافة الفساد ثقافة مدمرة ، فتوظيف الأشخاص الغير مؤهلين لأي اعتبار ، يخلق بيئة مليئة بالأخطاء والاجتهادات السلبية التي تقود بطبيعة حالها إلى تأثير مباشر أو غير مباشر على المخرجات النهائية لأي منتج ، وكما أن المسؤول الغير مهتم أو الغير مبالي أو الغير مؤهل لمسؤولياته ينقل ثقافة لا مبالاة للعاملين في المنظمة وتتأثر جميع مخرجاتهم المهنية ، وبالتالي تتأثر المنتجات النهائية التي تصل إلى المستفيد النهائي.
والأمر المؤسف أن تأثير ثقافة الفساد تراكمي بطبعه ويمتد إلى ابعد ما يمكن تخيله، فكما فرحنا بجميع الإجراءات والسياسات التي نكافح الفساد من خلالها، يجب أن يبدأ العمل من عند أنفسنا نحن! ونبدأ العمل على تحسين أداءنا وأعمالنا وما نقدمه مهنيا وعمليا والعمل على أزاله كل أشكال الفساد التي نشك أو نعتقد أنها موجودة لدينا، سواءا كان ذلك في مسائل إهدار الوقت أو المال أو الخبرات ، كما انني لا اعتقد أن أحدا لا يميز الفساد أيا كان ولكن لان الفساد اخذ شكل الثقافة فلا نهتم كثيرا في مسائل الحد من الفساد ، ولكن ما حدث بالأمس القريب من إجراءات صارمة تجاه الفساد وأهله مؤشر قوي على أن الجهات الرقابية سوف تعمل ليل نهار للحد من أي شكل من أشكال الفساد ، ويجب أن لا نقلل من حجم الفساد الذي قد نمارسه ، حتى لو تعودنا على وجوده والفنا ممارسته ، فالعواقب سوف تكون وخيمة على أي فساد.
الحكومة السعودية عازمة كل العزم على تحقيق رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 ، الأمر الذي يدفع الحكومة لإزالة جميع العوائد أمام تحقيق الرؤية ، ومن اهم العوائق التي تواجه الحكومة اليوم هو ثقافة الفساد التي انتشرت لعقود من الزمن ، واعتقد أن سمو سيدي ولي العهد “الأمير محمد بن سلمان” عازم كل العزم لتحقيق الأهداف التي وضعها للدولة ، ولن يترك مجالا للشك والتردد أمام تحقيق تلك الأهداف ، ويريد أن يكون متأكدا أن تلك الأهداف سوف تتحقق ، مهما كان الثمن ، حيث قدم المصلحة العامة للدولة أمام أي مصالح أخرى.
ويجب التركيز على أن كفاءة الأنفاق تتأثر بشكل مباشر من الفساد، وتهدر الأموال والوقت والإمكانات لأجل مصالح ومنافع شخصية، كما اعتقد أن الحكومة السعودية مستمرة في الأنفاق التنموي ولا تريد أن تضيع المدخرات بسبب ثقافة الفساد، وأصبح تحقيق التطلعات مرتبط بشكل وثيق برفع معدلات النزاهة إلى اعلى ما يمكن رفعه.
كما أن مصداقية الدولة اليوم في اعلى مستوياتها، واصبحنا قادرين أن نتصور ونحضر انفسنا للتطور القادم، مجتمع عادل، فرص متاحة، مهنية عالية، شفافية وإفصاح، رقابة فعالة، اعتدال منهجي، تقدم مؤسسي، كل تلك المواصفات التي نطمح لها وقف الفساد أمامها سنوات طويلة ، ونحن اليوم نشهد عهد جديد يعد بالكثير من التطور والنماء والعدالة لكل السعوديين والمقيمين ، حيث يكافئ المنتج والمنجز ويعاقب المفسد والفاسد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال