الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سوق العقارات كباقي الأسواق التجارية خاضع لطبيعة الأسواق المرحلية التي تتسم بمراحل أربع رئيسية، مرحلة الإنتعاش ، مرحلة التشبع، مرحلة التراجع، مرحلة الركود “الكساد”.
هذه المراحل مختلف في تسمياتها بعض الشيء، لكن غير مختلف في سماتها العامة ومظاهرها، كما أنه متفق على مرحليتها المتعاقبة وطبيعة حدوثه كل فترة. على أنه لا يمكن تقدير بداية كل فترة او مدى استمرارها بشكل دوري، لكن كما اسلفنا يمكن توقعها من سماتها العامة ومن الظروف التي قد تؤدي اليها.
يعتبر كثير من المختصين والمتعاملين في السوق العقاري السعودي أن السوق يشهد منذ قرابة السنتين او تزيد مؤشرات تدل على أننا في مرحلة الركود او ما يسمى مرحلة الكساد، وهي المرحلة الأخيرة في سلم نشاط السوق والتي يعقبها مرحلة انتعاش تعيد السوق للنشاط وجذب الأموال والمستثمرين.
قبل أن ادخل في صلب موضوعي، سأتحدث قليلاً عن سمات هذه المرحلة “مرحلة الركود”. هي مرحلة تتسم بسمات عدة من ابرزها:
– كثرة العروض من العقارات المختلفة
– قلة صفقات الشراء في السوق
– تراجع الأسعار عن مرحلة التشبع بنسب قد تصل الى 50%
– قلة اقبال المستثمرين على السوق، وقلة السؤال عن العقارات
– اتجاه رؤوس الأموال الى قطاعات أخرى لاستثمارها، قد تكون الأسهم، او البنوك والصناديق الاستثمارية، او التجارة، او الصناعة.. بحسب كل بلد. وقد تغادر البلد بالكلية
– تكاثر العروض العقارية التي تحتاج للبيع بأثمان لا يمكن ان تقبل مناقشتها في الظروف الطبيعية، نتيجة ظروف خاصة، كالتصفية، وتوزيع التركات، وتنفيذ الأحكام المالية
– تراجع الاشتراطات في بيع العقارات، خاصة الاستثمارية، والعقارات المميزة
– ظهور طرق أخرى للبيع مثل، المقايضة بعقارات او اثمان اخرى، البيع بالأجل او التقسيط.
هذه السمات او المظاهر التي قد يشهدها السوق العقاري في أي زمن من الأزمان، ينظر لها غير المختصين بنظرة توجس وريبة، بحيث تجبن كثير من رؤوس الأموال عن شراء عقارات في منتهى الجودة والقيمة الاستثمارية، وذلك أمر طبيعي بالنسبة لغير المتخصص، لكن من يعرف طبيعة الأسواق يعرف بذلك أن مثل هذه الفترات هي أفضل ما يمكن أن يشهده المستثمر لتحقيق ثروة طائلة قد يحتاج لعقود لتحقيقها.
يعرض على المرئ هذه الأيام عقارات مجزية ومجدية بأسعار لا تصدق، بل وقد تكون بالأجل، وعقارات لا يطمع أحد أن تطرح في السوق العام لبيعها، وقد كانت سابقاً تعرض على الخاصة فقط.
العذر القائم والمقبول نوعا ما لكثير ممن يحجم عن التعامل في السوق او الشراء فيه هو ان الغالبية من الناس تتوقع تراجع اسعار العقارات أكثر من ذلك، لذا فلسان الأغلبية يقول ننتظر حتى يتراجع السعر أكثر فنشتري بسعر أقل ونربح أكثر من ربحنا الحالي، وقد يتشاءم البعض أكثر من ذلك فيقول أن الشراء الآن بهذه الأسعار المتراجعة لن يفيد لأن السوق سيتراجع أكثر ولن يكون مجزياً في المستقبل.
هذه الظروف وتعامل الناس معها بهذه الصورة الطبيعية ولنقل المنطقية بالنسبة للعامة، تتيح المجال أكثر لمن يبحث عن الفرصة الاستثمارية المجزية، فكيف ذلك.
في ظروف سوقنا هذه سيجد المستثمر فرصة في استغلال المميزات التي يقدمها مالك العقار ومنها آخر ثلاث سمات مما ذكرته سابقاً، بحيث:
– يستطيع المستثمر الاختيار من بين الفرص المتاحة أفضلها، سعراً، وموقعاً، ومواصفات
– فرض شروطه الخاصة التي تمكنه من تعظيم الربح وزيادة الاستفادة من الصفقة العقارية
– الدفع الميسر لقيمة العقار، وذلك كجزء من الثمن وتقسيط الباقي، او المقايضة بعقار آخر
– الاستفادة من عامل الزمن الذي يساعد المستثمر على البحث والاقتناص في فسحة من وقته دون عجلة او تسرع
هذه الفترات من مراحل السوق هي بالفعل زمن بناء الثرة لمن يستغلها بحق. فكثير من التجار والأغنياء حول العالم يعرفون هذا النوع من الأسواق وكيف يستثمرون فيه، وأن كثيراً منهم قد بنى امبراطوريةً بسبب استغلال مثل هذه الظروف الاستغلال الأمثل. وقد يتناقل الكثير من الناس قصة أحد كبار الأثرياء في السعودية والذي أخذ يشتري الكثير من العقارات والأراضي في زمن الحرب العراقية الأولى في التسعينيات الميلادية، وذلك أحد أسباب تملكه كثيراً من العقارات الضخمة المميزة في زمننا هذه وقد اشتراها “بتراب الفلوس” كما يقال.
مع كل ما ذكر من الفرص والمميزات للاستثمار في هذه المرحلة من السوق، الا أن لهذه الفرصة مخاطر قد تكون مهلكة، فهي بذلك تحتاج لاستشارة المختصين وأصحاب الخبرة والدراية في السوق، مع التروي في اتخاذ القرار. حيث أن المخاطرة هنا واردة وذلك أمر طبيعي بالنسبة لغير المختصين او المتابعين للسوق، فقد يشتري الشخص عقاراً غير جيد سعرياً او انشائياً او حتى ان يضيع فرصاً أجدى وأجود يمكنه الضفر بها دون غيره.
خلاصة الحديث أن السوق العقاري السعودي اليوم يمر براحل ركود ظاهرة تحمل الكثير من الفرص الاستثمارية الجيدة في انواع العقارات المختلفة وفي مختلف المدن، لكن تحتاج لمستثمر فطن صاحب قرار ومستشار مطلع أمين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال