الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
استخدم التيسير الكمي خلال العقدين الأخيرين في اكثر من اقتصاد واكثر من دولة كأداة لمواجه الأزمات المالية التي تحصل خلال الدورات الاقتصادية للدول والاقتصادات الكبيرة ، وقد تعددت أسباب استخدام التيسير الكمي بشكله الفني لمواجهة ضعف الميزان النقدي لبعض الاقتصادات. واستخدم “برنامج التيسير الكمي” في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل ملفت خلال الفترة بين 2007 إلى العام 2012، وقد استطاع الفيدرالي الأمريكي أن يضخ الكثير من الدولارات للداخل الأمريكي لتمكين قطاع الإنتاج وزيادة قدرته على التوسع.
كما حفز مكون الاستهلاك للمشاركة بشكل اكثر فعالية في الدائرة الاقتصادية بشكل كبير خصوصا الفترة بين 2009 إلى 2011 واستطاع الفيدرالي خلق نقد جديد للاقتصاد المحلي الأمريكي ساعد على تعجيل حركة الأعمال في الداخل الأمريكي ، الأمر الذي حفز الاقتصاد المحلي لإظهار معدلات نمو مميزة ، الذي بدوره ساعد لخفض معدلات البطالة ورفع مستويات ثقة المستهلك بشكل كبير.
نختلف أو نتفق على أن الدولار الذي خلق في الداخل الأمريكي هو دولار حقيقي أم لا!! ويحمل نفس القيمة الحقيقية للدولار الذي يستخدم دوليا كعملة عالمية !!، ولست في صدد الحديث عن الفرق بين الدولار ” العملة العالمية ” وبين الدولار الموجه للداخل الأمريكي، ولكن يجدر الإشارة الى أن ضخ الكثير من الدولارات في الداخل الأمريكي خلق حاله من التضخم المتحكم بها استطاع الساسة النقديين في الولايات المتحدة الأمريكية تخفيف وطأة الأزمة المالية في الداخل الأمريكي.
اعتقد أننا في المملكة العربية السعودية نميز تماما أن العمل على السياسة النقدية ومحاولة أدارتها بشكل فعال لا يؤتي النتائج المأمولة ، حيث أن هناك فجوة كبيرة بين البنك المركزي السعودي ” مؤسسة النقد العربي السعودي” وبين سوق المال والأعمال بشكل عام ، وفي الجانب الآخر نجد العلاقة بين المركزي السعودي والبنوك التجارية علاقة سلسة وجيدة ، وتتأثر السياسة النقدية والمالية بالإنفاق الحكومي الموجه بشكل استثمارات في اغلب الأحيان ، وتستطيع الدولة السعودية التأثير على الميزان النقدي والمالي من خلال توجيه استثماراتها بشكل أو باخر لتحريك عجلة النمو في أي قطاع تستثمر فيه ، فتعمل سلة من الاستثمارات الحكومية التي تعمل عملا مشابه لما تقوم به البنوك المركزية في العالم ، حيث توجه السيولة نحو قطاعات معينة يبنى عليها الكثير من العقود الائتمانية المضمونة بالأصول أو بالدائرة التجارية للأنشطة.
ومن هذا المنطلق، تستطيع الحكومة السعودية خلق شكل من أشكال “التيسير الكمي” بطريقة مختلفة وتستطيع خلق توازن في الميزان النقدي من خلال استثماراتها سوآءا القديمة أو الجديدة ، وبهذا نستطيع القول أنها الصناديق الحكومية الاستثمارية تستطيع رهن أو تضمين الأصول المالية والأصول العقارية ومنشأتها الاقتصادية مقابل حزم ائتمانية طويلة ومتوسطة الأجل سوآءا من خلال البنوك المحلية أو العالمية بأسعار فائدة ثابتة تخلق من خلالها نقد جديد للسوق ، وبعد خلق النقد الجديد الناتج من التضمين الائتماني سوف تخلق حجوم كبيرة من النقد الذي تستطيع الصناديق الحكومية توجيهها نحو مشاريعها التنموية التي تخدم قطاعات المؤسسات المتوسطة والصغيرة ، وبالتالي تتوسع الدائرة التجارية المحلية في اتجاهات محددة ، والأفضلية لتوجيه النقد الجديد نحو الأنشطة التي تنتج نقد مستمر.
وبهذا الأمر تستطيع الجهات الاستثمارية السيادية تحريك عجلة الاقتصاد بشكل فعال من خلال الاستثمارات، وتتحكم في معدلات التضخم حتى لو ارتفعت بشكل مطرد خلال الأشهر الأولى أو السنة الأولى، سوف يعود هذا كله بمعدلات نمو جيدة ، الميزة في هذا النموذج المالي ، انه مرتبط اكثر بالأنشطة و الأعمال التجارية بشكل متوازن ولا تتركز على الدائرة الائتمانية بشكل أساسي ، ومن خلال هذا النوع من التيسير الكمي تستطيع مؤسسات الإقراض الدخول في العمل الفني للأنشطة التجارية وتساعد الأنشطة التجارية على ضبط دائرة التدفقات النقدية لتقليل المخاطر التشغيلية والائتمانية على الدائرة التجارية لكل نشاط ، كما سيستطيع قطاع المؤسسات المتوسطة والصغيرة المشاركة بفعالية في الدائرة الاقتصادية للدولة ، وتفرض معايير عمل اكثر انضباطية .
هذا النوع من النماذج المالية يحتاج حركة ائتمانية تفاعلية، حيث تكون الالتزامات الائتمانية محل الاهتمام من قبل مشغلوا الأنشطة التجارية، حيث يتم جدولة عملية سداد التزامات ائتمانية بشكل سنوي أو نصف سنوي، لضبط دائرة التدفقات النقدية بشكل أساسي، وعندها تستطيع الأنشطة التجارية الخروج من الالتزام الائتماني في مدد لا تتجاور خمس إلى سبع سنوات، وبهذا نكون خرجنا بنشاط تجاري منتج للنقد بدائرة مالية كاملة تتخلص من الالتزامات الائتمانية بشكل منهجي منظم ومحدد الزمن.
اعيي جيدا أن هذا النموذج ترتفع فيه المخاطر بشكل كبير ، المخاطر على الأصول والأنشطة التجارية وما يقابلها من التزامات ائتمانية ، لكن المتابع للشأن السعودي يعلم حجم الضبط الذي تعيشه الجهات الرسمية الحكومية واستمرار إعلان الميزانية العامة بشكل ربعي يعطي مؤشرات ودلائل أننا نستطيع الدخول في النوع من التضمين الائتماني للاستثمارات والأنشطة التجارية ، ونستطيع مراقبة الأموال الدائرة والأنشطة العاملة بكفاءة جيدة و بشكل واضح ، فحتى لو حدث شكل من أشكال التعثر أو التأخر في الإيفاء بالالتزام الائتماني نستطيع تميز مواطن الضعف في دائرة التدفقات النقدية ، ويتم التعامل معها بشكل سريع وبكفاءة عالية.
نماذج كفاية رأس المال وإجراءات وسياسات التعاطي مع مخاطر التشغيل، وإعلان الميزانية بشكل ربعي ،ورفع مستويات الحوكمة ،وأنشاء منشأت شبة حكومية مهيكلة بشكل مؤسساتي، كل تلك الإجراءات والسياسات حديثة الاستخدام في الجهات الحكومية تعطينا مساحة كبيرة للحركة التجارية بتضمين ائتماني، طالما تلك الإجراءات تسير وفق اطار منهجي منضبط نستطيع الاعتماد عليها في حماية جميع حالات التعاقد المبنية عليها.
منطقة المرفقات
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال