الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في استراحة القهوة بأحد المؤتمرات القانونية الإقليمية التي حضرتها مؤخرًا، وأثناء تبادل الأحاديث والمعلومات مع الزملاء من الدول العربية الأخرى، أبدى كثيرٌ منهم إعجابه وتفاجأه من وجود عنصر نسائي في مهنة المحاماة بالسعودية، وكذلك انبهاره بالتطورات التي حصلت في البلاد مؤخرًا، خصوصًا تلك التي حدثت لمهنتنا.
أثناء تلك الأجواء التي تتسم بالهدوء والسلام، صدمني أحدهم بسؤال عن اسم نقيب المحامين السعوديين.
ورغم أنني قمت بتجهيز إجابات على العديد من التساؤلات المحرجة المتوقع أن يتلقاها المحامي السعودي من أقرانه من الدول الأخرى، إلا أنني -لسوء الحظ- غفلت عن هذه الجزئية.
على أية حال، كان جوابي بعد ابتلاع المفاجأة هو التالي: وزير العدل!
لا أعرف إذا كانت إجابتي صحيحة أم لا، ولكن ما أعرفه هو أنه لا توجد إجابة أخرى أكثر ملاءمة أستطيع بها أن أتجاوز الحرج وأجد طريقة للمباهاة أمام الزملاء.
فلدينا لا نتداول مسمى “نقيب”، رغم أنه يعتبر اللقب -الذي يُنسب إلى كبير الأعضاء في مهنة ما- الأكثر شيوعًا في كثيرٍ من المجتمعات ومنها المجتمعات العربية، إلا أن هذا اللقب في تونس هو عميد، وفي الكويت والإمارات مثلًا هو رئيس جمعية المحامين. لكن الشئ المشترك في كل الحالات -ضمن جوانب أخرى- هو استقلالية النقابة أو الهيئة التي يرأسها هذا النقيب.
وبالنسبة لنقابتنا التي يُطلق عليها الهيئة السعودية للمحامين، ما نراه من خلال تنظيمها هو أن من يرأس مجلس إدارتها وزير العدل، ويمكننا لذلك اعتبار الهيئة جهة غير مستقلة عكس مثيلاتها في الدول الأخرى، وبالتالي فإن إجابتي كانت منطقية نوعًا ما.
أما إذا كُنَّا سَنُقَيّم هذه الإجابة وفقًا لمستوى الرضا، فأنا أكاد أجزم بأنها غير مرضية لكثيرٍ من المنتسبين للمهنة بيننا. فلا يمكننا أن نتصور بأن مهنة تضم نحو خمسة آلاف عضو، وهذا الرقم من المتوقع أن يتضاعف في فترة قياسية، ليس لها من يمثلها! ورغم أنه يمكن طرح أكثر من اسم كنقيب باعتباره رئيس لجنة المحامين في مجلس الغرف، أو رئيس اللجنة في إحدى المحافظات، أو حتى ممثل المحامين في الهيئة، غير أنه لا يمكن وصف شخص محدد بأنه (نقيب المحامين) في نظامنا العدلي. كما أننا نفتقر إلى آليات واضحة لترشّح وانتخاب أو تعيين شخص يحمل هذه الصفة كما في المجتمعات الأخرى.
وبعد أن تجاوزت أزمة أسئلة الزملاء من الدول الأخرى، وجدت نفسي أطرح التساؤلات التالية بيني وبين نفسي: هل كان أي من الزملاء سيعطي نفس الإجابة لو تعرض لنفس الموقف؟
وهل الهيئة لدينا مؤهلة لأن تستقل؟ أو بأسلوب آخر أكثر دقة ومصداقية: هل هنالك نية من وزارة العدل أن تطلق سراح الهيئة؟ أم أن الوزارة ستستمر بممارسة تسلطها على المهنة؟
وهل ما نراه الآن هو الوضع الصحيح، أم أننا سنشهد تحولًا يستجيب لرؤية ٢٠٣٠؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال