الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كان ومازال سوق العمل السعودي يعاني من مشاكل هيكلية قضت على كل الحلول التي حاولت وتحاول الحكومة إيجادها لمعالجة مشكلة البطالة العالية جدا بين الشباب السعودي في حين أن سوق العمل السعودي يعد أكبر موظف في العالم لغير أبناء البلد حيث يتجاوز فيه غير السعوديين 89٪ من العاملين في السوق .
لماذا فشلت محاولات إحلال الشباب السعودي محل العمالة الوافدة ؟ ظل الجميع يتهم الشباب السعودي بأنه غير مؤهل ، ولا يحب العملالجاد والملتزم ، وكثير المشاكل في العمل من غياب وتأخر وخروج وغيرها من المشاكل . كثر الحديث عن هذا الأمر حتى كدنا نصدق أن الشباب السعودي غير جاد ولا ملتزم وأنه يرفض النعمة التي بين يديه .
سقطت ورقة التوت التي كانت تغطي وجه الفساد القبيح جدا ، والذي نهش الأخضر واليابس في الوطن المعطاء . سقطت ليظهر لنا زيف كثير مما كان يقال ويروج له بهدف تغطية ذلك الوجه القبيح للفساد ، ومن ذلك أن الشباب السعودي لا يصلح للعمل الجاد ، وليذهب الوطن وشبابه إلى الهاوية في سبيل مصلحة (شرذمة) فاسدة لم ترع حرمة وطن وحق أهل .
لنتحدث هنا بحديث مجالسنا ، فما ظهر من قضايا الفساد حتى الأن تفوق ما كنا نظنه مبالغات المجالس وكذبها وشائعاتها ونتحدث به على خجل ، حتى أعلن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله حربه على الفساد ، لنرى ونسمع من حكايا الفساد ما تشيب لها الغربان .
قصص تاشيرات العمل التي تمنح بالألاف لأشخاص لا يملكون أي مؤسسات حقيقية مجرد أوراق وهمية ، ليقوم سعداء الحظ ببيع تلك التأشيرات بمبالغ طائلة يغرقون بها السوق بعمالة من أردى المستويات العمالية في العالم ، وتتورم حساباتهم بعرق الكادحين من غير السعوديين ، وبألم وقهر الشباب السعودي العاطل .
قصص الشركات التي يعمل فيها الألاف من غير السعوديين في كل المهن دون أن يجد الشاب السعودي المؤهل فيها موطئ قدم ، والحجة جاهزة (لا يحبون العمل) أو (ليس لديهم خبرة) . والسبب الحقيقي أنصاحب الشركة لا يعرف عنها إلا ما يدخل حساباته في الخارج حيث يعيش ، بينما من يسيطر على مقدرات الوطن هنا ويتحكم في الشركة أجانب من جنسيات مختلفة . حتى مجرد التدريب في تلك الشركات غير مسموح به للسعودي كما اشتكى من ذلك معالي وزيرالعمل الدكتور علي الغفيص.
والشركة التي خرجت من العدم لتعمل في أكثر القطاعات حاجة للعمالة الوافدة وترتفع أسهمها بين شركات ذلك القطاع حتى تقترب من السيطرة عليه ، لنكتشف فجأة أنها ترتبط بشخصيات متهمة بالفساد .
تسريح العمالة المخالفة المقبوض عليها وإعادتها إلى الشارع بعد الحصول على بعض التعويضات المالية منهم ” أنا مافيه مشكلة يدفع 500 ريال ويخرج ” . أو بأمر من شخصية متنفذة يهمها أمر تلك العمالة المخالفة . وتجنب الذهاب لمواقع بعض الشركات التي توظفآلاف المخالفين لنظام العمل والعمال ، وإن تمت الزيارة فبعد تنسيق مسبق وربما تُرك بعض من يمكن الإستغناء عنهم من المخالفين لدرء الشبهات وإبعاد العين .
السماح بالعقود المجحفة بحق الموظف السعودي وغير السعودي لمصلحة صاحب الشركة ، حيث يستطيع غير السعودي تحمل ذلك الإجحاف لأسباب ، بينما لا يستطيع ذلك السعودي مما يضطره لترك العمل لتثبت عليه تهمة عدم حب العمل وعدم الإنضباط .
وتحكم الأجانب في المناصب الحساسة في القطاع الخاص وتحديدا الإدارة التنفيذية والمالية والتوظيف، وفشل كل المحاولات في تحرير تلك المناصب لأن الفساد في القطاعين العام والخاص سوف يتضرر من ذلك التحرر . وبسبب هذا لا نرى من وظائف القطاع الخاص إلا المتدنية في الخبرة والأجر ، بينما الوظائف الكبيرة وذات المهارات العليا والأجور المرتفعة تعطى للمحظوظين فقط .
الوظائف الوهمية في القطاعين العام والخاص بمسميات حقيقية وغير حقيقية كنا نظنها من النكات التي تقال للمبالغة ، فكيف يمكن تصديق وجود 20 ألف وظيفة وهمية في قطاع واحد ؟ ويأتي التستر على رأس القائمة التي إن كان المواطن هو سيد الموقف فيها لكن الفساد المالي والإداري سهل كثيرا للمتستر التهرب من كل البرامج والحملات للقضاء عليه . بل إن بعض كبار المتسترين من المتهمين بالفساد علنا .
نتوقع أن الحرب على الفساد سوف تتحرك أفقيا لتشمل كل القطاعات ورأسيا لتغوص في عمق كل قطاع ، أو ذلك ما نتمناه على الأقل . وسيكون سوق العمل المستفيد الأول من تلك الحرب ، لأنه كان المتضرر الأول من الفساد .
يكفي أن تسمع شابا يقول لأخر “الأن ماعاد فيه عذر لأحد ، الحكومة تدعم السعودي بقوة بس قوم اشتغل” . إنه حديث المتفائل بالحرب على الفساد ، وليس حديثا عن تغير واقع سوق العمل فعلا .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال