الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حينما كنّا أطفالاً كنّا نلعب بعض الألعاب الجميلة التي تبث روح الجماعة و الفكاهة في آن واحد. كانت إحدى هذه الألعاب هي لعبة تلفون خربان (عطلان). تبدأ هذه اللعبة بأن يجتمع المشاركون ويجلسون على شكل حلقة ومن ثم يبدأ أول الأطفال بهمس كلمة أو جملة في إذن الطفل الذي بجانبه بشرط أن لا يعيدها عليه وأن لايختلس السمع أحد من الأطفال الآخرين ، وعلى الأخير أن ينقل نفس الكلمة أو الجملة همساً للطفل الذي يليه. وهكذا تدور الجملة متنقلة بين الأطفال همساً حتى تعود إلى أول الأطفال صاحب هذه الجملة أو الكلمة وهناك يتم التحقق من جودة انتقال الجملة كما هي بدون تحريف ، وإن شابها شي من التغيير أو التحريف يتم البحث عن المسؤول عن هذا التحريف وبعدها يصيح عليه الأطفال بأن تلفونه خربان.
عندما تكبر في الحياة تجد أن لعبة تلفون خربان متمثلة في حياتنا خصوصا العملية. على سبيل المثال سعدنا جميع برؤية 2030 وخططها واستبشرنا خيراً بأهدافها والتي من ضمنها تعزيز المحتوى المحلي. ولعل البعض يسأل ماهو المحتوى المحلي. المحتوى المحلي أحد أهدافه أن نعتمد على أنفسنا سواء بالموارد البشرية (السعودة) أو بالإنتاج والتصنيع أو بتوطين الصناعات واستقطابها داخل المملكة. وهذا الشيء سيقفز بالنهضة في وطننا الغالي وسنتحول من دولة تعتمد على الدول الاخرى الى دولة قادرة على الإعتماد على نفسها والوقوف بذاتها ولو بنسبة كبيرة.
لن اتحدث هنا عن الإحصاءات والأرقام التي ستوثق فوائد وثمار فكرة المحتوى المحلي، ولن افصل كثيراً عن المبادرات التي تم اعتمادها لخدمة هذا المفهوم والتي منها العمل على تطوير نظام المشتريات لدعم المحتوى المحلي، وكذلك انشاء شركة صناعات عسكرية او الشركات الاخرى التي تم تأسيسها لتطوير المحتوى المحلي . إنما سأسلط الضوء على كيف يتم اتخاذ قرارات حكيمة من الجهات العليا ولكنها حين يتم تناقلها تنازلا وتصل هذه القرارات إلى المستوى الأخير وهو التنفيذ، نجد أن بعض هذه القرارات انحرفت عن هدفها الأصلي ربما بنية طيبة أو أن الفكرة لم تصل إلى الشخص المنفذ بالصورة الكاملة أو الواضحة.
والناتج أنه بدل من أن تسعى بعض الشركات المنشأة تحت مظلة الرؤية إلى تطوير المحتوى المحلي كهدف رئيسي لنشاطها فهي تسعى الى الربح السريع أكثر وكأن الهدف الرئيسي من إنشاءها هو الربح وليس التطوير المحلي . فأصبحت هذه الشركات تستقطب المنتجات من خارج الدولة وتقوم ببيعها بدلا من شراء ملكية حقوقها لتطويرها او إنتاج بدائل محليا وبيعها سواء داخل وطننا او المنافسة بهذه المنتجات عالميا، بالاضافة الى استقطاب الموارد البشرية بدلا من تطوير أبناء الوطن وذلك لهدف تقليل التكاليف وأصبح هدف هذه الشركات يشبه الى حد كبير شركات القطاع الخاص والتي تقوم على هدف الربحية فقط ولم تعد هي الشركات التي أنشأتها الدولة لتدعم تحد أهدافها وهو تطوير الناتج المحلي.
هنا أتمنى أن يبدأ صانع القرار بالبحث عن صاحب الهاتف العطلان ونصيح عليه بأن تلفونه خربان لعل وعسى يرجع بنا إلى المسار الصحيح والسعي لتحقيق أهداف الرؤية 2030 والتي بدأنا فعلا بقطف ثمارها وبدأت نتائجها تظهر للعيان ولله الحمد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال