تحديات قطاع الاسمنت والعمل على تقليل التكاليف

يُعد قطاع الاسمنت من القطاعات الحيوية في صناعة التشييد والبناء بالمملكة العربية السعودية، وتبلغ عدد شركات هذا القطاع قرابة 17 شركة اسمنت منها 14 شركة مدرجة في سوق الاسهم السعودي برؤوس أموال تبلغ 18.54 مليار ريـال سعودي. ولقد واجهت هذه الشركات العديد من التحديات بداية من عام 2016م منها: انخفاض المبيعات، وارتفاع مخزونات الكلنكر، وارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء.

فعلى مستوى المبيعات تراجع حجم مبيعات شركات الاسمنت في 2016م إلى 55,663 ألف طن بنسبة 9.4% عن مبيعات عام 2015م التي بلغت 61,440 ألف طن، وقد بلغ حجم مبيعات شركات الاسمنت خلال الفترة المنقضية من عام 2017م  حتى شهر سبتمبر ما يقدر ب 35,243 ألف طن بإنخفاض قدره 17.37% مقارنة بحجم مبيعاتها في الفترة المماثله من عام 2016م والتي بلغت 42,653 ألف طن، وبافتراض استمرار نفس نسبة الانخفاض في حجم المبيعات حتى نهاية السنة الحالية فإنه من المتوقع أن تبلغ حجم مبيعاتها بنهاية العام قرابة 46 ألف طن وهو مستوى مقارب لحجم المبيعات لعام 2011م البالغة قرابة 47 ألف طن. 

أما على مستوى مخزون شركات الاسمنت من مادة الكلنكر -مادة رئيسة في صنع الاسمنت- فقد بلغ مخزون الشركات من  الكلنكر بنهاية شهر سبتمبر من 2017م قرابة 34,743 ألف طن بزيادة قدرها 52.5% مقارنة بمستوى مخزون الكلنكر بنهاية عام 2015م البالغ 22,781 ألف طن. ونظرا لانخفاض الطلب وارتفاع مخزونات الكلنكر قامت العديد من الشركات خلال الفترة من 2016م وحتى سبتمبر 2017م بإيقاف عدد من خطوط الإنتاج والأفران كما هو موضح في الجدول التالي إلا أن هذه الإجراءات لم تمنع من زيادة مخزون هذه الشركات من مادة الكلنكر بنسب مختلفة.

شركات الاسمنت التي اتخذت إجراءات لتخفيض مستوى مخزون الكلنكر لديها

وأما على مستوى رفع أسعار الطاقة والكهرباء فقد تباين مستوى التأثير وفقا لإعلاناتها. فقد توقعت شركة اسمنت تبوك أن يبلغ حجم التأثير من 15 إلى 20 مليون ريـال بينما توقعت شركة اسمنت السعودية أن يبلغ حجم التأثير قرابة 68 مليون ريـال كما في الجدول التالي:

الأثر المالي المتوقع لزيادة أسعار الطاقة عند الإعلان (مليون ر.س)

وبالنظر لمستوى الأرباح لشركات الاسمنت في ظل هذه التحديات فقد شهدت جميع شركات الاسمنت المدرجة بالسوق السعودي انخفاضا بأرباحها لعام 2016 م مقارنة بعام 2015م حيث بلغ الانخفاض في أرباح شركات الاسمنت المدرجة بالسوق السعودي ما نسبته 23.55% وكانت أكثر الشركات انخفاضا بالأرباح شركة اسمنت نجران بنسبة انخفاض تقارب 51.21% أما أقلها فكانت شركة اسمنت الجوف بنسبة قدرها 5.59%. وعلى مستوى فترة التسعة أشهر من عام 2017م مقارنة بنفس الفترة من عام 2015م فقد بلغ الانخفاض في الأرباح لهذه الشركات ما يقارب 74%  وكانت أكثر الشركات انخفاضا بالأرباح شركة اسمنت نجران بنسبة انخفاض تقارب (104% ) أما أقلها فكانت شركة اسمنت الجوف بنسبة انخفاض قدرها 57.2% (وذلك بعد استبعاد شركة اسمنت ام القرى من الشركات الأقل انخفاضا في الأرباح لحداثة تشغيلها التجاري ) ولقد سجلت شركة اسمنت نجران وكذلك شركة اسمنت تبوك خسائر في التسعة أشهر كما هو موضح في الجدول التالي:

مقارنة حجم مادة الكلنكر والمبيعات والأرباح بين نهاية عام 2015م و 9 أشهر من 2017م (1)

ويلاحظ من الجدول السابق أن المبيعات انخفضت خلال فترة التسعة أشهر من عام 2017م بنسبة 46% مقارنة مع نهاية عام 2015م إلا أن الأرباح انخفضت بنسبة أكبر حيث بلغت تلك النسبة قرابة 74%. أن شركات الاسمنت مقبلة على تحديات إضافية من شأنها الضغط على هوامش ربحيتها وتتمثل هذه التحديات في: البدء في تطبيق ضريبة القيمة المضافة عام 2018م والتي قد تتحملها شركات الاسمنت في ظل انخفاض الطلب، بالإضافة إلى موجة أخرى متوقعة من رفع أسعار الطاقة، وكذلك رفع أسعار الفائدة والذي من المتوقع رفعها بمعدل مرة واحدة إضافية في عام 2017م وثلاث مرات في عام 2018م وبالتالي ستتأثر شركات الاسمنت ذات المديونية العالية، ومع بدء تسجيل شركتين اسمنت لخسائر فإنه من المهم أن تعمل هذه الشركات على خفض تكاليف انتاجها – وبما يتماشى مع الأنظمة المتعلقة بالتجارة والمنافسة – من خلال دراسة فكرة توقيع اتفاقيات بين شركات الاسمنت تقوم بموجبه شركات الاسمنت المنتجة لمادة الكلنكر بسعر مرتفع بإيقاف خطوط انتاجها بشكل مؤقت وشراء هذه المادة بأسعار مناسبة لها من الشركات المنتجة لهذه المادة بأسعار منخفضة وبحيث تستفيد جميع هذه الشركات بتقليل تكاليف الانتاج وتصريف المخزون المرتفع لديها، وكذلك دراسة جدوى تأسيس شركات الاسمنت بالمملكة لشركة للقيام بالأعمال اللوجستية والمشتركة لتقليل التكاليف كأعمال تسويق وبيع المنتجات، والنقل،…إلخ، بالإضافة إلى دراسة الاندماج بين شركات الاسمنت، وأخيراً من الجيد أن تقوم شركات الاسمنت بدراسة تكوين محافظ استثمارية والتوسع فيها بحيث تستهدف القطاعات ذات الارتباط الضعيف بقطاع التشييد والبناء وبما يساهم في التقليل من التذبذب في نتائجها.
هذا والله أعلم
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان