الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في كتاب ألفه (E-Staley) تحت عنوان ( Small Industry Development ) فـ أنّه يمكن اعتبار المؤسسة بأنّها صغيرة أو متوسطة إذا وجدت فيها خاصيتان من الخصائص الأربعة التالية: استقلالية الإدارة، فعادة ما يكون التنفيذيون هم أصحاب المؤسسة، وتعود ملكية المؤسسة و رأس مالها لفرد أو مجموعة من الأفراد، وأن تمارس المؤسسة نشاطها محلياً، إذ أنّ إحتياجاتها إلى السوق يمكن أن تمتد خارجياً، وأن تعتبر هذه المنشأة صغيرة الحجم، إذا ما تمت مقارنتها بالمنشآت كبيرة الحجم التي تمارس نفس النشاط.
وحقيقة المتابع لنشاط هيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة سيجد أنها أخذت خطوات كبيرة في فترة زمنية قصيرة بل ووضعت لها خارطة طريق في دعم القطاع من خلال القطاعات ذات الأولوية كالأنشطة العقارية والزراعه وصيد الأسماك، الإعلام والاتصالات، إمدادات التكييف والغاز والبخار، النقل والتخزين، التعليم، أنشطة صحة الإنسان والخدمة الاجتماعية، التصنيع والفنون والترفيه والاستجمام.
عندما نتحدث عن منظومة ريادة الأعمال Entrepreneurship Ecosystem فنحن نتحدث عن منظومة جزئية Micro وكلية Macro، والمنظومة الجزئية هي المنظومة المتصلة مباشرة بريادة الأعمال تدخل أو تتفاعل مع مكونات الأعمال الريادية ويعتبر وجودها أساساً لنمو وازدهار ريادة الأعمال، وتتكون من البحث العلمي والذي يعد منبع الأفكار الإبتكارية التي تولد منتجات وخدمات وأساليب داعمة لرفع الكفاءة الإنتاجية، كما أن الأسرة والأصدقاء يلعبون دور مهم في تنمية سمات ريادة الأعمال لدى الأطفال والنشء ويخلق الرغبة في إتخاذ ريادة الأعمال كمستقبل مهني. كما أن حاضنات الأعمال Business Incubator لها دور مهم في استضافة المشاريع المتوسطة والصغيرة في مراحلها التأسيسية وتعمل على رعايتها حتى تصل لمرحلة النضج من خلال توفير المعلومات اللازمة لإجراء دراسات الجدوى والخدمات اللوجستية من اتصالات وعلاقات عامة مما يوفر من تكاليف المشاريع وتحد من مخاطر فشلها فهي تعمل على تحويل الأفكار والإبتكارات إلى مشروعات اقتصادية منتجة من خلال تقديم عدد من خدمات التأهيل والدعم المادي والمعنوي والإرشاد والاستدامة لرواد الأعمال، كما أن رأس المال الجريء Venture Capital له دور مهم في الدعم المادي والمعنوي مثل المساهمة في رأس المال الأولي Seed Capital وهذه الاستثمارات تبحث عن الفرص الاستثمارية الناجحه وتدرس إمكانياتها وتتبع في العادة المراحل المختلفه لتطور الشركات، فبداية يكون الاستثمار في الأفكار وهي المرحلة الأولى وقد يكون بأشكال مختلفة وعادة يكون للأفكار المبدعه الجديدة التي لم تطرح في السوق من قبل الاستثمار فيها.
أما المرحلة الثانية يستخدم رأس المال لتطوير منتجات تلك المنشآت والتسويق أو البدء في المبيعات الأولية، ولكن بعض النماذج الاستثمارية في هذه المرحلة تقدم للمنشآت خدمات غير مادية كالتسويق والموارد البشرية وقد يأتي الاستثمار أيضاً في مراحل متقدمة لمنشآت بدأت بالفعل بالتشغيل الفعلي ولكنها لم تصل لمرحلة تحقيق الأرباح وبالتالي مساعدتها على النمو.
أما المنظومة الكلية فتعتمد على عدة عوامل منها العوامل الثقافية وسيادة الثقافة الريادية في المجتمع حيث تساعد السلوكيات الريادية كالمخاطرة والاستقلالية والانجاز في ظهور الإبتكارات والتغيرات الإيجابية في المجتمع. كما أن العوامل القانونية والتشريعية تهيئ البيئة المستدامة لريادة الأعمال التي تتصف بالمرونه، العوامل السياسية ، فالدولة تعطي اهتمام كبير لمبادرات المجتمع المدني والقطاع الخاص من خلال هيئة المنشآت المتوسطة والصغيرة والتركيز على أهدافها من منظور رؤية 2030، أما العوامل الاقتصادية فهي تساعد من خلال السياسات الاقتصادية في تنمية الاستقرار الاقتصادي مثل التحكم في نسب التضخم ومستوى أسعار مستقر وغيرها، أما سياسات الاقتصاد الجزئي فهي تسعى إلى تطوير ودعم المنافسة من خلال بيئة استثمارية صحية.
ومن أهم العوامل الاقتصادية الداعمة لريادة الأعمال التوسع في الصناديق الحكومية المانحة للقروض مثل صندوق الصناديق الذي دشنته السعودية وبنك المنشآت المتوسطة والصغيرة التي تسعى “منشآت” ووزارة التجارة للعمل عليه في المستقبل القريب، ولا ننسى أن البنية التحتية مهمة لنجاح ثقافة ريادة الأعمال وخاصة في السوق المحلي مثل وجود الكهرباء والمواصلات والطرق والبريد والنقل والخدمات المساندة كما أن توفر المعلومات الحديثه والدقيقه أمر ضروري لدعم ريادة الأعمال كالواحات التعليمية Science Park .
تعتبر مشكلة التمويل بوجه عام من أبرز المشاكل التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، وبالأخص في مرحلة الانطلاق، فكثيرا ما تعتمد على قدارتها الخاصة، أي على التمويل الذاتي، عن طريق الأموال الخاصة بالمؤسسين، أو على القروض العائلية، أو الاقتراض من الأصدقاء بناءً على علاقات خاصة تجمع بينهم، فالحصول على القروض المصرفية يستوجب – فضلا عن دارسة جدوى هذا الاستثمار أو المشروع- توفر الضّمانات اللازمة، والتي غالباً تكون غير متاحة، لكن معظم الدارسات المهتمة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ترى أنّ مشكلة التمويل لا تعود إلى عجز البنوك التجارية والمؤسسات المالية على تمويل هذه المؤسسات، بل في الحقيقة هي عدم الرغبة في تمويل المشاريع الصغيرة سواء عند نشأتها أو عند توسّعها أو من خلال نشاطها الإنتاجي، فالبنوك التجارية تفضّل المشروعات الكبرى الأكثر ربحية، وذات السمعة الجيدة، وذلك لضمان الوفاء بشروط الاقتراض وتقديم الضمانات.
ويعتمد نجاح قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أساسا على الأسلوب الذي تنتهجه الإدارة المحركة لهذا القطاع في تعاملها مع مديري المؤسسات، ويتوقف كذلك على مستوى التعاون بين العاملين ومرؤوسيهم، وهذا ما تفتقده مؤسساتنا، التي تتطور ببطء شديد، مقارنة بما تتطلبه التنمية الاقتصادية، فالمشكلة التي تعاني منها إدارة هذه المؤسسات هي مشكلة نظام، وليست مشكلة أشخاص.
ورغم أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واقتحامه ميادين متعددة (تجارة، صناعة، نقل، سياحة…)، إلاّ أنّ نقص المعلومات والافتقار إلى الخبرة التنظيمية والتنفيذية، يظهر واضحاً بالنسبة للظروف المحيطة بنشاط الصناعات الصغيرة والمحيط العام الذي يعملون فيه، كما أنّ جهل أصحاب المؤسسات وحصر طموحهم في حدود شؤون حرفتهم أو صناعتهم يجعلهم يتفاجأون بانخفاض أو ارتفاع الأسعار، كما يتعرّضون لنقص الخدمات أو يسقطون تحت سيطرة البائعين واحتكارهم للأسواق. بالإضافة إلى مشاكل أخرى كالوصول للأسواق والقوى العاملة وغيرها.
وعلى “منشآت” الاهتمام بالمنشآت المتوسطة والصغيرة القائمة والتي تشكل النسبة الأكبر من الناتج المحلي وليس فقط العمل على دعم المشاريع الناشئة، فالوصول إلى قطاع للمنشآت المتوسطة والصغيرة تصل قيمته في عام 2030 إلى 2.2 تريليون أي 35% من الناتج الإجمالي المقدر والذي يقدر اليوم بـ 0.5 تريليون أي 22% من الناتج الإجمالي ليس بالأمر السهل بل يحتاج إلى العمل على الموجود والقائم حالياً لتنشيط عجلة الإقتصاد ودعم المنشآت الحالية لمواجهة مرحلة التحول.
لذا لابد من العمل على دعم المنشآت المتناهية الصغر إلى صغيرة والصغيرة إلى متوسطة ووضع برامج تأهيل لترقيتها من خلال ترقية المحيط المالي والإداري، فالمال سواء كان نقدا أو على شكل ائتمان مفتاح أيّ مشروع يتمّ إنشاؤه، ولهذا يجب أن يحظى الجانب المالي بالأهمية والعناية اللازمة خاصة في كيفية توجيهه ومراقبته، ويكون ذلك من خلال: إنشاء بنك للمعلومات؛ يسمح للمؤسسة المالية والبنك بالمعالجة السريعة للملفات، وتخفيض المخاطر تجاه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء مؤسسة مالية متخصّصة في تمويل قطاع المؤسسات والصناعات الصغيرة والمتوسطة، واستحداث صيغ تمويل مفصّلة ومنظّمة حسب احتياجات هذا القطاع، وتقديم مزايا وخدمات إدارية ذات مستوى عالي تستجيب لواقع المرحلة الراهنة، وتأسيس مؤسسات، تنظيمات، آليات وأدوات للتمويل تتناسب مع الاحتياجات المتميزة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
كما يجب أن لا نغفل عن ترقية المحيط الإداري الذي يعتبر عامل مهم يساعد على تبسيط الإجراءات وتخفيف الطرق التي تعرقل احيانا بعض التطبيقات الميدانية لتشجيع وترقية استثمار الأنشطة الإنتاجية، كما ينبغي تنمية كل العمليات التي من شأنها تحقيق الفعالية فيما بين القطاعات. ولا ننسى أهمية الترقية على مستوى نظام المعلومات، ومن أجل تكوين مؤسسات حديثة النشأة لابد من إقامة “مشاتل للمؤسسات” لضمان ترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومن بين الأهداف المهمّة التي تسعى إليها هذه المشاتل هو تشجيع بروز المشاريع المبتكرة وٕإعطاء الدعم للمبتكرين الجدد وتطوير التعاون بين المؤسسات الجامعية والمحيط المؤسساتي.
كما تكمن أهمية المشاتل في أنّها تساهم في تقيّيم المشاريع مع أصحابها لتحديد وسائل تجسيدها ومساعدتهم لتحديد الشركاء الضروريين لتحقيق المشروع ( الشركاء الصناعيّون، التقنيّون، الاقتصاديّون، الماليون، التجاريون .. إلخ ). إن تأهيل المؤسسة يرتبط إرتباطاً وثيقاً بتأهيل المحيط، فتأهيل المؤسسة يشمل : تحديث التجهيزات وذلك لرفع الكفاءة الإنتاجية وكذلك تحقيق أكبر عائد بأقل تكاليف ممكنة، تنمية ثقافة التنفيذيين، وتطوير قدراتهم الفكرية والمهنية، رفع الكفاءة الإنتاجية والتحكم في التكاليف، القيام بالتدوير الوظيفي وكذلك تكوين التنفيذيين بطرق حديثة لمسايرة تطور تقنيات التنفيذ، استخدام التكنولوجيات المختلفة من اجل تحسين جودة المنتوجات ومطابقتها للمواصفات الدولية. ولابد أن تكون المؤسسة على دارية كاملة بحاجات العميل وكذلك السلع المناسبة، تعزيز التحالفات و الشراكات لإكتساب الخبرات، تأهيل المحيط القانوني والإداري وتبسيط الإجراءات واعتماد الشفافية والحوكمة، تحسين البنية التحتية والخدمات وتشمل كل من شبكات النقل والمواصلات و كذلك تهيئة المناطق الصناعية.
وباعتبار البنوك الأداة الأساسية لتنفيذ أو تجسيد أي برنامج اقتصادي و متابعته لهذا يجب تكييف قواعد تنفيذيها وفق احتياجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال إنشاء وحدات لمتابعة التنفيذ داخل المؤسسات المالية لتقدم الدعم المرحلي لتلك المؤسسات فالإستمرارية هي الضمان الحقيقي لتلك المؤسسات، وأخيراً تشجيع الإستثمار وذلك بتبسيط النظام الضريبي والقيمة المضافه وتشجيع الصادرات، ولابد من التعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لوضع قانون خاص للعمل والعمال تحت مسمى قانون المنشآت المتوسطة والصغيرة ليدعم ترقية تلك المنشآت مرحلياً، وعمل نماذج للسياسات الداخلية لضمان الإلتزام لتلك المنشآت ويضمن لها الاستمرارية.
وأخيراً لابد من تشجيع ثقافة العمل الحر وتبني مفهوم الاعلام الاجتماعي فالمؤسسات البطيئة في تبني التغيير، هي المؤسسات التي تعتمد على ردة الفعل وتنتظر نتائج المؤسسات الاخرى قبل تبني اية توجهات جديدة، كما ان استخدامها محدود لوسائل التواصل الاجتماعي من اجل الاعمال التجارية، فوسائل التواصل الاجتماعي تساعد في تحسين صورة المنشأة، حيث ان الصورة العصرية للشركات تعلن على شبكات التواصل الاجتماعي، والى جانب ذلك تسمح وسائل التواصل الاجتماعي بمزيد من التفاعلات المباشرة مع المتعاملين، وبالتالي تقوية العلاقة مع العملاء، والاستفادة من ملاحظات المتعاملين بشكل فوري، وخدمة المتعاملين بسهولة، وسرعة وتفاعلية، وفي تصوري ان الشركات الصغيرة على أرض الواقع هي كبيرة جداً على مواقع التواصل .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال