الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لقّد اصبحّ واقعنا يَنقسم إلى عالمين، الأول، عالم مادي Physically أصوله ملموسه كقطعة أرض أو عقار أو سياره أو ألبوم صور، وَ الآخر عالم إفتراضي Virtually أصوله لا ملموسه كصفحة فيس بوك أو موقع إلكتروني أو قناة يوتيوب أو صفحة تويتر أو حساب سناب شات أو انستجرام.
إنّ مسارات تدفق البيانات لا يهدأ فورانها وَ قد يطرح بعض التساؤلات حول مواضيع عدة فعلى سبيل المثال: من سيرث محتوى الأفراد وَ الأصول اللاملموسه ؟ وماهي آليات إنتقالها للوراثين ؟ وماهي شروط إدارتها والتصرف فيها؟ وما الحقوق المترتبه عليها ؟ وماهي طبيعة المسؤولية القانونيه والوطنيه من جانب الدوله تجاهها ؟
ان لهذا المحتوي الشخصي دور كبير في تقديم المعرفه المتنوعه ونشر ثقافه وتطوير الوعي وتغذية منظومات القيم الوطنيه والتاريخية والاجتماعية مما له انعكاسات مباشرة على المجتمع وتقضي الضروره لإنشاء مؤسسات جديده تتهم بمسؤلية الحفاظ علي الذاكره الوطنية الإنترنتيه، كيف كان الحال لو لم يترك لنا القدماء قبل عشرات الآلاف من السنين رسوماتهم البدائيه علي جدران الكهوف؟ الم تحفظها لنا الطبيعه كمصدر مهم لمعرفتنا المعاصره عن هويتنا الانسانية ولإعادة إكتشاف طبيعة وجودنا قبل التاريخ فالذاكره الإنترنتيه ماهي الا شكل اخر من اشكال ذاكرة الكهوف والذاكرة الورقيه (التاريخ) !
وقد تكون أولى هذه الخطوات التي اتخذتها المملكة للحفاظ علي أمنها المعلوماتي من خلال إنشاء الهيئه الوطنية للأمن السيبراني والتي تهدف إلى تعزيز حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغلية ومكوناتها من أجهزة وبرمجيات، وما تقدمه من خدمات وتحويه من بيانات لتستهدف صناعة وطنية في مجال الأمن السيبراني، فمن المهم في ذاكرة الإنترنت انه لم يعد بمقدور المنتصر ان يكتب التاريخ وحده بعد ما أصبحّ الحاضر والمستقبل موصول بكبسات أصابع المهزومين على شاشاتهم والذي قيل فيه Internet Dosn’t Forget ففي عصر المعرفه والثروه الصناعيه الرابعة والمستقبل اصبحت مواقع التواصل الإجتماعي هي المحرك الرئيسي لكثير من توجهات المجتمع والقرارات الإستراتيجيه، كما أنها أصبحت مساحة مهمة للأعمال والاعلام الجديد.
ومن اهم الحقائق عن مواقع التواصل الاجتماعي: الحقيقة الأولى تتمثل في عدد سكان العالم وهم 7.3 مليار شخص، عدد مستخدمي الانترنت منهم 3.17 مليار مستخدم، ومنهم 2.3 مليار ناشطين على السوشيال ميديا، أما الحقيقة الثانيه فأرباح مواقع التواصل الاجتماعي من الاعلانات في 2015 حوالي 8.3 مليار دولار أمريكي، أما في 2016 فأرباح الفيسبوك وحده من الإعلانات 6.8 مليار دولار منهم 1.53 مليار اعلانات انستجرام. اما بشكل عام فـ 32.91 مليار دولار كانت أرباح مواقع التواصل الاجتماعي في 2016.
أما الحقيقة الثالثه، فمن أعمارهم بين 55 لـ 64 عام يتفاعلون مع محتوى الشركات على صفحات السوشيال ميديا بمقدار الضعف عن اللذين أعمارهم أقل من 28 عام، والحقيقة الرابعه، هي أن 89.3% من عمليات البحث على الإنترنت تتم عن طريق محرك بحث جوجل، والحقيقة الخامسه، يوجد 1.3 مليار حساب على تويتر منهم 320 مليون فقط حساب فعال ، وحوالي 500 مليون زيارة شهرية لتويتر دون أن يكون هؤلاء الأشخاص لديهم حساب على تويتر، والحقيقة أن تويتر حتى الان لم يجاري التطوير رغم وجود جاك دورسي من أكتوبر 2015 كمدير تنفيذي دائم لتويتر على أن يبدأ التطوير ولكن على العكس لم يحدث تغيير يذكر! أما الحقيقة الأخيرة، فإنّ اكتر من 50 % من إستخدام يوتيوب عن طريق الأجهزة المحمولة.
العالم يتجه إلى الـ Microblogging platform “منصة المدونات الصغيرة” وهذا ما يُفسر صعود البرامج والتطبيقات كسناب شات وفيس بوك وانستغرام وتويتر وغيرها فكل الشركات تتجه لهذه البرامج التي تستطيع إيصال خدماتهم بشكل أسرع، فهي لا تساعد في توسيع سمعة المنتجات الى حد كبير فقط ولكن من الممكن تحويل المنتجات إلى فوائد اقتصادية مرموقة، فإذا تحدثنا عن هذه البرامج بلغة الأرقام سنجد أن هناك اقتصاد خفي مهدر قد يكون من أهم اقتصاديات المستقبل فمتوسط قيمة الإعلان لدى مشاهير السوشيال ميديا يقدر بـ 8500 ريال سعودي مقابل 6 اعلانات مثلاًً على تطبيق سناب شات مدتها دقيقة واحده فلو إفترضنا ان الـ Influencer يقوم بإعلان واحد يومياً فإن دخله الشهري لن يقل عن ربع مليون ريال، ومع وجود ما لا يقل عن 200 كمتوسط من مشاهير السوشيال ميديا في السعوديه، فإذا كان سوق إعلانات السناب شات وحده يبلغ حوالي 50 مليون ريال شهرياً، أي 600 مليون ريال سعودي سنوياً! فماذا عن بقية مشاهير البرنامج والتطبيقات الاخرى وماذا عن من تصل قيمة إعلاناتهم أضعاف هذا الرقم ومنهم من يتقاضي عن الاعلان الواحد من 15 ألف ريال سعودي وحتي 55 ألف ريال سعودي؟!
والحقيقة أن شركات و وكالات الدعاية والإعلان التقليديه تدخل في منافسة غير عادله مع مشاهير السوشيال ميديا التي يقع عليها عبء أجور ونفقات تشغيليه ورسوم ماليه وإداريه وتجديد تراخيص وإيجار مقرات مقابل العمل في مجال الإعلان في الوقت الذي يتمتع فيه مشاهير السوشيال ميديا والسنابيون والانستجرام بمزايا متعدده دون أن يكون عليهم أي إلتزامات! لذلك لابد من وضع آليات وقوانين لضبط وتقنين أنشطة مشاهير السوشيال ميديا لأن ممارسة عملهم بهذه الطريقة له إنعكاسات سلبيه على سوق الإعلانات بالسعوديه.
وعلى الرغم من نجاح مشاهير السوشيال ميديا في استقطاع نصيب من كعكة الاعلانات الا ان تأثيراتهم تبقى محدودة، فقياس هذا التأثير الإعلاني غير واضح إذ أنّه لا توجد دراسات علمية دقيقة ولا يزال طرق القياس تقليدية من خلال حجم المبيعات فقط بعد كل إعلان وهذا الطرق لا تهتم بها الشركات الكبيره لكنها قد تكون مرغوبه في الشركات الصغيرة التي لا تستطيع تحمل أو مواجهه تكاليف الإعلان عبر الوسائل التقليدية، ومع الأسف فإنّ السلوك الإعلاني لبعض المشاهير في تزكية المنتجات واستعراضها بأي ثمن ليضمن رضاء العميل حتى وإن كان ذلك على مصلحة المتلقي والمتابع، فلابد أن يضعوا في حساباتهم مراعاة المحاذير الاجتماعية والاخلاقية التي يتناسونها كثيراً.
فالإعلان لا يعتمد على مبدأ الكسب وإنما مبدأ الحاجة إلى توجيه وتوعية المستهلك والمتلقي عن كيفية إستعمال السلع والمنتجات والخدمات فالإعلان ليس ممارسه عشوائيه يمكن أن يمارسها أي هاوي وإنما علم فني وثقافي وإجتماعي يقوم علي تحليل السلوك الإستهلاكي ويتضمن تقييم لدوافع الإنسان ونفسيته وعواطفه وهو ما يعرف بـ “علم نفس الإعلان”.
ومن التأثيرات السلبيه لظاهرة السوشيال ميديا أنّها أفرزت هوساً لتحقيق الشهره خاصة بين صغار السن والمراهقين الذين إمتلأت حساباتهم بمقاطع عشوائيه دون أي محتوي ليصبحوا مشاهير ومحط أنظار النّاس حتى لو إضطروا لإستخدام إستراتيجية “خالف تُعرف” ورغم تحقيقهم مشاهدات عالية فإنهم لايزالون يحتلون مرتبة منخفضه في عقود الرعايه الطويلة مع الشركات الكبيرة لتخوف تلك الشركات من عدم قدرته على الإنتظام والإلتزام بأعمالهم فهم أفراد وليسوا مؤسسات.
وهنا تظهر الحاجه إلى وجود جهات مؤسسيه متخصصه تحتضنهم وتستفيد من مواهبهم أو وضعهم تحت إطار قانوني تحت وزارة التجارة بسجل تجاري وترخيص من وزارة الثقافة والإعلام تحت مسمى “إدارة الإعلام الجديد والإشراف على المحتوى” خصوصاً بعد أن تم فرض ضريبة القيمة المضافه على هذه الفئة ولتصبح هذه المهنة لها كيان واضح لتسهل محاسبة من يزاولها بعشوائية ويضر المجتمع ويعيش تحت اقتصاديات الظل فهي تجارة خفيه وقد تستغل من قبل البعض بصورة لا تليق.
إن أرباح الإعلانات من مواقع التواصل الإجتماعي ترتفع بشكل متسارع فلقد أصبحت تساوي 41 بليون دولار في العام 2017 مقابل 17.85 بليون دولار في العام 2014 وإذا علمنا أن أرباح مشاهير السوشيال ميديا تصل لأرقام مهولة حسب أعداد المتابعين التي تبدأ من 100 ألف متابع وتتدرج حتى 7 ملايين متابع فـ سناب شات والإنستغرام تتراوح أرباحهم من 5000$ وحتى 150.000$ ، واليوتيوب تبدأ الأرباح من 12.500$ وحتى 300.000$، أما تويتر من 2000$ وحتى 60.000$ فذلك يعني أن اقتصاديات مواقع التواصل الإجتماعي لابد أن تُستثمر بشكل جيد لتصبح مورد اقتصادي مهم وإيراد من الإيرادات الغير نفطية الغير مسبوقة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال