الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
المؤسسات والجمعيات غير الهادفة للربح تعتمد على سمعتها وسمعة القائمين عليها في جذب التبرعات والأوقاف، فالصورة الذهنية الإيجابية عنها مؤثرة بشكل كبير وتحتاج تحسين مستمر وعمل مكثف. وربما بعض المؤسسات لدينا لا تملك صورة مكتملة للعناصر اللازمة لتعزيز الثقة المأمولة عنها، وقد يرجع السبب المفصلي لها هو تذبذب ثقة الممولين لها وذلك لعدم معرفة نسبة العائد الخيري على الريال المتبرع به.
من خلال دراسة سابقة حول العائد الخيري على كل ريال يصل للجمعيات ذكرت أن ما بين 20% و40% فقط يصل للمستفيدين والباقي مصاريف، وهذا يجعل المتبرعين يعزفون عن التبرع لمثل هذه الجمعيات. ولا بد من خلق أدوات تساعد في عودة الثقة لها ومنها ووجود معايير حوكمة تظهر الإفصاح عن العائد الخيري للريال الذي سيجعل الجمعيات في سباق لزيادة هذه النسبة ويقلل من مصاريف توزيع التبرعات الخيرية والأنشطة الاجتماعية.
ولا مناص من تطبيق الحوكمة عليها لتعديل الصورة الذهنية، ونعني هنا بالحوكمة أن تكون هذه الجمعيات والمؤسسات أكثر كفاءة وفاعلية، وتصبح كذلك؛ عندما تتحقق مجموعة من التوافقات بين ثقافة المنظمة، سياساتها، نظمها ولوائحها وإجراءاتها ويكون هناك درجة عالية من الشفافية والوضوح.
في ملتقى حوارات تنموية الذي أقامته مؤسسة الملك خالد الخيرية بتاريخ 12/10/2016م، ذُكر أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بصدد إصدار لائحة لحوكمة هذه المؤسسات والجمعيات ولا شك أن الوضع الحالي يتطلب وضع لائحة لحوكمة الجمعيات الخيرية والاجتماعية، ومن وجهة نظري هذه اللائحة لها أهميتها الكبرى في تنظيم العمل في هذا القطاع ويجب أن تعطي هذه اللائحة:
1. المزيد من الشفافية بنشر تقارير المنظمة وأنظمتها ولوائحها ومعاييرها.
2. حماية حقوق المستفيدين، ومن ذلك ضرورة تواصل مجلس الإدارة مع المستفيدين للوقف على رأيهم في مستوى تقديم الخدمات.
3. وجود معايير لاختيار أعضاء مجلس الإدارة بحيث يضمن تنوع الخبرات التي تخدم مصالح المؤسسة.
4. وجود هيكل تنظيمي ودليل تنظيمي معتمد.
5. توضيح المهام والمسئوليات والصلاحيات بدقة.
6. توضيح كيفية التعامل عند ظهور المصالح المتعارضة.
7. لوائح إدارية دقيقة لكل مهام الجمعية أو المؤسسة.
8. لوائح مالية تفصيلية تضبط العمل المالي.
9. نظام للرقابة الداخلية يشمل أدوات رقابية متنوعة تحكم كل التصرفات في الجمعية أو المؤسسة.
10. الالتزام بقواعد للسلوك المهني للمنظمة.
11. تقارير دورية تبين كافة المصروفات والإيرادات.
12. نسبة الحد الأدنى للعائد الخيري من كل ريال يصل الجمعية أو المؤسسة.
13. قسم للمراجعة الداخلية يرتبط بمجلس ا لإدارة.
أيضاً من المناسب أن يكون هناك معايير للحوكمة لهذه المؤسسات والجمعيات الاجتماعية، فهي تحتاج إلى بناء ثقة من جديد، فحال المتبرع يقول أنا لن أتعامل مع أي جمعية تصرف أكثر من 25% من تبرعاتي على الجوانب الإدارية، وهنا نعود لأهمية العائد الخيري والاجتماعي على الريال. ونحتاج مقاييس دقيقة لأداء هذه المؤسسات فبناء الثقة يحتاج عمل إداري كبير وقد يكون لوجود إدارة للمراجعة الداخلية دور في هذا الاتجاه فوجودها الفاعل يعزز الحوكمة.
مؤشر العائد على الريال كما أسميه، أرى أنه نقطة انطلاق مهمة لمزيد من الثقة للجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية، لماذا؟ لأن المتبرع يعزف عن دعم الجمعيات الخيرية لاعتقاده أن جزء ليس باليسير منها يذهب للمصروفات الإدارية، وضخامة المصروفات الإدارية موجود على المستوى الدولي وفي المنظمات الدولية، فنسبة كبير من تبرعات الدول تذهب مصاريف إدارية، المملكة العربية السعودية أنشأت مركز الملك سلمان الإغاثي لتجاوز هذا الأمر ولإبراز دور المملكة الخيري والإنساني. كذلك الجمعيات عليها إبراز دورها في المجتمع من خلال رفع العائد الخيري للريال. ولعلي في هذا السياق أقدم مقترحاً لوزارة العمل أو المركز البحثية لتقديم دراسة سنوية لقياس العائد الخيري على الريال، لكل الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية بمسمى “مؤشر العائد الاجتماعي على الريال” أو “مؤشر العائد الخيري على الريال”.ونحن بحاجة إلى معايير ومقاييس دقيقة لهذا العائد، وبمعنى آخر نحتاج أن نحوكم هذا العائد.
في سياق ذلك دشّن وزير العمل والتنمية الاجتماعية شهر صفر 1439هـ منصة “مكين”، المتخصصة بتسهيل وصول العاملين في منظمات القطاع غير الربحي والمحاسبين القانونيين للأنظمة واللوائح والنماذج الخاصة بحوكمة القطاع غير الربحي، وهذه المنصة عبارة عن مجموعة من الأنظمة والأدوات والإجراءات والنماذج التي تم تطويرها من أجل ضمان التزام الجمعيات الأهلية بالمتطلبات النظامية وبمعايير الحوكمة. إذ أُصدرت عدد من الأدلة متعلقة بمنهجية الحوكمة الرشيدة ومعايير حوكمة الجمعيات الأهلية وما يتعلق بها من مؤشرات، كمعيار السلامة المالية ومؤشراته. ومؤشرات لقياس الأداء المالي، ومعيار المساءلة والشفافية ومؤشرات لقياسه، ودليل الحسابات الموحد للجمعيات الأهلية لتسهيل المقارنةوالإفصاح ومؤشرات لقياس ذلك ومعيار لنشر النتائج مع مؤشرات للقياس.
أعتقد أن ما عمل في “مكين” يستحق الإشادة، وعلى المسؤولين في الجمعيات الأهلية والمؤسسات الاجتماعية المبادرة بتطبيق هذه المعايير كسباً للوقت وكسباً للثقة، التأخر في التطبيق ستكون آثاره غير مجدية وستسحب الجمعيات المطبقة له البساط من الجمعيات الأخرى، وآمل من ممولي الجمعيات والمؤسسات الأهلية اشتراط تطبيق هذه المعايير لتقديم التبرعات.
التثقيف بأهمية تطبيق هذه المعايير مسؤولية الجميع، لعل الله يطرح فيها الشفافية ومن ثم المسائلة لنرفع مستوى الثقة في جمعياتنا الخيرية ومؤسساتنا الاهلية لكي تنمو وتتطور وتقدم الخدمات المأمولة منها.
ووفق الله الجميع لخدمة هذا الوطن،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال