الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أطلقت المملكة خطتها لتحفيز القطاع الخاص، والذي خُصصت له 200 مليار حتى عام 2030، منها 72 مليار و 120 مليون لـ دعم القطاع الخاص من خلال 17 مبادرة للمرحلة الأولى من عام 2018 وحتى عام 2020، فالخطة تتعدى كونها خطة لتحفيز القطاع الخاص إلى تحفيز بيئة الأعمال وعواملها جزئياً وكلياً وتعمل على تكامل الأدوار بين الوزارت والهيئات المعنية لتشكل خطة متكاملة والأهم التنفيذ ثم التنفيذ ثم التنفيذ والرقابة والتقويم، وننتظر في الأيام القادمة الخطط التنفيذية لتوضيح كل مبادرة والمستفيدين منها بشكل أكبر.
لذا لابد على القطاع الخاص من المضي قدماً في شراكته مع الدولة من خلال العمل على مواكبة مرحلة التحول والتفاعل مع الدعم الحكومي الذي يعمل على خلق بيئة اقتصادية تتمتع بالكثير من الإبداع والإبتكار ومحاكاة المستقبل لذا لابد من تغيير استراتيجياتها لتواكب صناعة التنمية، وقد تفرض مرحلة التحول ان يكون القطاع الخاص أكثر حكمة في ترشيد سياساته بما يضمن رفع كفاءته الإنتاجية وتخفيض تكاليفه وبالتالي عليه أن يتخذ استراتيجيات توسعيه بنمط مختلف.
وأقصد هنا التوسع في تواجده والوصول إلى العملاء من خلال الإهتمام بالبنية التحتية الرقمية وبناءها للتوسع إلكترونياً من خلال التحول إلى الإقتصاد الإلكتروني واستغلال المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل فدائماً ما أذكر أنه حتى أصغر المؤسسات تصبح كبيرة على الفضاء الإلكتروني فلقد تغير مفهوم التجارة التقليدية وأصبح مفهوماً مختلطاً بين التجارة الإلكترونية الكاملة كالشركات التي نجحت في خلق اقتصاد قوي إلكترونياً او اقتصاد إلكتروني جزئي بين التواجد على ارض الواقع والتواجد الإفتراضي.
فالعلاقات بين المشتركين على الشبكات الإلكترونية اتخذت اشكالاً مختلفه فهي إما شركة إلى شركة B2B او شركة لمستهلك B2C او مستهلك لشركة C2B او من قسم لقسم داخل الشركة الواحدة Intra-Business او من الشركة إلى موظفيها B2E او من مستهلك لمستهلك C2C او تجارة تعاونيه C-Commerce او من الحكومة إلى مواطنيها او إلى الشركات E-Government.
فالتجارة الالكترونية صناعة ناشئة بالمملكة، وتأتي بالتوافق مع الرؤية المستقبلية 2030، حيث حققت العام الماضي نموا جيداً، وذلك عائد لإرتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة من 19.6 مليونا إلى 24 مليونا ما بين عامي 2014 و2016، وفقا لتقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات عن الربع الثالث لعام 2016.
كما أن متوسط إنفاق المتسوق السعودي التقليدي عبر الإنترنت خلال العام الماضي (2016) بلغ 4 آلاف ريال (1.06 ألف دولار) كما أوضحت بيانات الشبكة السعودية للمدفوعات «مدى».
إن عام 2015 شهد تسجيل أكثر من 1.1 مليار عملية مالية بقيمة إجمالية فاقت 626.3 مليار ريال، بمتوسط عمليات شهري يفوق 52 مليار ريال، من خلال أكثر من 17 ألف صراف آلي وما يزيد على 225 ألف جهاز نقاط بيع تنتشر في مختلف أنحاء المملكة وشكّلت التجارة الإلكترونية ثلثي إجمالي إنفاق التجارة الإلكترونية في المملكة، حيث استحوذت الخدمات المرتبطة بالسفر على الحصة الأكبر من فئة الخدمات.
كما أن سوق التجارة الإلكترونية السعودية تمر بطفرة نمو كبيرة، ولابد أن نؤكد أن تطوير قطاع التجارة الإلكترونية السعودي يتوقف على تنفيذ عدد من المبادرات والاستراتيجيات التي ستسهم في تنوع الاقتصاد، ودعم إجمالي الناتج المحلي (GDP)، وإيجاد فرص عمل، وجذب استثمارات، وكذلك دعم ريادة الأعمال والإبتكار، إضافة إلى تقوية الصناعة المحلية، كما أن تحقيق الإستفادة القصوى من منظومة التجارة الإلكترونية الناشئة في السعودية مرتبط بدعم وعي المستهلكين، وثقتهم بالتجارة الإلكترونية، ومنظومة الخدمات اللوجيستية والمدفوعات، والبنية التحتية للاتصالات، وسجّل العام الماضي نمواً كبيراً في عدد أجهزة نقاط البيع لدى منافذ الدفع بنسبة 62% مقارنة بالعام الذي قبله.
إن التجارة الإلكترونية ليست قطاعاً اقتصادياً واضح المعالم بعد، فالتجارة الإلكترونية حتى الآن ليست سوى “أڤاتار” الأسواق، أي أنها مبادرات إلكترونية للتبادل السلعي والمقايضة، وتحتاج هذه الأسواق الافتراضية إلى أن تتحول إلى صناعة قبل أن نعتبرها قطاعا اقتصاديا، فما أضافته الأسواق الإلكترونية إلى العالم حتى الآن هو فضاء خالي من الإجراءات المعقدة لبناء مكان لإلتقاء البائع مع المشتري، دون شروط مسبقة، ولأن الأصل في النمو الاقتصادي هو الحرية، فقد وجد المتعاملين في التجارة الإلكترونية حرية واسعة وتنافسية حقيقية دون قيود حكومية أو رقابة مؤسسية أو بعد مكاني، بل حتى عدم القدرة على الملاحقة الضريبية، أو الرسوم الإدارية.
ولكن السعودية من خلال هيئة الزكاة والدخل أعلنت مؤخراً أن عمليات البيع والشراء في المتاجر الإلكترونية، ستخضع لضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، ابتداءً من مطلع يناير 2018، كما ان وزارة التجارة وضعت ضوابط للتجارة الإلكترونية والمنصات ولكن تظل أصعب المراحل في التجارة الإلكترونية قائمة على بعدين: الأول صعوبة التقايض، والثاني صعوبة تسليم السلع الحقيقية، أو لنقل صعوبة الانتقال من الاقتصاد الافتراضي إلى الاقتصاد الحقيقي. فالتقايض حتى الآن يواجه عقبة التحول من العملة الحقيقية النقد “الكاش” إلى العملة الإلكترونية، وتسليم السلع يواجه صعوبات لوجيستية كثيرة.
وأوضح تقرير لـ “عرب نت” أن السعودية تعتبر الثانية عربيا في نسبة السيدات العاملات في القطاع الرقمي بعد الإمارات، حيث وصلت نسبة السيدات نحو 24 في المائة في المملكة و44 في المائة في الإمارات و23 في المائة في لبنان مما يؤكد أن مستقبل الإقتصاد الإلكتروني والرقمي له دور كبير في الإقتصاد الكلي.
لذا لابد من استراتيجية وطنية لتحفيز شباب وشابات الأعمال والمنشآت المتوسطة والصغيرة للتوجه إلى العمل من خلال المنصات الإلكترونية والمتاجر والتطبيقات بحيث تكون جزء مهم من البناء الإستراتيجي لتلك الأعمال، فلا يكفي أن نكون مستهلكين للتقنية بل لابد أن نصبح مصدرين لها فأكبر الإقتصاديات على مستوى العالم تعمل من خلال بيئة افتراضيه وتخدم الملايين من العملاء دون أن يكون لديها عدد كبير من الموظفين أو فروع متعددة فهي تعد من الشركات الكبرى والضخمة على مستوى العالم وهي في حقيقة نموذجها التجاري منشأة صغيرة.
وقد تكون هذه من أهم القطاعات التي تخدم عمل المرأة وتسهل من دخولها قطاع الأعمال دون عوائق مجتمعية أو جغرافيه وتساعد على تمكينها اقتصادياً وتتعدى مرحلة كونها فقط تملك حساب في مواقع التواصل لتنطلق إلى تصدير فكرها وخدماتها ومنتجاتها إلى العالم فالصادرات الفكرية قد تصنع بنية إقتصادية قوية تستطيع أن توظف فكر الشباب والشابات بعيداً عّن الإسفاف الذي نراه على مواقع التواصل ونعيد صياغة اقتصاد السوشيولوجيا ليصبح قطاع مهم يخدم المجتمع والإقتصاد.
وأخيراً لابد من تفعيل دور التحكيم الإلكتروني الذي يُعد تنقية وتأمين لبيئة العمل الإلكتروني، وما يتصل بها من خلال تسوية أو حل المنازعات الإلكترونية القائمة وتقديم الخدمات الاستشارية التي من شأنها منع حدوث المنازعات من أجل مجتمع رقمي فعّال، فنمو الاقتصاد الرقمي عامل رئيسي لازدهار التحكيم الإلكتروني، حيث يسيران في خط متواز، فالاقتصاد الرقمي والتحكيم الإلكتروني يهدفان إلى تحسين الأداء وتقليل التكاليف عبر الاعتماد على الوسائل التقنية الرقمية في المعلومات.
فصياغة السعودية لرؤيتها الإقتصادية 2030 تعتمد على الأدوات الرقمية لاستخدامها كوسيلة لتعزيز كفاءة البرامج والمشاريع الحكومية ونقل الخدمات الحكومية من النمط التقليدي إلى النمط الرقمي فتطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون مطلع العام القادم 2018 سيسهم بلا شك في نمو الاقتصاد الرقمي، فتطبيق الضريبة يعني أنه ستكون هناك أرقام لحجم الضريبة مقابل حجم استهلاك السلع وتفاصيل رقمية عن أنواع السلع المستهلكة، وبالتالي ستكون هناك مؤشرات واضحة مثل مؤشر سعر المستهلك إلى جانب مؤشرات عن حجم الإنفاق الإعلاني عبر الإنترنت وتحسين محاور الحوكمة: الابتكار، والشفافية، ومؤشرات الاقتصاد المعرفي مما سيعزز من قدرة الشركات والمؤسسات للدخول في الاقتصاد الرقمي بشكل أكبر في المستقبل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال