الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا يمكن للإنسان أن يعيش خارج الزمن إلا إن فقد عقله ، وكذلك إن عاش في أكثر من زمان لابد أن يكون فاقدا لعقله أيضا ، والمجتمع السعودي في طريقه لفقد عقله لأنه مضطرا للعيش بين زمانين مختلفين ، أحدهما لحياته الإجتماعية والخاصة والأخر لحياته العملية والمالية .
تستطيع كل دول العالم الإعتماد على أي تاريخ تريده لنفسها خصوصا التاريخ المرتبط بميلاد المسيح عليه السلام ، إلا المملكة العربية السعودية التي يجب أن يكون التاريخ الهجري القمري تاريخها الرسمي . فأهم الأحداث السنوية التي تحكم حياة المجتمع والحكومة مرتبطة بذلك التاريخ ، والتي حولها تتحرك بقية حياتهم الخاصة والعامة ، فالحج والصيام وكل ما يتعلق بهما من عبادات وأنشطة مرتبط بالتاريخ الهجري القمري الذي لا يمكن الإنفكاك منه مطلقا .
والحياة العامة للمجتمع إرتبطت إرتباطا وثيقا بالحدثين السابقين سواء الحياة الإجتماعية أو الحياة العملية وخصوصا التعليمية منها . ولا يمكن بحال فصل حياة الناس الإجتماعية والعملية عن حدثي الحج ورمضان ، من هنا أصبحت علاقة المجتمع السعودي بالحج ورمضان علاقة تلازم تفرض عليه العيش في ظل التاريخ الهجري القمري .
بعد صدور قرار ربط صرف الرواتب والأجور في القطاع الحكومي بالتاريخ الميلادي وقع التضاد بين الزمن الذين يعيشه المجتمع في حياته الخاصة والعامة وبين مصدر دخله . فبداية المدارس والإجازات والمناسبات الإجتماعية والأعياد وإجارات السكن ومعظم الرسوم التي يجب عليه دفعها مرتبطة بالتاريخ الهجري ، في المقابل دخله المادي التي ينفق منه على كل تلك المتطلبات يتم بالتاريخ الميلادي . والجمع بين التاريخين من المستحيلات والفرق بين إلتزامات المجتمع المادية وبين حصوله على الدخل الذي يقابل تلك الإلتزامات قد يتجاوز عشرة أيام ، وذلك الفارق الزمني يربك ميزانية الأسرة وقدرتها على تدبر نفقاتها دون الوقوع في ضائقة مالية من جانب وإحراج الدائنين من جانب أخر .
بقاء الفجوة الزمانية بين إلتزامات الأسر المرتبطة بالتاريخ الهجري ودخولها المرتبطة بالتاريخ الميلادي سيزيد من ضغوطها المالية ، خصوصا بعد تطبيق الإصلاحات الإقتصادية القادمة التي ستحد كثيرا من قدرة كثيرمن الأسر على الإدخار لتغطية تلك الفجوة الزمانية ، ولابد من إجراءات عملية لتجسير تلك الفجوة للتخيف من أعباء الأسر عند تخطيط الميزانية الشهرية أو التفكير في تدبر النفقات .
ومن يظن أن حساب المواطن يستطيع سد تلك الفجوة فهو واهم أولا لأنه أقل بكثير من الزيادات المتوقعة في نفقات الأسرة نتيجة الإصلاحات ، ولأنه مخصص لمقابلة الزيادة في أسعار الطاقة ، وأخيرا لأنه مرتبط بالتاريخ الميلادي أيضا .
لكل لذلك يجب أن تعمل الحكومة على سد الفجوة بين الزمانين الذين يعيشهما المجتمع السعودي ، فهي أقدر من المجتمع على تحمل الفرق بين التاريخين الهجري والميلادي .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال