الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“Never invest in any idea you can’t illustrate with a crayon “ هذه القاعدة الذهبية وتعني “لا تستثمر في فكرة لا تستطيع ان تفهمها وتشرحها بوضوح” وهذه المقولة لاحد افضل مدراء صناديق استثمارات الأسهم بيتر لينش “ Peter Lynch “ في كتابه الممتع Beating the street وقد التقيت معه عندما كنت اتدرب مبتعثا من بنك الرياض في شركة Fidelity Investments.
قبل سنوات وفي اثناء عملي كمدير لأول صندوق للاسهم السعودية “صندوق الرياض 1” كانت هذه القاعدة حاضرة في ذهني. ولاحظت ان فهمنا للشركة المراد الاستثمار فيها ومنتجاتها ومصادر دخلها والعوامل التي تؤثر على هذه الدخل ودينامكية نموذج أعمالها لا يساعدنا فقط على اتخاذ قررات اكثر جرأة بل ساعدنا كثيرا على بناء الثقة مع عملاؤنا المستثمرين وتنمية الاعمال معهم .
وبطبيعة الحال لم تكن هذه القاعدة الذهبية هي العامل الوحيد في اختيارنا الشركات فقد كانت هناك عوامل أخرى مثل مؤشرات التقييم والتي تتضمن مكرر الأرباح ومكرر القيمة الدفترية وهامش الربح ومعدل النمو ومدى قوة المركز المالي للشركة بالاضافة الى العوامل الاجرائية مثل وزن الشركة في المؤشر ومقدار المخاطر المسموح بها مقارنة بمؤشر القياس وسياسة الصندوق او المحفظة ولكن مازلت شركتان عالقتان في ذهني هما شركة الخزف والبنك السعودي للاستثمار -اتخذنا فيمها قرارا جريئا بزيادة وزنهما في الصندوق بشكل كبير جعل اداؤنا في المقدمة, فقد تمكنا من خلال تحليل الشركتين واجتماعتنا مع إدارتيهما أن نكون صور واضحة عن مصادر الدخل والعوامل المؤثرة في ربحيتهما.
مازلت أتذكر كيف ساهم ادخال الغاز كوقود في تحسين ربحية (شركة الخزف) بشكل كبير , ويمكنني القول بأن تطبيق القاعدة الذهبية ساعدنا كثيرا في اتخاذ قرار جريئ وكذلك ان يكون ادؤنا في الطليعة.
من المهارات التي اكتسبتها واحببتها “التدريب ” فقد قدمت العديد من الدورات التدريبة , وعند اعتزالي العمل الوظيفي كان من احد اهدافي ان ادرب ابني علي وحسن على إدارة محافظ الأسهم , ولان عمرهما صغير نسبيا فهما في الصف الثاني متوسط فهما ليس عندهما فكرة عن القوائم المالية بعد وتحليلها ولا عن مبادئ الاستثمار وطرق تقييم الأسهم , قررنا ان نبدا من تطبيق القاعدة الذهبية, الاستثمار فقط في الشركات التي يعرفون مصدر دخلها ومنتجاتها وقد بدات المحفظة بـ 8000 دولار بعد مضي سنتان ادهشني الأداء الجيد التي حققته المحفظة حيث بلغ متوسط الأداء السنوي 12.5% ولكن ما ادهشني اكثر هو منهج التفكير استنادا على القاعدة الذهبية فمثلا اشتروا شركة “Tencent وكان تبريرهما بان يلعبا لعبة “ Honour of Kings and cross Fire “وكثيرا من اصدقائهم يلعبون نفس اللعبة .
حبهم للعبه اثار عندهما العديد من الاسئلة مثل من هي الشركة التي تطور هذه اللعبة؟ وهل هناك ألعاب رقمية أخرى تطورها ؟ وهل ايردات الألعاب الرقمية في نمو ؟ وهل تمثل جزء كبير ومهم من إيراداتها ؟ وكم حصتها السوقية من الألعاب الرقمية؟ هذه الاسئله شكلت نقطة انطلاق للبحث و تجميع البيانات لتكوين فكرة واضحة عن الشركة.
ان اليبانات والمعلومات التي تم تجميعها زادت رغبتهما في شراء أسهم الشركة فقد اكتشفا ان الشركة هي أكبر شركة على مستوى العالم من ناحية ايردات الألعاب الرقمية كما هو واضح من الشكل (3) حيث تمثل إيرادات ألعاب أجهزة الكميبوتر والموبايلات الرقمية الجزء الأكبر من ايرادتها كما هو واضح من الرسم البياني رقم (1) و ان سوق الالعاب الرقمية كبير وينمو بمعدل 6.2% كما ان عدد الذين يلعبون الألعاب الرقميه حوالي 2.2 مليار لاعب ويحققون 108.9 مليار دولار سنويا وفقا لموقع Newzoo.
شكل رقم (2) يوضح تطور سعر أسهم الشركة خلال 5 سنوات الماضية ونلاحظ ان هذا التطور في السعر يدعمه نمو في الايرادات، وقد لفت نظري الى ان جاذبية الشركه لا تكمن في نمو الإيرادات بل بتنوعها فالإعلانات بدأت تشكل احد روافد الايرادات وهي في تنامي وكذلك الإيرادات الأخرى , وقد توصلا الى نتيجة ملخصها اذا كانت الشركة تخدم اكثر من 500 مليون مستخدم .فهناك فرصه لنمو الايرادات من الإعلانات بشكل كبير على غرار شركة Google .
على الرغم من بساطة القاعدة الذهبية- افهم الشركة التي تستثمر فيها فان نتائجها جيدة خصوصا اذا كانت القاعدة الذهبية هي محور اطار تقيم واختيار اسهم المحفظة وقد أشار Peter Lynch إلى فعالية هذه القاعدة الذهبية عندما أشار الى تجربة St. Agnes fund department حيث يتم تقسيم الطلاب الى مجموعات كل مجموعة اربع طلاب ويطلب من كل مجموعه إدارة مبلغ افتراضي قدره 250000 دولار وفقا لضوابط محددة مثل ان تضم المحفظة على الاقل 10 شركات منها شركتان توزع أرباح ومعرفة منتجات الشركة ومصادر إيراداتها – أي تطبيق القاعدة الذهبية.
بعد سنتين من التدريب على استخدام القاعدة الذهبية من قبل الأبناء , استطيع القول بان نتائج التجربة كانت رائعة على صعيد الأداء المادي والتحصيل المعرفي وبناء الثقة . فقد حققت المحفظة عائدا اكثر من 25% خلال سنتين .اصبح متابعة سوق الأسهم ومتابعة أداء المحفظة و الشركات المستثمر فيها جزءا من هواياتهم مما زاد من رصيدهم المعرفي واصبحوا اكثر شغفا بتعلم إدارة الأعمال والمحاسبة والتحليل المالي . وهناك بعدا اخر جعل هذه التجربة رائعة , هذا البعد يتمثل في قدرتهما على إثارة الاسئلة الصحيحة وتطوير مهارات البحث للاجابة على هذه الأسئلة وعمل المقارنات بين أداء الشركات مما اعطاهم نافذة على كيف تطور الشركات استراتيجتها؟ وماهي المنتجات الجديدة؟.
لقد توصلت الى نتيجة مهمة وهي الايمان بقدرات الجيل الجديدة وتدريبهم وتوجيههم مع ترك مساحة كبيرة لهم لاتخاذ القرارات حينها سنحصل على نتائج مدهشة.
املي ان تبدا كليات الاعمال بتجربة القاعدة الذهبية مع طلابها في مختبرات الادارة المالية .. فهل يتحقق الامل ؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال