الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كما كان العام 1938 عام النفط الذي غير الإنسان والمكان في المملكة العربية السعودية فالعام 2018 عام ضريبة القيمة المضافة ،الذي سيجعل ما بعده غير ما قبله وسيكون تاريخيا لحياة مختلفة تماما .
أيام ويبدأ تطبيق ضريبة القيمة المضافة ، أيام ويدخل المجتمعالسعودي وضع مالي مختلف تماما لم يسبق لهم التعامل معه. وذلك الوضع يجهله معظم أفراد المجتمع ، وقد سمعت كثيرا من آراء الناس عن ضريبة القيمة المضافة وأطلعت على بعض المقالات والتغريدات التي تحدثت عنها ومعظم ما سمعته من الناس وكثير مما قرأته يدل على جهل تام بطبيعة الضريبة وآليتها فضلا أن تكون لهم معرفة بآثارها المباشرة وغير المباشرة .
بالتأكيد أن المجتمع السعودي بما فيهم المختصين يجهلون الآثار الكاملة لتلك الضريبة على المدى المتوسط والطويل ، والتطبيق الفعلي سيكشف الكثير من الأمور للمجتمع والمختصين وصانعي القرار . وسيتعلم المجتمع بالتجربة والخطأ وعن طريق الممارسة كيف يتعامل مع مختلف الضرائب بما فيها ضريبة القيمة المضافة؟ ، لكن لابد من حد أدنى من المعرفة لضريبة القيمة المضافة وآثارها وطريقة التعامل معها قبل ومع بداية التطبيق الفعلي ليتفادى المستهلك الآثار المؤلمة للضريبة .
ضريبة القيمة المضافة ضريبة غير مباشرة تؤخذ عند الشراء فقط وهذه الميزة الوحيدة فيها قد تساعد على تفادي الكثير من الضرائب لمن يجيد تقنين إستهلاكه ، وهي ما سيركز عليه هذا المقال .
بعض السلع والخدمات معفاة من الضريبة والبعض الأخر ضريبته صفرية ، وفي الحالتين لا يتحمل المستهلك أي ضريبة على تلك السلع والخدمات فالأولى ليس عليها ضريبة والثانية الضريبة فيها مستردة ،ويجب أن يتعرف المستهلك على تلك السلع والخدمات ، والموجودة في قائمة كاملة بموقع ضريبة القيمة المضافة التابع للهيئة العامة للزكاة والدخل . كما أن الهيئة ستصدر أدلة تفصل فيها ضريبة كل قطاع من القطاعات التي تشملها الضريبة، والمستهلك الرشيد يجب أن يعرف تلك الضرائب بنفسه ولا ينتظر أن يخبره بها أحد خصوصا في ظل سهولة الحصول على المعلومة .
نسبة الضريبة 5٪ على كل عملية بيع أي أن السلعة لن تصل للمستهلك إلا وقد فرض عليها الضريبة أكثر من مرة ، لذلك لن تقل تلك النسبة عن 12٪ ، وقد تتجاوز 20٪ في بعض الحالات . لذلك إرتفاع الأسعار ليس مرتبطا بنسبة الضريبة فقط بل ومرات فرض الضريبة عليها، وبزيادات مختلفة بين السلع .
الحالة السابقة تجعل من الضروري للمستهلك أن يبحث عن المكان الأفضل لشراء سلعه ، أولا لأن السعر النهائي من مكان لمكان سيكون مختلفا بسبب إختلاف تكلفة الشراء وقيمة الضريبة المضافة على السلعة . ولأن بعض التُّجار سوف يستغل فوضى فرض الضريبة ليزيد من أسعاره دون ضابط خصوصا في السلع غير المشهورة. فمقارنة أسعار السلع في أكثر من محل يكشف للمستهلك السعرالحقيقي للسلعة والأفضل له .
لا توجد سلعة أو خدمة ليس لها بديل ، والمستهلك الواعي ينظر للبدائل الأخرى التي تخفف عنه الضغط المالي . والبدائل في الغالب لا تقل جودة عن السلع المفضلة لدي المستهلك . وإنخفاض السعر ليس بالضرورة إن يكون إنخفاضا في الجودة ، فكثير من أسباب إرتفاع الأسعار ليس له علاقة بجودة السلعة .
نظرا لعدم وجود نظام محاسبي قوي يمكن بواسطته الفصل بين سعر السلعة والضريبة المضافة لها ، فإن السلع ستعرض للمستهلك مشتملة على الضريبة ، ولهذا القصور المحاسبي الكبير مشاكل مختلفة منها سهولة الكذب على المستهلك وإضافة مبالغ أكبر من قيمة الضريبة لسعر السلعة . لكن المشكلة الأكبر أن المستهلك لن يفرق بين الضريبة والتضخم وهو ما يدفعه للشراء دون وعي بسعر السلع الحقيقي . وكشف بسيط للمشتريات بأسعارها سيظهر للمستهلك تغير أسعار السلع والخدمات التي يقوم بشرائها ، وذلك الكشف سوف يظهر للمستهلك الكثير من الأمور عن حركة الأسعار وتباينها .
ولأن السوق السعودي سوق حر لا تقوم فيه الحكومة بتحديد الأسعار، ولأن الرقابة على الأسعار عملية صعبة جدا ومعقدة فإن الحكومة لن تراقب سوى بعض السلع الضرورية جدا أما بقية السلع والخدمات فإن المستهلك هو المسؤول الأول عن الرقابة عليها . وأفضل عمل يقوم بها المستهلك هو ترك السلع المبالغ في أسعارها لصاحبها الذي لن يجد أمامه سوى ترك السوق أو تقديم الأسعار المناسبة لقدرات المستهلكين والمتوافق مع أسعار السوق الطبيعية .
ضريبة القيمة المضافة ستطبق بالتزامن مع تطبيق التسعيرات الجديدة للطاقة وهذا يزيد من صعوبة معرفة أثر الضريبة على الأسعار في ظل التضخم الذي سيسببه ارتفاع أسعار الطاقة . لذلك تقنين المستهلك لمشترياته والتحكم فيها مسألة ضرورية جدا ، مثل التخلص من السلع والخدمات غير الضرورية ، والتقليل من السلع والخدمات الأخرى . وهو بذلك سوف يخفف من وطأة ضريبة القيمة المضافة وارتفاع أسعار الطاقة .
اعتقد أن ضريبة القيمة المضافة رغم ما لها من مضار على حياة المواطن فإنها تمثل فرصة للتخلص من الكثير من العادات الإستهلاكية السلبية ، وتنظيف سوق السلع والخدمات من السلع والخدمات الردئية .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال