الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
دخَلَ متسابقان من دولتين مختلفتين سباق عدو ، وبعد إنتهاء السباق تناول الإعلام نتائج ذلك السباق ، فقال إعلام الدولة التي حقق عداءها المركز الأول (حققنا المركز الأول و فريق ….. يقبع في المركز الأخير) ، أما إعلام الدولة الأخرى فقال في نقل الخبر ( حققنا المركز الثاني وفريق ….. يرزح في المركز ما قبل الأخير) . كلا الإعلامين قال الحقيقية وبالإرقام وكلاهما خدع جمهوره . تلك هي حقيقة الإحصاءات الاقتصادية .
يُفترض إن تُستخدم الإحصاءات الاقتصادية لإظهار الواقع الاقتصادي لبلد معين ، وتلك الإحصاءات قد تكون صادقة وواقعية تماما إذا عبرت عن الواقع كما هو بنسبة خطأ محدودة نتيجة الأخطاء الطبيعية في العمليات الإحصائية والحسابية .
وقد تكون الاحصاءات صادقة في إعدادها لكن طريقة تناولها أو عرضها للجمهور من قبل المسؤولين عنها مخادعة بحيث تظهر على غير حقيقتها ، إما بالمبالغة فيها إيجابا أو سلبا . وتلك الإحصاءات يستطيع المختصون إدراك دلالاتها الحقيقية ، ويستطيعون من خلال بحوثهم وكتاباتهم إعادتها لواقعها الحقيقي أيا كان ذلك الواقع .
أما أخطر الإحصاءات فهي الإحصاءات الكاذبة تماما وذلك الكذب قد يكون متعمدا أو غير متعمد . وللكذب في الإحصاءات حالات مختلفة ؛ فقد يكون الكذب أثناء وضع الفرضيات التي سيتم على أساسها جمع البيانات ، وتلك الفرضيات ستغير أساس البيانات وبالتالي كل النتائج التي يمكن استخراجها من تلك البيانات غير صحيح وكاذب ولا تعبر عن الواقع . كأن يتم جمع إحصاءات العاطلين بناء على بيانات الباحثين عن عمل ، وفي الواقع لا توجد وظائف يستطيع الباحث عن العمل البحث عنها ، وبالتالي لن يكون هناك عدد كبير من الباحثين عن عمل .
وقد يكون الكذب في الإحصاءات أسوأ وذلك بإخفاء البيانات الحقيقية وتزويرها وإظهار بيانات غير حقيقية لا تمثل الواقع من الأساس ولا تمت له بصلة ، وقد يكون من إعداد الموظف في مكتبه وليست مأخوذة من الميدان الحقيقي ، إي أنه لا وجود لتلك البيانات الإحصائية أصلا .
وقد يكون الكذب في الإجراءات الحسابية التي يتم على أساسها استخراج النتائج الإحصائية ، مثل إدخال مواد إستهلاكية غير ضرورية أو في تحديد سنة الأساس في احتساب معدل التضخم . وغيرها الكثير من الحالات التي يمكن أن يتلاعب فيها معدو البيانات الإحصائية لتظهر للجمهور ما يريدون بخلاف الواقع .
وهذا النوع منالكذب الإحصائي إن كانت البيانات التي أسس عليها صحيحة فيمكن للمختصين كشفها عن طريق الأبحاث وإعادة العمليات الحسابية ، أما إن لم تكن البيانات صحيحة فإن أي عمليات حسابية لن تظهر الحقيقة لكنها قد تشير إلى وجود مشكلة في الإحصاءات .
أما أكثر الإحصاءات الاقتصادية فجاجة في كذبها وخداعها فهي التي لا وجود لها مطلقا ، فلا بيانات حقيقة ولا كاذبة ولا توجد عمليات حسابية لإستخراج النتائج والإحصاءات ، فقط أرقام ونسبة تُقال تأتي من الفراغ وتذهب إليه . وتلك الأرقام والنسبة تشير إلى مايريده قائلها إيجابا أو سلبا ، كقولي الأن أن نسبة التسرب من المهن المسائية بين النساء في أمريكا تتجاوز 43٪ .
يمكن للإحصاءات الاقتصادية الخادعة أن تخدع بعض المسؤولين البعيدين عن الواقع، أو بعض من يريدون أن يُخدعوا لسبب أو لأخر، لكنها لن تخدع الذي يعيش الواقع بذاته لا بإحصاءاته . فلا يمكنأن تخدع الإحصاءات الاقتصادية عن معدل نمو دخل الفرد نسبة إلى الناتج القومي ذلك البسيط الذي يجاهد لتدبر أمور حياته حتى نهاية الشهر . ولا انخفاض الدين العام لمديون يتهرب من دائنيه ليل نهار أو أنه قابع في السجن عاجز عن سد دينه . ولن تخدع نسبة البطالة المنخفضة عاطل عن العمل يتسكع في الشوراع لسنوات باحثا عن عمل .
الإحصاءات الحقيقية التي لا تقبل الكذب هي ما يعيشه الناس فعلا .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال