الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بناء على الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء أظهرت نسبة البطالة بين السعوديين 12.3% بنهاية عام 2016، كما أظهرت نتائج الربع الثالث لعام 2017 أن تلك النسبة ارتفعت إلى 12.8%، وذلك مؤشرا واضحا أن برامج التوظيف والسعودة وخلق الوظائف قد فشلت في مكافحة البطالة بخفضها ورفع نسبة التوظيف.
وزارة الخدمة المدنية ، وزارة العمل والتنمية الإجتماعية بكل برامجها والمؤسسات والشركات العاملة معها وأخيرا هيئة توليد الوظائف التي لم أفهم عملها حتى الأن ولا أدري بماذا تختلف عن وزارة العمل ، كل تلك الجهات تعمل منفردة ومجتمعة على توظيف الشباب السعودي ،مع ما يبذله الشباب بأنفسهم للحصول على عمل مناسب لهم ، لكن النتائج مع ذلك غير مرضية مطلقا للجميع ، وبالتحديد للشباب والمجتمع السعودي وأجزم أنها ليست مرضية للقيادة .
انخفض عدد العاملين في القطاعين العام والخاص بنسبة 2.6٪ تقريبا ، وكانت النسبة الأكبر للإنخفاض في القطاع الخاص بواقع 2.8٪ ، بينما كان الإنخفاض في القطاع الحكومي 1.01٪ . وذلك يعني أن الخارجين من سوق العمل أكثر من الداخلين إليه .
في القطاع الحكومي تراجع عدد العاملين من السعوديين بنسبة 0.8٪ بينما تراجع عدد غير السعودين بنسبة 4.6٪ ، وفي هذا مؤشر واضح إلى إتجاه الحكومة نحو خفض حجم التوظيف فيها لأسباب ليس هذا وقت نقاشها . في القطاع الخاص كان الخارجين من السوق من غير السعوديين أعلى بنسبة 2.8٪ من الداخلين إليه بإجمالي نقص قدره 238,827 ألف عامل ، بينما ارتفع عددالعاملين السعوديين في القطاع الخاص بنسبة لم تتجاوز 0.6٪ بإجمالي 12,022 ألف فقط .
النتائج السابقة تشكك في أن نسبة البطالة بين السعوديين 12.8٪ فقط كما جاء في تقرير الهيئة العامة للإحصاء ، بل تتجاوز ذلك بكثير . فالتراجع في عدد العاملين في القطاعين العام والخاص بنسبة تتجاوز 2.6٪ ، والنسبة الأكبر منهم للعمالة غير السعودية ، لم يقابله زيادة في توظيف السعوديين . فضلا عن عدد الداخلين الجدد لسوق العمل من مختلف المراحل الدراسية وخصوصا من خريجي الثانوية والبكالوريوس .
الزيادة في عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص أقل بكثير من النقص في العمالة غير السعودية ، وهذا يعني أن القطاع الخاص لم يكن يقوم بعملية إحلال بل خفض للعمالة لمواجهة الظروف الاقتصادية الراهنة بخفض التكاليف . وهذا يضع علامة إستفهام كبيرة حول برامج التوطين المعلنة ؟
تؤكد تلك المعلومة التذمر الكبير في المجتمع من حجم البطالة الذي تقيسه الأسر من خلال أبناءها وبناتها العاطلين ، وبعضهم من حاملي الشهادات العليا من الخارج .
وفي مقابلات مباشرة مع أصحاب مؤسسات خاصة عن السعودة كان التذمر هو القاسم المشترك بين جميع من قابلتهم . لكن أهم ماخرجت به من المقابلات أن بقاء السعوديين في وظائفهم لا يجاوز الثلاثة أشهر كحد أقصي ، وأن ذلك يرهقهم . تذمر أصحاب العمل من عدم استقرار أعمالهم بسبب العامل السعودي غير الجاد يجعلهم يقاومون توظيف السعودي لعدم رضاهم عن أداءه . وقد ذكر بعضهم أن بعض موظفيه السعوديين تركوا العمل عنده برواتب وبدلات مجزية للعمل في الحكومة برواتب أقل وبدون بدلات فقط من أجل ساعات العمل وطبيعته .
في المقابل الشباب السعودي الذي يهيم على وجهه بحثا عن عمل ومن فرط اليأس يقبل بأي وظيفة لا تتناسب مع إمكانياته وتتطلب جهدا كبيرا يفوق كثيرا العائد منها يجعله لا يرغب في البقاء بذلك العمل ويبحث عن أول فرصة للهرب منه والبحث عن عمل أخر يناسب قدراته وطموحه ، ويقدم له العائد الذي يعينه على تسيير حياته .
وزارة العمل تفرض التوظيف على القطاع الخاص أولا من خلال فرض نسبة من السعودة من أجل تسهيل خدمات المؤسسة في مكاتب العمل والتجارة والغرفة التجارية فيما يعرف ببرنامج نطاقات ، ويطلق على تلك الوظائف في القطاع الخاص وظائف وزارة العمل أبو 3000 ريال ، وفيها توسعت كثير من المؤسسات في السعودة الوهمية . وكذلك من خلال قصر بعض المهن على السعوديين كالبيع في محلات الذهب وجميعها تقريبا وظائف التسويق في المحلات منخفضة الدخل والمرهقة بسبب أوقات العمل الطويلة .
كل ذلك يدل على أن أرقام التوظيف الكبيرة التي تُعلن من وقت لأخر ما هي إلا حركة دائرية للتوظيف ، فقد يتم توظف العامل الواحد في السنة مرتين أو ثلاث مرات ، وقد يمر على الوظيفة الواحدة أكثر من عامل في السنة . وهذا يعني أن التوظيف ليس حقيقيا ولا يؤثر في نسبة البطالة إيجابا . ولو أن التوظيف حقيقي فعلا بالأرقام المعلنة لما كانت تلك النسبة للبطالة كما أظهرتها الإحصاءات الرسمية.
الألية التي تتبعها وزارة العمل في التوظيف قد تؤثر في سطح البطالة شكلا لكنها لن تؤثر في العمق . وفي مقال الأسبوع القادم سوف أوضح هذا الأمر بإذن الله .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال