الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ما أقصده هنا بتطوير المهن هو الرقي بها ورفع كفاءة الأداء من خلال تمكين شاغليها و زيادة التكامل بين الجانب الأكاديمي والتطبيقي وتشجيع الإبداع والابتكار مما يؤدي للوصول إلى مستويات عليا من الكفاءة و الإنتاجية وذلك لتحقيق أهداف تنموية.وهو ليس بتلك السهولة ولكن يبدأ بأتخاذ خطوات مدروسة تساهم بالوصول إلى مستوى متقدم ومع التطوير المستمر تتراكم خبراتنا بتطوير المهن ونصل إلى المرحلة المرجوة.هذا المفهوم يؤدي إلى بناء كفاءات وقدرات وطنية ذات طابع احترافي وخلق البيئة المناسبة القادرة على النمو والابتكار وتحويل الأبحاث إلى منتجات قابلة للتطبيق.
تطوير المهن يبدأ أولاً بتطوير التعليم عن طريق معالجة مخرجات قطاع التعليم ليتناسب ويتكامل مع متطلبات سوق العمل.ولكن ماهي المخرجات الصحيحة والفعلية المرجوة من القطاع التعليمي خاصة التعليم العالي وماهي مقاييس الأداء المناسبة لها.فلو افترضنا أن مخرجات قطاع التعليم هي تخريج أعداد محددة سنوياً في تخصص ما مع عدم مراعاة احتياج سوق العمل وكفايته وأن مقياس الأداء هو المحافظة على تلك الأعداد. فأن ذلك يؤدي إلى تخريج أعداد تتراكم سنوياً دون قيمة مكتسبة في سوق العمل بل أن سوق العمل وحده يتولى تدريبهم وتكييفهم حسب احتياجه . في هذه الحالة أصبح هدف القطاع التعليمي المحافظة على نسبة المنتسبين بغض النظر عن الاحتياج وهذا يسبب في إهمال جودة التعليم نفسه فالهدف أصبح هنا ليس التعليم بل المحافظة على نسبة الخريجين. هنا سوف تهمل المناهج والتجهيزات خصوصاً في التخصصات الفنية التي تعتمد على الجانب التطبيقي. التعليم محرك مهم في سوق العمل وعدم مواكبته للمتطلبات يفاقم من أزمة البطالة.
المخرجات الصحيحة يجب أن تتكون من معادلة مركبة من عدة عناصر، أهمها نسبة الخريجين الذين على رأس العمل في مجالاتهم التخصصية خلال فترات متباعدة ونستثني من هم في طور البحث عن فرص وظيفية . ولنقس ذلك على تخصص الهندسة لو فرضنا أن الكليات الهندسية تخرج عدد محدد من المهندسين كل سنة فأن مقاييس الأداء للمخرجات تكون نسبة المهندسين العاملين في تخصصاتهم وما زالوا على رأس العمل لمدة ستة شهور مثلاً و سنة وسنتان ، فتقاس خلال هذه الفترات المتباعدة استمراريتهم في العمل ومعوقات عملهم والمهارات المفتقدة ،ذلك لتحقيق أعلى قدر من الشفافية والتأكد من واقعية تلك النتائج وتطوير المناهج العملية وتطعيمها بالمهارات اللازمة لتفادي تلك المعوقات .
العنصر الثاني من المعادلة هو الإسهامات والخدمات التعليمية التي تقدمها الجهة التعليمية بما فيها النشر العلمي القائم على حل مشكلات التخصص في الوطن وتعريب العلوم ولا أقصد هنا الترجمة الحرفية وخدمات ما بعد التخرج للطلاب بما فيها الإرشاد المهني والتأكد من فعالية معارض التوظيف التي تقيمها.
ثالث عناصر المعادلة هي المشاركة في التنمية الاجتماعية وتأصيل القيم المثلى وأخلاقيات المهنة.
تلك المعادلة يجب أن تكون ذات تأثير فلو ربطت بالميزانية واعتبرت هي مقياس الأداء فلو كانت نسبة معادلة قياس الاداء 90% فأنها تمنح 90% من مخصصات الميزانية المرصودة لها.فأن ذلك سيدفع بالقطاع التعليمي ويحثه على الاهتمام بتحسين جودة التعليم والتخطيط المهني السليم والمشاركة مع سوق العمل والهيئات المتخصصة بتطوير المهن وخلق تخصصات جديدة يحتاج اليها وتعديل وتطوير التخصصات المهملة نوعاً ما.
تطوير معادلة قياس الأداء ماهي إلا محاولة مني لوضع إطار عام وأيماناً مني بأهمية تطوير المهن ومقاييس أدائها خاصة مجال التعليم ولا أدعي كمالها وصحتها ولكنها بحاجة لمزيد من الدراسة الجدية والمراجعة والتطوير المستمر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال