الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
حمل مسح الخصائص السكانية 2017 والصادر مؤخرا عن الهيئة العامة للإحصاء، بيانات واضحة ومباشرة، تكشف عن بعض التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بعض الوزارات. ولكون بعض البيانات والنسب مفزعة وكبيرة جدا، أصبح من المهم لنا معرفة الجهات التي من واجبها أن تتعامل مع هذه التحديات، أو التوضيح للجميع ما اذا كانت البيانات تحمل تفسيرات أخرى، أو غير صحيحة من الأساس.
فبحسب المسح، 65% من أجمالي نسبة وفيات “السعوديين” للعام الماضي كانت لأسباب مرضية وحوادث السير، وجاء بعدها الوفاة بسبب الشيخوخة وبنسبة تلامس 18% ، ويليها أسباب وصفت بأسباب حوادث أخرى، ثم الوفاة بأسباب أخرى، وأخيرا لأسباب وفاة تتعلق بالحمل والولادة.
الموت والحياة بيد الله سبحانه وتعالي، لكن أن تصل نسبة الوفاة لأسباب مرضية الى ( 47.40% )، وبسبب حوادث السير الى ( 18.60% ) ، فهذا أمر لا يمكن إدراجه تحت بند المؤشرات والنسب الطبيعية من وجهة نظري على الأقل، ويحتاج الأمر لما يستحقه من اهتمام عالي من قيادات الجهات المسؤولة عن الأسباب المرضية وحوادث السير.
الوفيات العالية بنسبها وأرقامها، تتجاوز خسارة أسرة مكلومة بفقد أحد أو عدد من أفرادها، فالوفيات تفقد الوطن كذلك لواحد من أهم موارده وثرواته ممثلا بالمواطنين والمواطنات كموارد بشرية. واذا تناولنا الموضوع من الجانب الاقتصادي بمفهومه الواسع، فالدولة تستثمر في مواطنيها وتعتمد عليهم في عمليات التطور والتطوير من جهة، ولأسباب أخرى تتعلق ببعض الجهات الحكومية، تفقد الدولة استثمارها، وتفقدها كذلك جزء مهم من قوتها الاقتصادية.
من السهولة الاجتهاد وتحديد الجهات المتعددة والمرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر بنسب الوفيات المعلنة بالمسح، في حال، الإقرار بصحتها، ولكن معرفة الجهات المرتبطة ليس الهدف الرئيسي من المقال، بل هي وسيلة تمكننا من متابعة الجهود المتوقع أنها قد بدأت مباشرة بعد نشر بيانات المسح، ولنتمكن من مقارنة أسباب انخفاض النسب أو ارتفاعها في مسوح الهيئة العامة للإحصاء القادمة .
ومن السهولة أيضا تحميل أطراف أخرى أسباب ومسؤولية النسب العالية، فمن الأسباب المتاحة للتبرير بخصوص الأسباب المرضية: ارتفاع نسبة مرضى السكر، ارتفاع نسبة معدل السمنة، الفيروسات الحديثة، وحتى مشروبات الطاقة والعادات الغذائية السيئة.
كما يوجد أسباب وتبريرات أخرى متاحة ومتعلقة بحوادث السير، ومنها: التهور بالقيادة، المركبات التي تحمل الشعار الشهير “السائق تحت التدريب”، ومركبات العمالة الوافدة المتهالكة، ومشاكل الطرق السريعة والحفريات.
لكن التبريرات لن تخدم حل المشكلة ابدا، كما أن الحلول السريعة والمستهلكة لن تساهم بأي حل جذري يمكن أن يرتقي لمستوى “استراتيجية حل” بأهداف تنموية قابلة للقياس، فلا أعتقد بأن صرف بندول سيقلل من نسبة الوفاة المرتفعة لأسباب مرضية، ولست متفائلا جدا بأن المطبات الصناعية والحواجز الاسمنتية ستقلل من نسبة حوادث السير. فالحل يبدا من تحديد الجهات المسؤولة، واقراراها بوجود المشكلة، ومن ثم ضرورة عمل كافة الجهات المعنية بالأمر، وفق مبدأ التكامل والتنسيق والهدف المشترك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال