الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
اخذ اكتتاب أرامكو نصيب الأسد من حديث المجتمع الاقتصادي منذ تصريح ولي العهد محمد بن سلمان وفقه الله بطرح 5% من اسهم الشركة للاكتتاب العام , وبعد قرار مجلس الوزراء بتحويل أرامكو إلى شركة مساهمة من بداية يناير العام الحالي اصبح حديث الأمس واقعاً اليوم , وما صاحب تلك الأحاديث داخل المجتمع الاقتصادي بشكل خاص والشارع السعودي بشكل عام حول الآثار المترتبة ايجابا وسلبا لهذا الطرح للشركة الأم للصناعة السعودية والذي سيكون أكبر اكتتاب يتم طرحه عالميا بهذا الحجم .
هنا سنتناول بعض تلك الآراء بشقيها الايجابي والسلبي من حيث ما يراه أصحابها وتحديداً فيما يتعلق بالأموال المستهدف جمعها من الاكتتاب لصالح الحكومة السعودية.
من الناحية الإيجابية فإن السيولة التي ستحصل عليها المملكة من خلال طرح 5% من شركة أرامكو والذي يتوقع أن يكون 100 مليار دولار امريكي ما يعادل 375 مليار ريال سعودي ( باعتبار ان قيمة الشركة تعادل اثنين ترليون دولار حسب تصريح ولي العهد سدده الله ) وهو ما يعادل نصف ميزانية الدوله خلال عام تقريبا , فان هذه السيولة ستكون محفزه للاقتصاد ومن شأنها أن تدفع بعجلة النمو والتنمية الاقتصادية على حد سواء إلى الأمام مما يصب بمصلحة العديد من القطاعات وتحسين البنى التحتية ويعزز من التطوير وزيادة فرص العمل المصاحبة للنمو المستهدف وتحقيق رؤية وأهداف 2030, خاصة عندما قامت حكومة خادم الحرمين الشريفين بمحاربة الفساد المالي والاداري والذي بدأ بقوة منذ نوفمبر الماضي عندما تم الإعلان عن إيقاف عدد كبير من المسؤولين بقضايا فساد كبرى وهذا يعطي طمأنينة كبيرة وارتياح قوي بأن هذه المبالغ ستكون لصالح الوطن وخدمة المواطن ولن تترك الفرصة لكائنٍ من كان أن يستغلها لصالحه الخاص أو يعبث بها . مما يعزز من استفادة الوطن من هذا المبلغ بالشكل السليم والصحيح.
ومن الناحية السلبية التي يراها البعض أن تخلي الحكومة عن هذه النسبة للطرح العام سيقوض هيمنتها على الشركة وهذا القول مردود جملة وتفصيلا فمن حيث النسبة فلاتزال الحكومة تمتلك 95% من الشركة كما أن المادة الخامسة والأربعون أكدت على ملكية الدولة وتحكمها الحصري لجميع المواد داخل إقليمها كما ستبقى الدولة صاحبة القرار في تحديد مستويات الإنتاج بجميع درجاته وصاحبة القرار النهائي فيما يتعلق به وهنا تتلاشى السلبية التي بالغ الكثير بها أو تخوّف منها .
ومن جهة اخرى يرى البعض بأن السلبية لهذا الطرح سينعكس بشكل كبير وسلبي على أداء السوق المحلي (الأسهم ) خاصةً وغيره من المجالات التي ستنسحب منها السيولة لغرض الاكتتاب فيما لو تم طرحه محليا فقط !
ومن خلال مراجعة وضع السوق بالماضي عند طرح اكتتاب كبير فمن المنصف القول بأننا نرى انسحاب وتأثر السيولة بالسوق وقت الاكتتاب وهي سيولة يتم توفيرها من خلال عمليات بيوع داخل السوق لغرض الاكتتابات لكنه تأثير مؤقت فحالما تعود فوائض الاكتتاب للمكتتبين تعود السيولة إلى مجراها الطبيعي والذي لا يعدو عن كونه ذا تأثير محدود .
ولاشك أن السيولة التي ستتدفق لصالح اكتتاب أرامكو لن يكون سوق الأسهم مصدرها الوحيد رغم ما قد يحمله من تأثير طبيعي حينها إلا أنه لن يكون من وجهة نظري ذلك التأثير المبالغ فيه والذي يستخدم البعض عند الحديث عنه مصطلح انهيار وما شابه فالجميع سيتسابق لتوفير ما يستطيع للمشاركة باكتتاب أرامكو من خارج السوق ايضاً, كما أن السيولة التي ستدخل من صناديق وبنوك غالبا لن تخرج فهي تستهدف الاستثمار بالمقام الأول ولكل قاعدة شواذ .
والبعض ربط بين اكتتاب البنك الاهلي عندما تم طرحه وتداوله بالسوق المحلي وكيف كانت ردة فعل السوق من هبوط كبير وبين ما سيحدث عند طرح أرامكو وهذا الربط من وجهة نظري غير منطقي وغير واقعي بل المفترض أن يكون الربط لصالح أرامكو وليس العكس وذلك لأسباب كثيره سنوجز منها ما ينقض هذا الرأي ويبقى الحكم للقارئ الكريم .
اولاً / اذا كان اكتتاب أرامكو سيطرح بالسوق المحلي فقط (وهي نظرة مستبعده حتى الان ) فسيتم جمع 375 مليار من خلاله وهذه سيوله ليست مستغربه فالبنك الاهلي قد تم تغطيته بأكثر من 2300% حيث تم جمع ما يزيد عن 311 مليار وهو رقم ليس بعيد عن رقم أرامكو لو تم طرحها محليا فقط .
ثانياً / أن طرح البنك الاهلي تم والسوق بمسار هابط متأثرً بأسعار النفط التي كانت قد تراجعت من مستويات تاريخيه من 120 $ كما أن السوق قد هبط من مستويات 11 الف نقطه فمن غير المقبول عزو هبوط السوق بسبب طرح البنك او تداوله وتجاهل أن السوق والنفط كانا بمسار هابط قوي حيث وصل النفط بعد ذلك الى 26$ والسوق الى 5300 نقطه !
ثالثا / عند طرح البنك الاهلي كان السوق عند 9800 نقطه تقريبا واستمر بالتراجع مع تراجع النفط لكن السوق بعدها استعاد خسائره تلك وارتد الى مستويات قريبه من العشرة الاف نقطه مرة اخرى قبل ان يعاود الهبوط مجددا بينما النفط لم يعود لمستوياته بنفس التاريخ واستمر بالهبوط وسحب السوق معه مرة أخرى إلى أسفل .
رابعاً / أنه بالرغم من وصول مبالغ اكتتاب البنك الاهلي التي تم جمعها الى 311 مليار إلا أنها تظل أقل مما كانت ستصل إليه لولا الحملات التي دعت إلى مقاطعة الاكتتاب مدعومة بفتاوى تنص على تحريم الاكتتاب وحث الناس على تركه فيما ذهب البعض الى إجازته على استحياء مما جعل الكثير يعزف عن المشاركة بالاكتتاب وهذا لن يتكرر مع طرح أرامكو التي تعتبر شريان الاقتصاد السعودي مدفوعاً بسمعة الشركة وتاريخها المشرّف الذي أكسبها ثقة المواطن بل لا غرابة أن العالم اجمعاليوم يتسابق عليها اكتتاباً وتداولاً متمثلا بأسواقه الكبرى وصناديقه السيادية .
خامساً / أن وضع السوق اختلف بشكل كبير فعند طرح البنك الاهلي كان السوق بمسار هابط والسوق الان بمسار صاعد فضلا عما ينتظره من محفزات منها على سبيل المثال لا الحصر :انضمامه للمؤشرات العالمية للأسواق الناشئة كخطوة اولى وتسهيل دخول المستثمر الاجنبي مما يدعم تدفق السيولة داخل السوق …الخ .
سادساً / أن حجم أرامكو بعد تداولها لو تم محليا سيؤثر بقيم المؤشر العام واذا كانت الصناديق تستهدف الاستثمار والاحتفاظ بأسهمها وهو المتوقع بلا شك بتعاملها مع أسهم شركه مثل ارامكو فإننا لن نشهد عمليات بيوع كبيره فكل عروض ستجد من يحتضنها وبالتالي سيعزز ذلك ارتفاع المؤشر العام وليس العكس .
وبالتالي وبإختصار شديد فإن طرح أرامكو على الأبواب وليس من العقلانية أن يكون استقباله بزرع صورة تشاؤمية لدى الشارع العام بل ومبالغاً فيها لحد كبير مع تجاهل كل الايجابيات الأخرى التي سيجنيها الوطن منه .
وإني اوصي نفسي وزملائي وأساتذتي من الاقتصاديين والأكاديميين بطرح ما يمكن أن يستفيد منه الوطن من هذا الاكتتاب عوضاً عن الترهيب الذي لم يعد يسمن ولا يغني من جوع خاصةً ونحن نقف على عتبة طرح أرامكو الذي سيكون اكبر طرح عالمي, والتي نسأل الله أن يكون طرحها مباركاً ينتفع منه الوطن والمواطن على حدٍ سواء, وأن يسدد ولاة أمرنا لتحقيق المرجو والمأمول منهم كما عودونا دائماً وأن يحفظهم ويوفقهم لما فيه خير البلاد والعباد .
وختاما فاني اذكّر بأن ماسبق هو وجهة نظر خاصه مقرونة بالأحداث والتاريخ والأرقام لمحاولة قراءة حدث جديد ليس على المستوى المحلي فقط بل العالمي ايضاً ,فإن اصبت فمن الله وإن اخطأت فلا يلام الانسان بعد اجتهاد . دمتم ودام الوطن حكومةً وشعباً بكل خير .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال