الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في بداية الحياة الوظيفية غالباً ما نتوارث نحن الموظفين أخطاء متكررة ، بينما لا نخصص جزءاً يسيراً من أوقاتنا لتوريث النصيحة لمن بعدنا لئلا يسلكوا نفس الجادّة فيدفعوا ثمناً لم يكونوا بحاجة لدفعه ، سيما في قرارات الالتحاق بالوظيفة و قرار الاستقالة أو الانتقال لوظيفة أخرى .. مرت بي تجارب شخصية و رأيت وسمعت تجارب أخرى كثيرة ، و يستشيرني من حين لآخر مستجدون في السوق القانونية وفي قطاع المحاماة بالأخص ، لكن لم أجد أعجب من تلك الشخصية التي تتقن الاستقالة من الوظيفة في السنة الأولى ، وسأحكي لكم طرفاً من خبرها ..
بعد تخرجه بتقدير متميز من الجامعة تم تعيينه في شركة مرموقة، وفي الأسبوع الأول من الوظيفة بدأ يتعرف على الموظفين السابقين سيما القريبين منه في الخبرة. وفي وقت استراحة الغداء يفضل الخروج مع شخص واحد وليس مع المجموعة ، فيبدأ في الاستجواب والاستفسار عن المدير الفلاني والموظف الآخر الذي يتوجس منه ، والموظف القديم فلان ولماذا هو دائماً صامت ، وكم رواتب بقية العاملين.
في الأسبوع الثاني شرع في ملاحظة توزيع الأعمال ، ولماذا لا يحترم تخصصه فهو يكلًّف أعمالاً كان ينبغي أن تسند لآخرين ، بينما يكّلف زملاؤه بأعمال متخصصة و أكثر فائدة وخبرة عملية. في الأسابيع التالية بدأ يصارح بعض زملائه بعدم ارتياحه لما يجري ، ثم بدأت تظهر آثار عدم ارتياحه على حماسه للعمل واكتساب الخبرة ، وهو شعور حقيقي لكنه غير مبرر.
بعد مرور عدة أشهر أصبح ظاهراً لديه أن هذا المكان لا يصلح له ولا يفيده ، سيما أنه لم يتمكن – فعلياً- من تنمية ثقة المدير المباشر فيه لأن مقاييس الأداء أظهرت أن هذا الموظف لم يكن عند المستوى المأمول والمتوقع و لذلك – كنتيجة طبيعية – فإن المنشأة لم تعد حريصة على هذا الموظف الجديد الذي خذل ترشيحات المدراء و الآن ربما سيتم وضعه على قائمة (متى يتم الاستغناء عنه؟) ما لم يتغير الأداء.
عند هذه النقطة بالتحديد سيبدأ السلوك الحقيقي من المدير تجاه هذا الموظف ، فشرع المدير فعلياً في تكليفه بالأعمال غير المنتجة أبداً وأظهر له عدم الاهتمام الحقيقي بتطويره لأنه تم وضعه على القائمة. وفي الشهر السادس من الوظيفة تكاثرت الدلائل لدى صاحبنا بأنه غير مرغوب فيه من الأساس وأنه تم التعامل معه بغير عدالة منذ اليوم الأول – والصحيح أن الأمر لم يحدث حقيقة إلا بعد عدة أشهر ولمسوغات منطقية – لذلك بدأ فعلياً يخطط للاستقالة قبل أن يُتِم منتصف السنة الأولى وغالباً سيتم تنفيذ هذه الخطة خلال أشهر معدودة ، و ربما يبدأ في الاعتراض على عدم العدالة كما يفسرها هو ويراها وبالتالي يتصادم مع الإدارة ، وتتم الاستقالة بشكل أسرع.
نعم إنها وصفة سهلة للاستقالة في السنة الأولى بدون تحصيل أي خبرة عملية ، وستبقى ربما هذه النظرة للوظيفة مؤثرة عليه في سلسلة أعماله الوظيفية اللاحقة.
أما النصائح التي أقدمها عادة للمستجدين في الوظيفة فممكن أن أحصرها في 9 نقاط محددة :
1. لا تأخذ تجارب الآخرين وآراءهم على أنها مسلَّمات ، فشخصيات الآخرين وتجاربهم فريدة غير متطابقة وربما ليست حتى متشابهة.
2. شخصيات المدراء مختلفة ، وليس شرطاً أن تحبها جميعاً وإنما عليك أن تتوافق معها.
3. الأصل في الاستشارة أن تأخذها من المتخصص الأكثر خبرة في المجال ، وقد تحتاج جهداً للبحث عن الشخص أو الأشخاص الأصلح للاستشارة.
4. ابتعد عن استشارة الزملاء المبتدئين في الوظيفة مثلك أو حتى من سبقوك بخبرة يسيرة.
5. عند المفاضلة بين الوظائف ، لا بد أن تسأل أين ستصل بك هذه الوظيفة بعد خمس سنوات في الخبرة العملية والعائد المادي ، وماذا بعد عشر سنوات ؟
6. أولويات السنوات الأولى هي الخبرة والتدريب وليس العائد المادي، فاسلك أي الطرق أفضل وأسرع.
7. حماس البدايات و ظروف العمر تهيء لك العمل في وظيفة ربما تأخذ يومك كله، وهنا منجم الخبرة بشرط أن طول الساعات يصاحبه زيادة في الأعمال والمهام.
8. قيمتك في السوق ليست راتبك في هذه الوظيفة أو تلك ، و إنما هي خبراتك ومهاراتك العملية، وسيعطيك السوق قيمتك الحقيقية – زيادة أو نقصاً- عاجلاً أم آجلاً.
9. خبرتك العملية ليست عدد سنوات العمل ، وإنما هي المهارات والأعمال التي أصبحت تتقنها والتي اكتسبتها فعلياً خلال سنوات العمل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال