الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جاء إعلان الحكومة تغيير الوضع القانوني لشركة أرامكو السعودية بتحويلها إلى شركة مساهمة بداية من 1 يناير 2018، ليُمثل خطوة أولى تُمهد لطرح 5% من أسهم الشركة للإكتتاب العام في النصف الثاني من السنة الجارية، حسب ما هو مُخطط له من قبل الدولة. ويرى الكثيرون أن هذا الإعلان يُزيل جميع الشكوك ويُعد رسالة واضحة بأن المملكة ماضية نحو ما خططت له؛ حيث كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قد أعلن إعتزام المملكة إدراج أرامكو في سوق الأسهم بعد طرحها للإكتتاب، وذلك ضمن جملة إصلاحات اقتصادية شاملة دفعت كبرى وكالات التصنيف الإئتماني في العالم إلى الثناء على السياسات الاقتصادية في السعودية.
ومن المُنتظر أن يكون طرح أرامكو، الطرح العام الأولي الأكبر في التاريخ من ناحية قيمته المالية، ويتوقع بعض المسئولين أن يجمعوا من خلاله ما يصل إلى 100 مليار دولار. وقد أثار هذا الطرح جدلاً كبيراً في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية ليس فقط داخل المملكة بل وحتى خارجها. وقد إنقسمت الآراء حول هذا الطرح ما بين مؤيد ومُعارض. ونهدف من خلال هذا المقال إلقاء الضوء على عدد من النقاط المُتعلقة بهذا الطرح لعلنا نُساهم في مساعدة القراء في تكوين رؤية مُتكاملة عنه بما له من فوائد وما يواجهه من تحديات بالإضافة إلى الرد على بعض المخاوف التي تتعلق بهذا الطرح، ويمكن تناول هذه النقاط كما يلى:
أولاً: تاريخ شركة أرامكو السعودية
شركة أرامكو السعودية أو رسمياً شركة الزيت العربية السعودية (شركة الزيت العربية الأمريكية سابقاً) المعروفة بإسم “أرامكو”، هي شركة نفط وطنية مملوكة للمملكة العربية السعودية وتعمل منذ عقود (حيث يعود تأسيسها الى عام 1933) في مجال النفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات، وتعمل في مجال التنقيب والإنتاج والتكرير والشحن والتوزيع، وتم تأميمها بأمر ملكي في عام 1988. وتتمتع الشركة بأضخم بُنية تحتية للنفط والغاز في الصناعة من حيث حجم الإنتاج وموثوقية التشغيل والتقدم التقني، إذ تنتج برميلاً واحداً تقريباً من كل ثمانية براميل ينتجها العالم من الزيت.
وأرامكو ليست شركة فحسب؛ بل إمبراطورية متكاملة، وتفوق حجم احتياطاتها من النفط بعشر أضعاف احتياطات أكبر الشركات النفطية مثل “أكسون موبيل”. وتتولى الشركة إدارة احتياطي مؤكد من النفط الخام التقليدي والمكثفات يبلغ نحو 260,8 بليون برميل، فيما بلغ متوسط الإنتاج اليومي من النفط الخام 10,5 مليون برميل في اليوم. وتتولى أيضاً الإشراف على احتياطيات من الغاز الطبيعي تبلغ 298,7 تريليون قدم مكعبة قياسية. ويقع المقر الرئيس لأرامكو السعودية في الظهران بالمملكة العربية السعودية، فيما تنتشر مكاتبها وأعمالها في أنحاء المملكة، ويعمل بها أكثر من 65 ألف موظف من جميع أنحاء العالم.
وتعد ارامكو أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية. إذ يُشكل إنتاجها نحو 13% من إجمالي إنتاج النفط بالعالم. كما إنها تُعد أكبر شركة للنفط والغاز على مستوى العالم من حيث الإيرادات. ونتيجة لمدى ضخامة هذه الشركة وحجم تأثيرها في سوق النفط العالمي، فإن طرح أرامكو للإكتتاب العام يُعتبر حدثاً اقتصادياً لا يُقارن فهو ليس طرحاً عادياً حيث يختلف عن كل الطروحات الأخرى من حيث الحجم ولا يوجد طرح آخر قابل للمقارنة به.
ثانياً: الغرض من طرح أرامكو السعودية للإكتتاب العام
يأتي طرح أرامكو السعودية للإكتتاب العام في صُلب رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من أجل إصلاح الإقتصاد وتنويعه وتقليص إعتماده على الصناعة النفطية. حيث يُعد هذا الطرح مؤشراً على تحول ثوري في السلوك الاقتصادي بالمملكة، وهو أهم تحول في القطاع النفطي بها منذ أن تمكنت الدولة من التخلص من هيمنة الشركات الأجنبية في عقد السبعينيات من القرن الماضي. كما أن طرح الشركة سيُحدد مدى نجاح رؤية 2030 في تحقيق الهدف المنشود والمُتمثل في التنويع الاقتصادي، وتوفير فرص عمل لآلاف الشباب السعوديين الذين يدخلون سوق العمل كل عام.
ثالثاً: الفوائد التي قد تترتب على طرح أرامكو السعودية للإكتتاب العام
يرى الكثير من المحللين والخبراء أن طرح أرامكو للإكتتاب العام سيكون له العديد من الفوائد ومنها:
١: أنه سيُضيف المزيد من الشفافية في أسواق النفط العالمية حيث إن أرامكو هي أكبر شركة نفط في العالم. فالكشف عن قدرات الشركة وحجم إيراداتها سيُساهم في إزالة مفهوم أن أرامكو السعودية لا تتمتع بالقدر الكافي من الشفافية، كما يُرسخ لمفهوم الإفصاح والمساءلة حيث يضع الشركة أمام المزيد من التدقيق من قبل الأسواق المالية. لذا فإن الشفافية الناتجة عن هذا الإكتتاب ستُساهم في ترشيد نفقات أرامكو ومواجهة الفساد حول الشركة إن وجد.
٢: أن هذا الطرح قد يُزيد من القيمة السوقية للشركة كما سيُعزز من قُدراتها وكفاءة إدارتها لموارد المملكة الهيدروكربونية.
٣: أن طرح أرامكو في السوق السعودية قد يكون نقلة لسوق الأسهم السعودية، وخطوة إيجابية لتحول السوق السعودية من سوق محلية إلى سوق عالمية. فإكتتاب أرامكو يُعد الاكتتاب الأكبر تاريخياً، وهو سيسبب -بالتأكيد- انتعاشاً للسوق المطروح فيها، وهو ما يجعل القائمين على الأسواق العالمية يتسابقون إليه.
٤: أن الطرح قد يكون سبباً في زيادة المستثمرين الأجانب في السوق السعودية ودخول رؤوس أموال إضافية له، ما يساعد في إنعاش الاقتصاد السعودي وخلق عشرات الآلاف من الوظائف.
٥: أنه من الممكن استخدام عائدات البيع الناتجة عن الطرح وتوجيهها لصندوق الاستثمارات العامة الذى يقوم بإستخدامها لتنمية الصناعات وإستهداف قطاعات كثيرة داخل السعودية وخارجها، ومنها -على سبيل المثال لا الحصر- قطاع التعدين، الذى تُقدر الفرص الإستثمارية به بحوالي تريليون وثلاثمائة مليار دولار أمريكي ولكن يصعب على المستثمر المحلى أو الأجنبي المخاطرة بالإستثمار به، وهنا يأتي الدور المهم للصندوق. ولهذا فإن هذا الطرح له دور محوري في تحقيق رؤية 2030 التي تستهدف تنويع مصادر الدخل غير النفطي، وخلق صناعات كبيرة داخل المملكة تؤدى بالتالي إلى خلق المزيد من الوظائف وبالتالي تحقيق التنمية المُستهدفة.
٦: أن إكتتاب أرامكو سيكون مثل الضمان البنكي الذي يُمكن الدولة من الحصول على التمويل بأقل تكلفة.
٧: من منظور سياسي، فإن هذا الطرح الضخم من الممكن أن يُزيد مكانة المملكة العالمية ومن ثقلها السياسي بحكم المصالح المشتركة.
رابعاً: المخاوف التي تتعلق بالطرح والرد على بعضها:
منذ إعلان نية الدولة القيام بطرح شركة أرامكو السعودية للإكتتاب العام والشارع العام منقسم حول هذه الخطوة بين من يبارك للدولة هذا التوجه وبين من هو مستغرب من تهور أو غباء الدولة من اتخاذ مثل هذه الخطوة بحجة وجود العديد من المخاوف والمحاذير المصاحبة لهذا الخطوة. فعلى سبيل المثال، فإن البعض يتخوف (مُخطئاً) من أن يكون هذا الطرح معناه بيع للنفط أو الغاز تحت الأرض. ويجب التأكيد على أن هذا التخوف في غير محله حيث أن طرح اكتتاب 5% من شركة أرامكو، هو طرح لكل ما تملكه الشركة من أصول وشركات وتصنيع ومصافي وحقوق التنقيب عن النفط وغيرها، لكن لا يشمل أبدًا بيع النفط والغاز تحت الأرض، لأنه مملوكا للدولة ولا تستطيع أرامكو بيعه لأن شركة أرامكو في الأصل لاتملك البترول ولا تملك الآبار إنما تملك أدوات إستخراج البترول وصناعة المواد البترولية وتجهيزها للبيع فقط.
كما يرى البعض أن شركة أرامكو السعودية هي الجوهرة التي تتوج تاج المملكة وأنها ذات طبيعة خاصة نظراً لضخامة ما تملكه من احتياطيات نفط ونتيجة لذلك فهم يرون أن هذه الشركة يجب أن تظل تحت السيطرة الكاملة للدولة حتى تظل القرارات المتعلقة بالإنتاج حُرة تُحدد بالكامل وفقاً لإرادة الدولة السعودية وبشكل يخدم مصالحها بالدرجة الأولى. وفى الواقع فإن البنود التي تضمنها النظام الجديد الذى أصبحت تتبعه الشركة بعد أن أصبحت شركة مساهمة يؤكد على أن المملكة لا ترغب في التخلي عن الهيمنة على الشركة، فالنظام يُعطي لها حق اختيار 6 من أصل 11 من أعضاء مجلس الإدارة، بمن فيهم رئيس المجلس ونائبه. ويتم إختيار الخمسة الباقين من خلال تصويت المساهمين المالكين لأكثر من 0,1%.
ومن هنا يتبين أن المملكة سيكون لها تصيب الأغلبية بنسبة 95% بعد الإكتتاب وبالتالي لن يكون لأى مالك للأسهم حق الإعتراض أو التدخل في سياسة الشركة. فالمملكة لا تريد وضع القوة في يد المستثمرين، لما لأرامكو من أهمية جوهرية للاقتصاد السعودي.
ومما يوضح كذلك مدى رغبة المملكة في التحكم بهذا الاكتتاب بعد طرحه ما نص عليه نظام الشركة الجديد حيث يتضمن بنداً يُعطي المملكة الحق في إستعادة الأسهم المُباعة من خلال إعادة شرائها من المُساهمين بالسعر الذي تحدده الحكومة السعودية، ويشترط النظام أن يوافق على الأقل 75% من المستثمرين غير الحكوميين على إعادة الشراء حتى يكون للمملكة حق الشراء دون الرجوع للمساهمين.
بالإضافة إلى ذلك يتخوف البعض من أن هذا الطرح قد يضع قيوداُ على المالية العامة للدولة. فكما هو معلوم أن تحديد القيمة السوقية للشركة يعتمد على معدل الضريبة المتوقع تطبيقه على الإنتاج في المستقبل. وقد قامت الحكومة السعودية بخفض معدل الضريبة، التي تقوم شركة أرامكو بدفعها والتي يتم إستخدام حصيلتها في تقديم الخدمات العامة للمواطنين، من 85% إلى 50% بهدف زيادة القيمة السوقية للشركة عند الطرح. ويفرض ذلك عبئاً إضافياً على المالية العامة للمملكة، والتي في الأصل تأثرت سلباً أيضاً بإنخفاض أسعار النفط العالمية. ويرد البعض على هذه المخاوف بأن الضرائب التي تدفعها أرامكو ليست المساهمة الوحيدة للمالية العامة للدولة وهي تذهب للدولة وأن 95% من أرباح الشركة ستذهب لصندوق الاستثمارات العامة. كما إنه من المتوقع توجيه الأموال الناتجة عن البيع الجزئي لأرامكو نحو استثمارات تُحقق أرباحاً كافية لتعويض الخسائر في الإيرادات بسبب إنخفاض الضرائب.
خامساً: أهم القضايا والتحديات التي تواجه عملية الطرح
في الواقع، إن تنفيذ هذا الطرح يواجه مجموعة من التحديات التي قد تُحدد مدى نجاح هذا الطرح في تحقيق الأهداف المرجوة منه، ومن ضمن هذه التحديات: تحديد كلاً من القيمة السوقية للشركة والتوقيت المناسب للطرح وأخيراً تحديد البورصات التي سيتم طرح أرامكو للإكتتاب بها.
وفيما يخص تحديد القيمة السوقية للشركة فقد تم تقديرها من قبل العديد من الخبراء أنها تتراوح ما بين تريليون وتريليونى دولار وهو ما يعنى أن طرح 5% قد يدر عائدات تُقدر بنحو 100 مليار دولار. وقد صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع رويترز أن قيمة العملاق النفطي الوطني تُقدر بحوالى 2 ترليون دولار. ولعل تحديد القيمة السوقية للشركة هو التحدي الأصعب للإجابة عنه ولا تزال التقديرات كلها مبدئية ومتباعدة جداً (فعلى سبيل المثال أشار الرئيس التنفيذي لشركة توتال أن القيمة الصافية الشركة لا تتجاوز 419 مليار دولار) ولا يمكن الجزم بصحة أحدها نظراً لأن حجم أصول أرامكو يصعب تقديره، ولكن هذه التقديرات تُعطي فكرة مبدئية عما يمكن حدوثه.
وقد تُشير رغبة سوقي لندن ونيويورك في الحصول على هذا الإكتتاب إلى أن القيمة المُحددة من قبل المملكة ليست بعيدة عن القيمة الحقيقية. ولو كانت القيمة المحددة من المملكة هي ضعف القيمة الفعلية لأرامكو كما يتناول الكثير من المُحللين الغرب، لما أقبل المستثمرون على طلب الإكتتاب في أسواقهم (فقد رحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نوفمبر الماضي بأن يتم هذ الطرح في بورصة نيويورك). بل حاول المسئولون الإنجليز تغيير بعض اللوائح المقررة للشركات المساهمة في سوق لندن حتى يتلاءم مع إكتتاب أرامكو.
أما توقيت طرح أرامكو للإكتتاب، فعلى الرغم من أن العديد من المسئولين (ومنهم أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية) قد صرحوا بأن هذا الإكتتاب من المُخطط له أن يتم في النصف الثاني من العام الميلادي 2018، إلا أن تصريح وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح خلال مؤتمر “دافوس” الاقتصادي، عن أن المملكة العربية السعودية مُستعدة لطرح أسهم شركة أرامكو للاكتتاب، وتأمل أن يكون 2018 الموعد المناسب، مؤكدًا أن السعودية ستطرح فور تأكدها من أن السوق العالمية مستعدة لذلك، قد أثار المخاوف مُجدداً من إمكانية تأجيل الطرح وأنه من المحتمل ألا يتم خلال العام الحالي بل وذهب البعض الى إحتمال عدم حدوثه في الوقت وهو الأمر الذى يتم نفيه من قبل المسئولين في الحكومة السعودية.
ومن المعلوم أن تحديد ميعاد الطرح يرتبط بأسعار النفط، حيث أنه بشكل عام إذا ما إنخفضت القيمة السوقية لأصول أية شركة (النفط في هذه الحالة)، يتوجب عليها تجنُّب إطلاق طرح عام أولي للإكتتاب، على الأقل إلى أن تعود قيمتها الإجمالية لمستوياتها العادية. لذلك فإن طرح أرامكو يجب أن يحدث في فترة تشهد تحسناً في أسعار النفط حيث سيكون ذلك في صالح أسهم الشركة وقيمتها السوقية.
وفيما يخص مكان الطرح، فإن الخيارات حتى هذا الوقت لا تزال مفتوحة بين ثلاثة خيارات رئيسية دون أولوية لخيار على الآخر. الخيار الأول يتضمن إحدى ثلاثة أسواق عالمية هي أسواق لندن ونيويورك وهونغ كونغ، والخيار الثاني هو سوق الأسهم السعودية «تداول»، أما الخيار الثالث فهو أن يتم البيع دون طرح الأسهم للإكتتاب، كأن يتم البيع للصين مثلاً. وفي كل خيار من هذه الخيارات ميزات للحكومة، فيتميز بيعها للصين عن طرحها للإكتتاب العام بأن البيع سيكون بالسعر المُحدد من قبل الحكومة، ويتميز طرحها بالأسواق العالمية عن البيع للصين بأنه لن يتسم بأبعاد سياسية إستراتيجية.
كما قد تُفضَّل «تداول» على غيرها لما للمملكة من سيطرة عليها وبما سيضيفه هذا الإكتتاب من قوة لسوق الأسهم السعودية، ويُفضل الطرح في البورصات العالمية بأن أموال الإكتتاب ستكون سيولة من خارج السعودية، مما يجعلها قيمة إضافية للمملكة بعكس لو كان الإكتتاب في «تداول»، حينها سيكون معظم السيولة من المملكة نفسها. ولم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن مكان الطرح، إلا إنه قد صرح بعض المسئولين أن إدراج الأسهم سيكون في البورصة السعودية بالإضافة إلى أسواق أخرى خارجية وذلك لتخفيف الضغط على السوق السعودية حيث لا تستطيع بورصة واحدة فقط من الإستحواذ على اكتتاب أرامكو، وتعدّ كلاً من لندن ونيويورك، هما المتنافسان الرئيسيان من الأسواق المالية العالمية على قائمة الإكتتاب العام. إلا إن الطرح في بورصة نيويورك يواجهه بعض المصاعب القانونية وملاحقات قانونية في حين أن الطرح في بورصة لندن سيواجه عقبات قانونية أقل.
ووفقاً للعرض السابق، فإنه يمكن القول أن طرح أرامكو السعودية للإكتتاب العام في حال المضي قدماً في تنفيذه سيكون بلا شك طرحاً تاريخياً. وسيبقى تحقيق الأهداف المرجوة منه، وعلى رأسها دفع المملكة نحو تحقيق رؤية 2030، يعتمد بدرجة كبيرة على كيفية إدارته بشكل يُمكّن المملكة من مواجهة التحديات والمخاوف السابق ذكرها. غني عن التأكيد أنه من المهم قبل اتخاذ هذه الخطوة التاريخية القيام بكل الدراسات اللازمة سواء لحساب القيمة السوقية أو المتعلقة بتحديد المكان الأفضل للطرح والتوقيت المناسب للطرح.
ويلاحظ كذلك أن قياس نجاح الطرح العام لأرامكو لا يتوقف فقط على حجم ايرادات الطرح، وإنما يتجاوزه إلى منهجية إستثمار هذه الايرادات. إذ يتطلب ذلك الإرتقاء بصندوق الإستثمارات العامة من خلال إتباع إستراتيجية إستثمارية أكثر تطوراً وذات عوائد إستثمارية مرتفعة، ووضع معايير أداء مناسبة يمكن قياسها، وزيادة ما يتمتع به الصندوق من شفافية. كما يجب التأكيد أنه في كل الأحوال سواء تم الإقدام على تنفيذ هذا الطرح أم لا، فإن المملكة لديها العديد من الخيارات الأخرى والتي يمكنها أن تمول التنمية المستهدفة وفقاً لرؤية 2030 وأن الفيصل في كل الأحوال هو مصلحة الدولة ومصلحة المواطن وهو ما يجب دوما أن يرجح الخيار الأنسب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال