الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نحن على مشارف مرحلة هامة من مراحل الثورة الاقتصادية في السعودية والتي بدأت بداية قوية ستكتمل ملامحها مع التحول الوطني 2020 وصولاً إلى الرؤية السعودية 2030، هذا ليس كلاماً إنشائياً بالنسبة لي، لأن الرؤية هي مجرد خطة وضعتها مؤسسات الدولة، ومن سينفذها هم من وجهة نظري الـ +20 مليون مواطن ومواطنة تحت قيادة مؤسسات الدولة، وفي هذا السياق فإن أكبر عائق يواجه تنفيذ الخطط والرؤى هي شبح “البطالة” والتي نجد حلولها المطروحة في كلمتين “التوطين” و “ريادة الأعمال”، ولكن في ظل التوجه لإنشاء مشاريع ريادية ضخمة تتطلب وجود كفاءات أجنبية كموظفين أو كرواد أعمال، فإن هذه المرحلة تتطلب التوازن بين التوطين وإستقطاب الكفاءات العالمية للبناء والصناعة والبحث العلمي.
ليس من السهل على الفكر التقليدي أن يواكب إتجاهات وزارة العمل السريعة والفعالة نحو التوطين المباشر للوظائف أو إضافة رسوم تصاعدية على العامل الأجنبي وعائلته ثم تتويجها أخيراً بالـ #فاتورة_المجمعة والتي تصل بالتاجر أيضاً للتوطين بشكل غير مباشر، كل هذه الإجراءات تهدف لإعادة التوازن لسوق العمل المستحوذ عليه لسنوات من قبل العمالة الأجنبية الوافدة، فيغادر غير القادر على سداد الرسوم منهم. المحصلة إذاً ستكون بخروج الكثير من التجار ورواد الأعمال التقليديين والمتسِتر والمتسَتر عليه من السوق، وسيبقى “فقط” المبدعون الذين يفكرون خارج الصندوق.
وحتى مع التفكير خارج الصندوق، سيبقى “التوطين” من أبرز التحديات التي تواجه الشركات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية السعودية في عصرنا هذا، وكما أشرت مسبقاً فإن التوطين “السعودة” هو هدف لإعادة التوازن وليس لإقفال السوق ومنع وجود أي أجنبي، فالأجنبي “الكفؤ” سيجد مكانه في كل زمان ومكان، كما انه سيجد في البلاد بيئة جذابة للعمل والحياة، وحينها ربما لن تكون هناك تحويلات خارجية لأنه سيستثمر ويصرف أغلب أمواله داخل البلاد في ظل فتح الباب للإستثمار الأجنبي وتملك الأجانب.
الفرق بين الموظف الخبير “الأجنبي” وغير الخبير “السعودي المستجد هو ما يسمى بالـ Know How وهي المعرفة العملية بكيفية أداء العمل وحل المشكلات واتخاذ القرارات، تجد دائماً ممانعة كبيرة لكتابة الإجراءات والمهام الوظيفية بشكل تفصيلي في الشركات التي تتضمن جماعات أجنبية من جنسية واحدة، مثلاً في إدارات التسويق والمالية والحاسب الآلي وغيرها. ولذلك تتعذر السعودة فيها وتتكبد الشركات ملايين الريالات بسبب قرارات وزارة العمل بسعودة وظائف مهمة في العملية البيعية أو الإنتاجية. إذاً التاجر “السعودي” يعاني والخريج الجديد “السعودي” يعاني، والسبب هو وافد يستغل بذكاء ثغرة “إدارة المعرفة” في المؤسسات السعودية.
أؤمن تماماً بأن البوابة للتوطين المستدام تبدأ بإدارة المعرفة Knowledge Management، هذا العلم الناشئ، الذي أصبح علماً مستقلاً عام 1991م، وهو العلم الذي يدرس إدارة ما يمتلكه الأفراد من مهارات تستند إلى المعرفة، وتهدف إلى إتخاذ القرارات Decision-Making. ومنطقياً لن يكون القرار صحيحاً في حال بني على معلومات خاطئة، وقد بحثت عن حلول من بوابته للوصول للتوطين وبدأت فعلياً في بناء نظريات سأعرض لكم مسودتها الأولى في سلسلة مقالات إن شاء الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال