“الصقل” الاقتصادي

والصقل يقتضي ازالة بعض الزوائد من اطراف وحواف المعدن ليكون اكثر جاذبية وجمالا ورونقا، و ليس الغرض من المقال السرد الانشائي ولكن الغرض من المقال التأكيد على اهمية و مصيرية المرحلة التي نعيشها، فإما ان نكون اقتصاد قادر على توليد القيمة والعائد، واما ان نكون او لا نكون، ورؤية 2030 هي ما نسعى لنكون علية حينها. ولكن من المهم ايضا التأكيد على ان عملية الصقل قد يتخللها جروح واصابات عمل وهذا أمر يجب توقعه، ويجب ان يكون مسببا للتصحيح و للمراجعة الشجاعة، فلربما احتاج قرار لمزيد من التفصيل او حتى للتأجيل، ولكن في نهاية المطاف لابد من اكتمال الصقل بما يبهر الناظر ويسره، وبما يجعل بلادنا واقتصادها لامعا جذابا للعالم الاستثماري الشديد المنافسة. 

الصقل يقتضي رفع الدعم، لان العالم كله لن يقبل بمنافسة غير عادلة، ولأن الدعم السابق في الاعوام الماضية كافيا للتشغيل الذاتي للمنشآت الحصيفة، والصقل قد يؤدي بشركات كثيرة الى الاندماج وهذا يعني تخلي البعض عن الادارة ويقتضي تخلي البعض عن نفوذ معين وامور من هذا القبيل ليس غرض المقال سردها. كما وقد يعني ويقتضي خروج البعض من السوق ليحل مكانه الاكفأ. الصقل يقتضي ان قطاعات ستتقلص وربما تختفي، كقطاع سيارات الاجرة الليموزين، وغيرها، وفي المقابل قطاعات اخرى ستكبر بعد ان كانت صغيرة، كقطاع الصناعات العسكرية والقطاع السياحي وغيرها، وهكذا تدور عجلة الصقل بما يحقق نمو كلي.

لا يوجد انكماش كلي للاقتصاد، ولكن يوجد قطاعات في مرحلة الصقل والتشذيب وان كان لا فائدة مرجوة منه قد نضطر للقطع. وسيقابل هذا الصقل والتشذيب دخول قطاعات أخرى مهمة جدا، كالقطاع السياحي الذي يعتبر اكبر مشغل للايدي العاملة في العالم. ولا شك ان هذه المرحلة تتطلب درجة عالية من التخطيط قبل الاقدام، حتى لا تأتي آثار سلبية وحتى تتمكن الايدي العاملة السعودية من التنقل من القطاعات المنكمشة والمتلاشية الى القطاعات النامية دون ربكة لهم ودون ضرر، وبالمثل لابد ان يكون التشذيب بسلاسة حتى لا تتضرر رؤوس الاموال وحتى تتمكن من الانتقال دون (خبصة) وخسائر واضرار مادية.

ما نعيشة محلة صقل وتلميع وتشذيب، ومتى تخلل ذلك جروح فلا بد من المداوة، حتى لا تتعطل مسيرة الاصلاح، وحتى لا يسبب النزيف التهابات متسممة، بعض الجروح تتطلب تطهير، واخرى قد تتطلب البتر، ولكن يجب ان يكون البتر الخيار الاخير وليس الاول.