الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عالم يتجه نحو تبسيط الإجراءات وتوفير الحلول للمجتمعات، تفوز بعض الجهات دائماً في السباق، حيث لم ينجح أحد إلا بتدخل جهات يُفاجأ المرء من تفوقها على جهات يفترض أن تكون هي الأكثر تطوراً وتقدماً من غيرها.
فشركات الاتصالات (المتقدمة والمواكبة للتطور)، أشغلت نفسها والناس في عملية توثيق ملكية أرقام الجوالات، مسببة إرباكاً رآه الجميع، سواءً في خلق الازدحامات أو الفصل المؤقت للخدمات، حتى تدخلت وزارة الداخلية بآلية ساعدت في تجاوز الأزمة، وذلك بتوثيق ملكية الأرقام عن طريق نظام أبشر، وكم كان الأمر بسيطاً في فكرته وسريعاً في تنفيذه!
واليوم تطالعنا البنوك وشركات التمويل والتأمين بضرورة التسجيل في العنوان الوطني، ثم تحديث تلك البيانات بزيارة فروعها قبل تاريخ 15/4/2018م! وهنا لنا وقفات، فما الداعي لزيارة الفروع؟ إذ هناك المشغول والمسافر والمبتعث والمريض والمحبوس والكسول. ألا يمكن تحديث البيانات آلياً؟ كيف استطاعت وزارة العمل الربط الآلي بين أنظمتها وأنظمة العنوان الوطني؟ هل فكرت أو حاولت البنوك وشركات التمويل والتأمين الربط الآلي بين أنظمتها وبين العنوان الوطني مثلما فعلت وزارة العمل؟
إننا مُقبلون على أزمة ازدحام وشيكة، حيث ستتعطل الحسابات البنكية والخدمات التمويلية والتأمينية لكل الأفراد والمنشآت بلا استثناء، حتى يقوم أصحابها بتوثيق عناوينهم الوطنية بزيارة البنوك وشركات التمويل والتأمين. فإضافة للزيارات السابقة والتي تُجبر فيها البنوك عملائها على التحديث الدوري لبيانات الهوية والسجلات التجارية، هناك سبب آخر اليوم يتعلق بالعنوان الوطني، وربما تضاف غداً أسباب أخرى، رغم وجود حلول آلية غير مستخدمة أو غير مكتشفة!
إن التحديث اليدوي للبيانات وللعنوان الوطني، إضافة لكونه مضيعة للوقت والجهد، فإنه باب كبير للأخطاء البشرية وللتزوير والتلاعب، ولا يمكن ضمان صحة نتائجه 100%. وقد سبق أن أرسلت بالحل للبنوك بشكل مباشر، كما كنت قد كتبت عنه في مقالة سابقة وهو ليس اختراعاً جديداً، بل خدمة تقدمها شركات حكومية مثل شركتي “العلم” و”ثقة”، واللتين ربطتا العديد من الجهات الحكومية ببعضها البعض، ثم وفرتا إمكانية التحقق من البيانات المتوفرة لديهما لجميع المنشآت الراغبة في الاستفادة من ذلك، كما وفرت مؤسسة البريد السعودي خدمات “واجهة برمجة التطبيقات” (API) والتي تتيح من خلالها التحقق من العناوين الوطنية للأفراد والمنشآت بشكل مباشر، مثلما فعلت وزارتا العمل والحرس الوطني وأمانة مكة المكرمة وغيرها من الجهات الحكومية التي اشتركت في هذه الخدمة.
فبضغطة زر ستتحقق البنوك وشركات التمويل والتأمين وغيرها من وجود عنوان وطني للأفراد والمنشآت، وإن حدث أن غير أحد الأفراد أو المنشآت عنوانه الوطني، فسيتم تحديثه في قاعدة بيانات واحدة لدى البريد السعودي، لتتحدث بعدها تلقائياً لدى جميع الجهات بدلاً من زيارة كل بنك وشركة على حدة لتحديث البيانات فيها.
كم تسهل التقنية حياتنا.. فقط إن أردنا الاستفادة منها، أما مجرد اختراع الحلول ثم عدم الاستفادة منها فلن يفيد؛فالحال حينها أشبه بمن اقتنى هاتفاً ذكياً وبالغ التطور، ولكن لا يستخدمه إلا هاتفاً جوالاً عادياً طوال يومه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال