الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما نعرض نموذج أجنبي لأنظمة أو مسميات وظيفية فإننا لا نعني التقليد، فقد أثبتت التجارب السابقة أن نقل الأنظمة أو حتى الأفكار الأجنبية دون تهيئة البيئة المناسبة لإستقبالها يجعل الصورة العامة مثل لوح البازل المشوه بسبب عدم ترتيب القطع فيه، وهنا أود طرح حدث معاصر وهو وظيفة تم طرحها في فبراير 2018 من قبل مكتب الأمم المتحدة في سريلانكا مؤخراً بمسمى: Coordination & Knowledge Management Associate “بالعربية” مساعد التنسيق وإدارة المعرفة، وهنا نلمس الإهتمام بإدارة المعرفة من هذه المنظمة الدولية التي تضم خلاصة خبرات وأبحاث العالم كله ضمن أروقتها.
وعندما نبحث في صميم الوظيفة كمسمى وكمهمة، نجد أن وظيفة المساعد الإداري أو المنسق، والتي تتطلب مؤهلات متوسطة، كالدبلوم المهني في الإدارة المكتبية أو دبلوم السكرتارية، هي وظيفة قد يشعر الموظف بهامشيتها، ولكنها فعلياً وظيفة مهمة تكمل قطع البازل لصورة الشركة أو المنظمة الحكومية. والشعور بالهامشية ينبع عادة من عدم وجود أعمال يومية تملأ ساعات الدوام الرسمي، وهنا نتحدث عن ظهور مبدأ الوظائف المتعددة المهام وهي تنتشر كثيراً في ظل الظروف الاقتصادية والكساد، التي تؤثر على الشركات وتؤدي إلى دمج الإدارات والمهام، وقد تؤدي تدريجياً إلى دمج الشركات أيضاً.
وظيفة مساعد التنسيق وإدارة المعرفة، من وجهة نظري هي تطور عالمي لوظيفة المساعد الإداري، وهذا التطور مبدئياً كمسمى سيكون محفزاً للموظف وتغلب فيها مهمته الرئيسية في إدارة المعرفة أكثر من الأعمال الإدارية التي سيقتصر التركيز فيها على مهمة “التنسيق”. وحين النظر إلى مهام هذه الوظيفة نجد أنها قد وجدت في المنظمة الدولية لمواجهة التغييرات الجذرية بين الأمم التي تتعامل معها المنظمة الدولية في بلدان العالم المختلفة التي تعمل بها، حيث أن الفروق الجذرية اجتماعيا واقتصاديا وبيئياً تستلزم تغييراً كبيراً في آلية العمل من بلد إلى بلد، كما تتطلب تعاملاً خاصاً مبنياً على معرفة “محدثة دورياً” مع الأفراد والجهات الرسمية.
ولذلك نجد أن الشركات المتعددة الجنسيات والشركات العالمية تطبق أنواعاً من إدارة المعرفة منذ عشرات السنين ولكن الجديد في هذا العصر هو التخصص والإهتمام الكافي بهذه المهمة، حيث أن عدم تخصيصها كمسؤولية يؤدي إلى أخطاء مدمرة، وطبعاً في ظل مفاجآت التغيير السريع وعدم توفر المعرفة الكافية سيؤدي ذلك لإتخاذ قرارات الإستثمار في طريق خاطئ وبالتالي ستكون سبباً رئيسياً في الخروج من السوق.
إذاً فالمهمة ليست من الكماليات، إنها أساسية، بل قد تتفوق في الأهمية عن بقية مهمات إدارات الشركة، حيث نجد أن المعرفة التي يمتلكها أصغر موظف في أدنى مستوى وظيفي بالشركة عن نقاط الهدر قد لا يعلم عنها أحد من الإدارة العليا وهذه حقيقة في جميع شركات العالم، والمعرفة التي كونها العميل عن جودة منتجات الشركة من خلال إستهلاكه للمنتج لسنوات طويلة هي أهم من كل أراء الموظفين والخبراء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال