الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الاثنين الأزرق (الأزرق يقصد به الكئيب) هو الاثنين الثالث من كل يناير، و يعد أكثر أيام السنة كآبة في أوروبا و أمريكا. فيه تكون إجازات نهاية العام انتهت و عاد الموظفون الى مكاتبهم. و تكون الأسرة استهلكت خلال العطلة و الأعياد رصيد بطاقاتهم الائتمانية و حان وقت السداد. و الجو لازال شتاء باردا، يتذكر كل فرد فيه ما كان ينوي إنجازه خلال العام الماضي و لم يتغير شيئ. ليست هذه مجرد تأملات، بل هناك معادلة علمية طورها عالم النفس كليف أرنال في عام 2004 لحساب معدل الكآبة في هذا اليوم و هي كما يلي:
لمواجهة كآبة هذا اليوم تقوم شركات السياحة و السفر بطرح باقات سياحية خاصة تحمل عملاءها فيه الى جهات مشمسة و أكثر دفئا، و تقدم المتاجر (الالكترونية و التقليدية) خصومات خاصة بهذا اليوم لإبهاج عملائها، تطور هذا اليوم ليصبح موسماً تسويقياً بحد ذاته. تنشط في هذا اليوم الجمعيات الخيرية والتوعوية التي تعنى بالصحة النفسية، تقدم نصائح لتحسين المزاج و كيفية تخطي هذا اليوم لمن يعانون من مشاكل نفسية. شبكات التلفاز تطرح في هذا اليوم أفلاما كوميدية وسعيدة لإبهاج متابعيها و مساعدتهم على تخطي كآبة هذا اليوم.
شدني فعلا ما قرأته عن هذا اليوم، كما شدتني ايضاً دراسة وصلتني على الواتس اب تتحدث عن واقع و مستقبل العلاقات العامة و الإعلام في المملكة العربية السعودية، لم تلبث هذا الدراسة طويلاً حتى وجدتها تمطر من كل مجموعة واتس اب في هاتفي حاملة معها آهات زملائي المتخصصين في العلاقات العامة و الاتصال.
لم تنتشر الدراسة في مجموعات الواتس اب فقط، بل استنتجت صحيفة الوطن من هذه الدراسة أن ٤٥٪ من الشركات الدولية للعلاقات و الاتصال ستخرج من السوق السعودي، و نشرت خبرا في القسم الاقتصادي برسم بياني للتوضيح أكثر. أما صحيفة الشرق الأوسط فاستدلت بالدراسة على أن 45% من القطاعات الحكومية السعودية تقلص تعاقداتها مع شركات الاتصال الدولية و أن 13% من الشركات و المؤسسات الكبيرة و المتوسطة في القطاع الخاص لجئت الى خفض ميزانيات و خدمات العلاقات العامة و التواصل لمستويات قياسية. أرقام بهذه الدقة كان لا بد من أذهب لأقرأ نتائج الدراسة كاملةً و ليس مجرد الخبر.
وجدت في الدراسة أن المشاركين هم مسؤولون في شركات كبيرة و متوسطة و صغيرة، بالإضافة الى مستقلين. المسؤولون من الشركات الدولية قالوا أن شركات العلاقات العامة التي تعمل في السعودية ليست على معرفة بخصائص التغيرات الخاصة بتركيبة المجتمع لأنهم يعتمدون على عقول أجنبيه دون إسناد المهام الى الكوادر المحلية. أما مسؤولو الشركات المحلية فقالوا إن أغلب قيادات مؤسسات العلاقات العامة و العاملين به من غير المتخصصين، و أن الكفاءات الوطنية المؤهلة علمياً و تطبيقاَ شحيحه. و الوكالات المحلية الصغيرة ذكرت أن قطاع العلاقات العامة يفتقد لكيفية ممارسة المشاريع، و يعمل بشكل عشوائي غير منظم، و لم يصل لمرحلة النضج.
بالمناسبة، نسيت أن أذكر أن عالم النفس كليف ارنال الذي أطلق مصطلح الاثنين الأزرق و طور معادلة كآبته تراجع بعد عدة سنوات و اعتذر عن مازعمه و عن هذه المعادلة، و ذلك بعد ارتفاع الأصوات المطالبة له بالإثبات العلمي، و بعد اكتشاف أن شركة سياحة و سفر كانت تريد تنشيط مبيعاتها في شهر يناير و طلبت من كليف أن يطور هذه المعادلة.
كما نسيت أن أذكر أن دراسة العلاقات العامة في السعودية و التي تحدثت عنها كبريات الصحف اعتمدت على ستين مسؤولاً فقط في إحصاءاتها، عينه تمثل أقل من 0.006% من السوق السعودي و الذي يبلغ حجمه أكثر من مليون منشأة (من غير الحكومية)، و أن ما قيل عن المشاريع الحكومية لم ينسب الى أي مسؤول حكومي، و أن الدراسة اعتمدت على استبيانات و مقابلات تمت في ثلاثة أشهر فقط، للتحدث عن صناعة العلاقات العامة في المملكة و التي يبلغ عمرها أكثر من 1000 شهر، و أن الدراسة أعدتها شركة تقدم هي أيضا خدمات استشارية في مجال الاستشارات الإعلامية في السعودية.
أراكم في المقال القادم بإذن الله و الذي سيكون بعنوان “كيف تكتشف الهراء في عصر المعلوماتية”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال