3666 144 055
[email protected]
يكثر الناس من استخدام هذا المثل في العشرة الأيام الأولى من شهر مارس نظراً لعودة البرد المفاجأة بعد مؤشرات أفوله. وقد ذكرني هذا المثل بمقالي السابق في صحيفة مال “أيها الصيادلة أفيقوا …” بتاريخ 25 يناير 2018 ( رابط المقال هنا )حيث ذكرت بأن التسويق هو عملية مستمرة وليس وظيفة محددة بنطاق زمني ضيق مثل البيع. لذلك فإن مصطلحي قبل التسويق وبعد التسويق تجرد عملية التسويق من محتواها. ولكني اختتمت مقالي بعبارة “ولعلي في مقال قادم أناقش مصطلح “ما قبل التسويق” في سياق مختلف وكيف يكون التسويق في ذلك السياق مختلفاً تماماً عما نقصده في هذا المقال.”
وها أنا أكتب هذا المقال لأشرح ما هو مصطلح ما قبل التسويق. في الحقيقة فإن هذا المصطلح لا يقصد به بتاتا ما قبل العملية التسويقية وإنما يقصد به الفترة الزمنية التي تطور فيها التسويق الحديث من بعد نهاية الحرب العالمية الثانية 1945م إلى نهاية 1970م. ومن المهم جدا لكل مسوق أن يفهم هذه الحقبة الزمنية ففيها بنيت بعض الركائز وتأسست بعض المبادئ التسويقية.
من المعلوم أن الثورة الصناعية كانت قد ألقت بظلالها على الأسواق بشكل واضح ولكن التحديات التي مرت بها الأسواق خلال وبعد الحرب العالمية الثانية أثرت بشكل واضح على سلوك المستهلك فكانت أول مرحلة تطور فيها التسويق تسمى مرحلة الانتاج حيث كان الهاجس الأكبر لدى الشركات هو كيفية الانتاج بأكبر كمية ممكنة حتى تحصل الشركات على أقل سعر للوحدة وتستطيع البيع بأقل سعر وهو ما يسمى بمفهوم الـ Economy of Scale وكانت الشركات والمصانع تسعى لـ “بيع ما تستطيع انتاجه” بأي طريقة دون النظر إلى الجودة وحيث أن خيارات العملاء كانت محدودة وكانت المفاضلة الأساسية قائمة على السعر. ثم ظهر بعد ذلك تغيير في سلوك المستهلك وأصبح لدينا شريحة من المستهلكين مستعدون لدفع مبلغ أكبر مقابل الحصول على منتج ذو جودة أفضل وهو ما يسمى بمفهوم الـ Premium وهذا العصر كان يسمى بعصر المنتج حيث كان التركيز فيه جودة المنتج ومزاياه.
وبعد هذا العصر كانت الأسواق قد امتلأت بالبضائع المتنوعة في الجودة والمتفاوتة في الأسعار فظهر لنا عصر البيع الذي كان يهتم بتركيز الإعلانات بشكل كبير كما اهتم بدور رجال البيع ومهارات البيع. ولعل هذا العصر هو سبب اقتصار مفهوم التسويق لدى عامة الناس بالإعلان والبيع. وهنا أريد أن أتوقف لأسأل سؤالاً جوهرياً ألا وهو ما رأي المختصين في التسويق حول المفهوم البيعي وعلاقته بالتسويق. هناك ثلاث مدارس شهيرة في هذا الخصوص:
مدرسة الانكار والتي نفت أن ما كانت تقوم به الشركات في هذه العصور تسويق اًو إنما عمليات بيعية وهنا فرقت بين التسويق والبيع ولم تعتبر أن البيع هو جزء من التسويق. ومدرسة الدمج والتي ترى أن التسويق والبيع لا يمكن التفريق بينهما لأن البيع هو نتيجة عملية التسويق وأهم مؤشراته. وأخيراً مدرسة الاحتواء والتي ترى أن البيع هو محتوى في المزيج الترويجي الذي هو أحد ركائز المزيج التسويقي وهو أحد وظائف التسويق التي لا ينكرها المسوقون ولا ينحصرون تحت عباءته. فلذلك فإن من باع عباته قد نجح في وظيفة البيع وفشل في عملية التسويق.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734