الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لديّ مهندس يستطيع صيانة الآلات وصناعة قطع الغيار بنفسه ، هل يستطيع المهندسون السعوديون فعل ذلك إن وظفتهم ؟ طبعا لن أجد واحد يقوم بعمله . كان ذلك كلام صاحب مصنع عندما سألته عن المهندسين الذين يعملون عنده . لم يذكر كم لديه من المهندسين السعودين لأنه لا يوجد عنده ولا مهندس سعودي واحد . والأهم أن ذلك المهندس غير السعودي الذي يشّغل المصنع هو المالك الحقيقي للمصنع ، بعد نقاش طويل أخطأ وأخبرني أن المهندس الذي يشّغل المصنع هذا يملك مصنع أخر في بلده يعتبر هو المصنع الأساسي ويعمل به ولده .
لا أريد إتهام كل المتباكين على الجودة التي سنفقدها بخروج العمالة الأجنبية وإحلال العامل السعودية محلها أنهم مجرد متسترين سوف يخسرون الرضاعة التي تقطر في حلوقهم . وليسو مجرد مستثمرين تعودوا على أرباح عالية جدا من خلال الضغط على العمالة الوافدة وإمتصاص جهدهم بأبخس الأثمان . وسأنظر للأمر بجدية أكبر ، وأتساءل هل فعلا سوف يخسر الاقتصاد الوطني الجودة بخروج العمالة الوافدة وحلول العمالة السعودية محلها ؟
أولا العمالة السعودية المطلوب توظيفها 1,231,549 نسمة بالضبط حسب احصاءات الربع الثالث من العام 2017 وذلك ليس رقم العاطلين فقط بل جميع طالبي العمل ، وهذا الرقم ليس له أثر في إجمالي العمالة الوافدة البالغ 11 مليون عامل تقريبا . أي أنه أقل من 10٪ ولن يكون له أثر في الجودة أو غيرها مطلقا بشكل عام . كما أن معظم القطاعات لن تتأثر بإحلال السعوديين لقلة عددهم في إجمالي العاملين في القطاع ، كقطاع الإنشاءات الذي لن يمثل فيه السعوديون نسبة تذكر .
بعض القطاعات ستتأثر بشكل أكبر من غيرها بالسعودة وتلك القطاعات هى التي صدر بحقها سعودة بالكامل ، وهي ليست بحاجة لمهارات عالية ولن يكون للجودة أثر في سعودتها في الغالب.
والمتباكون على الجودة التي سنخسرها بخروج العمالة الوافدة من سوق العمل يوهموننا بصرخاهم أن العمالة الوافدة في سوق العمل السعودي قادمون من أرقى الجامعات العالمية ، وليسو من أفقر وأقل مناطق العالم تعليما ، بل إن معظمهم يأتون للمملكة بدون مهارات مطلقا ويتعلمون في (ورشة التدريب السعودية) العملاقة التي تتسع لكل عمالة العالم الثالث وتضيق بأبناء الوطن . وكثير منهم يعمل في غير تخصصه . فأكثر من 5 ملايين عامل في سوق العمل السعودي لديهم شهادة المرحلة الثانوية وأقل ، ويمثلون أكثر من 70٪ من العمالة غير السعودية .
في حين أن العاطلين السعوديين معظمهم من المتعلمين فحملة البكالوريوس منهم يمثلون 53٪ ومنهم من حملة الماجستير والدكتوارة والدبلومات العليا ، أي أن العاطلين السعوديين من المتعلمين والمتخصصين في تخصصات عالية . قد ينقصهم بعض التدريب والممارسة لإكتساب الخبرة ، وذلك لن يتم ما لم يحصلوا على فرصتهم في التوظيف . ففي المهن الدقيقة والمتخصصة يتم الإحلال التدريجي بتوظيف السعودي إلى جوار ذوي الخبرات من غير السعوديين لإكتساب الخبرة . كما أن التدريب على رأس العمل سيكون حلا مناسبا لأولئك ، مع الصبر على ممارساتهم حتى يكتسبوا الخبرة الكافية ، كما صبرنا على غير السعودييين حتى أصبحوا ماهرين على حساب اقتصادنا ، وعلى حساب الجودة التي يتباكى عليها بعض المتنفعين من تلك العمالة .
تضحي الأمم بأرواح أفضل شبابها بل برجالها ونسائها في سبيل التحرر من الإحتلال الأجنبي، وفي هذه المعركة المصيرية في سبيل تحرير اقتصادنا من الإحتلال الخارجي ليس المطلوب التضحية بالأرواح بل ببعض المكاسب المادية البسيطة لفترة من الوقت وسيتم تعويضها قطعا في وقت قصير جدا .
أخيرا للمتباكين على الجودة بخروج العمالة الوافدة أذكرهم بأن 90٪ من موظفي أرامكو من الشباب السعودي حسب وزير النفط المهندس خالد الفالح . وقد تحدث عنهم وزير النفط ورئيس ارامكو السابق المهندس علي النعمي في كتابه (من البادية إلى عالم النفط) وأشاد بإبداعاتهم في أزمة الخليج عام 90م . رواتب مجزية مع قليل من التدريب وسنحصل من الشباب السعودي على أفضل المنجزات والإبداعات .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال