الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
راتبك الشهري أياً كان حجمه؛ أصبح عرضة للفناء قبل أن تراه أو تلمسه بيدك. هذه حقيقة يعيشها الجميع حيث تطغى عمليات الشراء والسداد الإلكتروني لكافة السلع والخدمات التي يشتريها الفرد في المجتمع السعودي وأصبح استخدام النقد “الكاش” أقل بكثير من المستويات السابقة. هذا الإتجاه يدعم بشكل كبير ناحية التطبيق العملي للعملة الإلكترونية، أما من ناحية تقدير قيمة العملة وهي مصدر الحيرة لدى أغلب الناس، لأن العملة التقليدية مثل الريال والدولار والتي تسمى البنكنوت Banknotes عند إبتكارها كانت عبارة عن سند يقابل مقداراً من الذهب لدى البنك المركزي، ولكن هذا الأمر لم يعد حقيقياً وبذلك تتساوى مهمة البنك المركزي في طباعة العملة الورقية مع تصنيع العملة الإلكترونية، حيث أصبح ما يحدد سياسة الدولة في طباعة النقود هو تلافي إغراق السوق بها وبالتالي إنخفاض القوة الشرائية لها والوصول إلى التضخم بطبيعة الحال.
المطلع على عقلية المراهقين والشباب الذين يمثلون 70% من الشعب السعودي، يتفاجأ بأنهم يتداولون أنواعاً من العملات الرقمية مثل عملة LUDO وهي عملة داخل لعبة تسمى “لودو ستار” يلعبها مئات الملايين حول العالم؛ وربما الملايين داخل المملكة ويستخدمون عملتها بل ويشترونها بكروت مدفوعة تباع لدى المحلات التجارية بسعر صرف 120 ريال لكل بليون لودو!!. كما تقوم بعض حسابات التواصل الإجتماعي بالإعلان عن مسابقات جوائزها عبارة عن “بليون” لودو!!. وفي ذلك دلالة على قيمتها لدى المتطلعين للجائزة مما يدفعهم للمشاركة.
الفرق “المعرفي” بين العملة الرقمية والعملة التقليدية أن الأولى تسجل في داخلها تاريخ للعملة منذ بدء تصنيعها إلى وصولها إلى حسابك بينما التقليدية الورقية لا تمكنك من ذلك طبعاً. وهذا فعلياً يتعارض مع الأصوات المعارضة للعملة الرقمية والتي تقول أنها ستحرض على غسيل الأموال!!، لو تم النظر للأمر من هذه الزاوية لن يكون الأمر في صالح العملة التقليدية التي تتنقل من شخص إلى اخر ومن دولة إلى أخرى دون معرفة مصدرها أو طريقة الحصول عليها بعكس الرقمية الواضحة المسيرة لمالكها وللدولة مستقبلاً.
معرفياً، أتوقع مع تطبيق العملة الرقمية أن يكون هناك ضبط كبير ودقيق لحركة العملات بين الشركات والأفراد وستنعدم النسبة المجهولة “الكاش” الموجودة داخل خزائن في المنازل أو الشركات، وذلك لقيام الدولة حينها بإلزام الأفراد والشركات بإستبدال العملات الورقية التي تحمل الرقم التسلسلي “مثلاً” من X الى Y بعملات رقمية، والتحذير من عدم وجود قيمة صرف لها بعد تاريخ ما Deadline. ستكون الخريطة المالية للبلاد حينها “كتاب مفتوح” أمام متخذ القرار ليتخذ القرار بتصنيع عملات رقمية جديدة من عدمه تفادياً للتضخم. ومن ناحية ضبط الأفراد لأموالهم، سيطغى قريباً مصطلح المحافظ الرقمية أو “E-Wallet” وهي ستكون البديل للمحفظة التقليدية حيث لن يكون هناك داعي لحمل بطاقاتك الإئتمانية عند التسوق الإلكتروني أو في المحلات العادية، وعندما تتحالف الشركات الكبرى لإعتماد تقديم هذه الخدمة، لن يكون للعملة الورقية أي وجود لدى الأفراد حينها، وسيعرف حامل المحفظة الإلكترونية الجهة التي اشترى منها بكل ريال في محفظته طوال حياته، ولن تكون هناك ثغرة في معرفة “أين اختفى الراتب”.
انه تحدي بين المدرسة القديمة والمدرسة الحديثة؛ كما كان في بداية عصر الإنترنت والذي جلب لنا “البريد الإلكتروني” كبديل لما كان يسمى “خطاب رسمي” الذي كان وسيلة التواصل “الرسمية” المثبتة الوحيدة حتى بين أقسام داخل إدارة واحدة. تكاليف ورق وطباعة ومراسل وملفات إضافة إلى التأخير في إنجاز الأعمال وحركة المعلومات حتى بين أفراد الفريق الواحد!!. قضى البريد الإلكتروني على كل هذا وأصبح الآداء الحكومي يسير بسرعة الصاروخ وكذلك أتوقع أن ننتقل لزمن العملة الرقمية سريعاً خلال السنتين القادمة إن شاء الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال