الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل الاعتراض على استخدامي مصطلحات دون المستوى اللائق في عنوان المقال، يجب أن أوضح أن العنوان الذي قرأته للتو ليس من تأليفي أنا، بل هو اسم ماده جامعيه قدمها في أروقة جامعة واشنطن الأكاديميان جيفن وسيت و كارل بيرجستورم. و قبل ان نبدأ بانتقاد ذوقهما في الحبكة الفنية لاختيار اسم كهذا للمادة التي يدرسونها، أود الإشارة الى أن هذه المادة أصبحت حديث الجامعة و الفضاء الالكتروني للمهتمين بمجرد أن تم نشر منهجها بهذا العنوان، و بمجرد فتح الشعبة التي تتسع لمائة و خمسين طالبا أقفل التسجيل بعد اقل من دقيقة بسبب امتلاء المقاعد.
يمتلك بعض الأكاديميين نظرة مميزة مختلفة عن المعتاد، و قد تكون محرجة أحيانا للهواة من أمثالي. على سبيل المثال، بعد نشري مقالي السابق عاتبتني د. هيام الموسى من قسم التسويق بجامعة الملك سعود لأنني حصرت المقال بالآثار النفسية فقط للتسويق الرديء، و لم أشر للمخاطر الاقتصادية و الصحية على الفتاة و أسرتها. و قبل أن أستطيع التفكير برد يظهرني ذكيا، احالتني الدكتورة هيام الى دستور التسويق الأعظم “رأي المستهلك”. و لتسليط الضوء على تأثير ممارسات التسويق في صناعة الجمال من النواحي الصحية و الاقتصادية، قامت الدكتورة هيام بإنشاء استبيان استهدف ٧٧ فتاه في السعودية تتراوح اعمارهن ما بين ١٨ عاما و ٣٥ عاما، و هدف هذا الاستبيان الى التعرف على مدى تأثير فاشينستات شبكات التواصل الاجتماعي في سلوكيات الفتيات الشرائية و الطبية عندما يتعلق الأمر بالجمال و التجميل. نصف هؤلاء الفتيات تقريبا أجبن بأنهن يتابعن باستمرار أكثر من ٤ فاشينستات على وسائل التواصل الاجتماعي. ٧٦٪ من الفتيات المشاركات أجبن أن الفاشينستا افادتهن في التعرف على صيحات الموضة و الخصومات في المحلات التجارية. كل هذه الأرقام تبدو بريئة، حتى أذكر لك أن ٦٠٪ تقريبا من النساء أكدن انهن اشترين منتجات لم يكن يفكرن بشرائها لولا أن أعلنت عنها الفاشينستا، و تبدأ خطورة الحقيقة بالتجلي عندما تؤكد الغالبية العظمى من النساء (٨٥٪) أن ظاهرة الفاشينستا أدت الى المبالغة في عمليات التجميل. أي أن استخدام الهراء بدلا من الإبداع في الممارسات التسويقية يتجاوز تأثيره ضعف الثقة في النفس لدى الفتاة و يصل الى الاستلقاء طواعية لإبر و سكاكين جراحي التجميل.
مابين من يستخدمون الرسوم البيانية لإقناعنا بهرائهم، و من يستخدمون الكاميرا الأمامية لهواتفهم النقالة لبيعنا هراءهم، يذكر بيرجستورم و ويست في تدريسهما لطلابهما أن اكتشاف الهراء لا يتطلب درجة علمية في الرصد و التحليل، هي خطوات بسيطة يجب اتباعها، و يسعدني أن أشارك طالباتنا العزيزات و فتياتنا الغاليات بعض هذه النصائح في السطور التالية:
أولاً: يجب أن تفرقي عزيزتي بين النصاب و الكاذب، الكاذب يعلم الحقيقة و يقودك بعيدا عنها، النصاب سواء كان يعلم الحقيقة أو لا يعلمها فهو غير مهتم بها أساسا، يهمه فقط بيع بضاعته.
ثانياً: دائماً تساءلي من هو المتحدث؟ و هل يعرف عن ماذا يتحدث فعلا؟ مالذي يريد أن يبيعك اياه؟
ثالثاً: إذا شعرت أن المعلومات واقعية أكثر من اللازم، فهي غالبا غير واقعية أصلاً.
رابعاً: انتبهي للمقارنات التي تبدو براقة، لكنها في ذات الوقت غير عادلة. مثلاً، استخدمت الصحافة الأمريكية الفرق في معدلات التفاعل على السوشال ميديا من الجمهور بين الحملة الانتخابية لترمب و الحملة الانتخابية لأوباما ليظهروا أن ترمب هو أكثر شعبية من أوباما. هذا الفرق المثبت بالأرقام لم يشر الى الفرق في معدلات استخدام التكنولوجيا و انتشارها بين زمن الحملتين، و هو فرق كبير جداً، في حملة ترمب كان عدد مستخدمي الانترنت أكبر بكثير، و بالتالي أي رقم سيكون أكبر بكثير.
خامساً: تذكري ان الارتباط لا يعني السببية. معدلات استهلاك الآيسكريم ترتفع مع مبيعات المياه المعبأة في السعودية، هذا الارتباط لا يعني أن تناول الآيسكريم يتسبب بشراء قوارير المياه أو العكس. (الأمر ببساطه أن حرارة الصيف السعودي تزيد اقبال الناس على هذه المنتجات في موسم الصيف).
سادساً: انتبهي من سفسطائية البيانات المعقدة و الرسومات المحيرة، أغلبها محاولات بائسة لإقناعك بهراء خلفها.
سابعاً: البيانات و الكمبيوترات ليست بالحياد الذي تعتقدينه. هذه الأدوات قد تكون عنصريه، او متحيزه، او ظالمه. لأنها ببساطة نتاج برمجة البشري الذي صنعها و لماذا صنعها.
ثامناً: “تطير الكذبة نحو الآفاق، تلاحقها الحقيقة وهي تعرج”، عبارة قالها الأديب الأيرلندي جوناثن سويفت في عام ١٧١٠م، و تختصر الكثير.
قبل أيام من كتابة هذه السطور سنت الامارات العربية المتحدة قانوناً يشترط على من يتلقون أجراً مقابل الإعلان في حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي أن يحصلوا على ترخيص من مجلس الإعلام الوطني الاماراتي، مثلهم مثل أي وسيلة إعلامية أو إعلانية أخرى. علق المجلس على هذا القرار بـقوله:
“لا نهدف الى الحد من الابداع، بل الى التأكد من جودة المعايير و أن ارباحهم لا تعلوها الشبهات”
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال