الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“الشمال الحقيقي” تعبيرٌ يستخدم على نطاق واسع باعتبار ان ما تظهره لنا البوصلة ليس الشمال الحقيقي، كما أن العبارة تُستخدم كنايةً عن التوجه الصحيح حقيقةً وليس ظاهرياً، وهذا هو المعنى المقصود هنا.
في مملكتنا، اكتشف لنا “الشمال الحقيقي” الملك المؤسس، وكان قائداً مُنجزاً، أسس بلداً مترامياً مستقلاً يتمتع بأفضل صلات مع بلدان الدنيا لاسيما الأكثر تأثيراً وقوة. وبعد توحيده للبلاد وإعلانه المملكة، لم يُضع لحظةً فعكفَ على شحذ وتيرة التنمية والنمو، بدفعِ المبادرة إثر المبادرة، والمشروع في رِكابِ المشروع، وعينهُ على النتائج، فقد كان رجلاً عملياً، كما يصف هو نفسه.
وامتداداً لحقبة التأسيس، فــ “الشمال الحقيقي” لمملكتنا، هو تقوية هذا الكيان الغالي، دونما كلل أو ملل تحقيقاً للأهداف الطموحة التي يستحقها وطنٌ له مكانة متفردة، وموقع متفرد، وإمكانات اقتصادية مُطلَقة ونسبية وتنافسية لا يجاريه فيها وطن.
ويمكن الجدل، أن تحدي السير باتجاه “الشمال الحقيقي” كان شاخصاً أمامنا في هذه البلاد طوال الوقت، وإن تنوعت الأدوات، فمثلاً وضِعَت أول خطة خمسية في العام 1970، وتهدف لتنويع الاقتصاد والاستفادة من موارده البشرية. لكن وبعد مضي 48 عاماً لن تجد سعودياً يجادل في أهمية أي من الهدفين، لكن لا جدل حول عدم تحقيقنا للهدفين. لماذا؟ هل القصور هي الخِطة أم في الهدف؟ أم في خارطة الطريق التي كان يفترض أنها ستوصلنا لتحقيق الهدف؟
نحن الآن في سياق آخر، هذا السياق لم يُعارض أو يلغي الهدفين، لكنه أتى بالحلقة المفقودة؛ حلقة الإنجاز. وحلقة الإنجاز هذه ليست فقط وثيقة الرؤية 2030، بل جملة من برامج تحقيق الرؤية، (مع التركيز على كلمة “تحقيق” أي أن يصبح الأمرُ حقيقةً ملموسةً)، وكذلك البرامج المُسانِدة، وآلية المتابعة، وإطار الحوكمة، وتقارير ربع سنوية، وتقييم للأداء لا يهدأ.
مواردنا كانت دائماً هناك قابعة، كبناتنا المتعلمات القادرات الراغبات في الاسهام في نهضة وبناء مملكتنا الغالية، أما توظيف تلك الموارد فقد كان في أضيق الحدود مصحوباً بهدرٍ، وفي حين أننا كُنا ولا زلنا نستقدم النسوة من كل حدب وصوب للعمل هنا، نرى فتياتنا قابعات يبحثن عن عمل، فقد تضطر القادرة طلب عونٍ مادي من الضمان أو جمعية خيرية! والأمر لا يختلف كثيراً مع الفتيان. ومثالٌ آخر، فلطالما كان لحكومتنا تعاقدات مدنية وعسكرية بعشرات المليارات كل عام ولسنواتٍ ممتدة سنةٌ تلحقها سنة، لسلعٍ وخدمات تُشترى من موردين خارجيين دون مردود يذكر على الاقتصاد المحلي بما في ذلك منشآتنا الصغيرة والمتوسطة، أما الآن فلن يمضي أي عقدٍ نحو التنفيذ إلا بمحتوى محلي، يُعطي لأبناء الوطن وبناته فرصةً للعمل وللتعلم واكتساب الخبرة من جهة، ولمنشآته لتنفيذ جزءٍ من احتياجات المشروع وتحقيق فرصٍ للكسب والتوسع جراء ذلك.
لعل جولة ولي العهد التي نعايشها هذه الأيام، تبين بوضوح نَهج “رؤية المملكة 2030” وبرامجها للسير بنا نحو “الشمال الحقيقي”، ليس بمجرد تدبيج الخطط، بل بالسعي حثيثاً للتنفيذ بتوظيف مكامن القوة والتأثير وعدم إضاعة الوقت. ولابد من الاستدراك بالقول، أن المسير ليس سهلاً، وليس خالياً من المعوقات، ولكن لا فكاك لنا من أن نجعل اقتصادنا ينمو بوتائر عالية (فوق 7 بالمائة سنوياً) عاماً بعد عام دونما انقطاع، وأن نحقق التوظيف الكامل لمواردنا البشرية السعودية عبر استيعابها في وظائف قَيّمَةٍ. آنئذ نبلغ “الشمال الحقيقي”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال