الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ضمن الكتاب الإحصائي السنوي لعام 1436/1437هـ الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء نُشرت إحصائية للقضايا الأمنية في المملكة العربية السعودية لعام 1436هـ حيث بلغت إجمالي القضايا = 1.176.715 قضية.
كانت أعلى ثلاث مناطق إدارية في عدد الحالات منطقة مكة المكرمة بـ 443,264 حاله ؛ ثم منطقة جيزان بـ 157,534 حاله ؛ ثم منطقة الرياض بـ 116,107.
وتركزت في قضايا مخالفات النظام العام بنسبة 81% ؛ ثم قضايا الحقوق الخاصة بنسبة 8% ؛ ثم قضايا النفس بـ 4% من إجمالي عدد القضايا.
هنا سنتجاوز دراسة معدلات التغيير خلال الأعوام الماضية سواء كان المعدل زيادة أو انخفاض لقياس الجهد المبذول من قبل جهات الاختصاص حول هذه المعدلات فهي تعتبر مؤشرات أداء يقاس بها جودة العمل من عدمه.
في هذه المقالة سنركز على أمر غير منطقي ثم نستخدم قانون معدل الجريمة بالنسبة لعدد السكان لنحدد هل الأمر في حدوده الطبيعية أو لا.
عودة أخرى إلى منتجات الهيئة العامة للإحصاء ضمن إصدارها الخاص بالمسح الديموجرافي لعام 2016 نجد أن ترتيب المناطق الإدارية ذات الأكثر قضايا وفق العدد الأعلى للسكان على النحو التالي:
منطقة مكة المكرمة بـ 8,325,304 نسمه ونسبة الغير سعودي إلى السعودي 47% وهي المنطقة رقم 1 في ترتيب السكان.
منطقة الرياض بـ 8,002,100 نسمة ونسبة الغير سعودي إلى السعودي 43% وهي المنطقة رقم 2 في ترتيب السكان.
منطقة جيزان بـ 1,533,680 نسمه ونسبة الغير سعودي إلى السعودي 23% وهي المنطقة رقم 6 في ترتيب السكان من 13 منطقة إدارية في المملكة العربية السعودية في المقابل تحتل المرتبة رقم 2 في إحصائية القضايا الأمنية أي أعلى من منطقة الرياض ذات الترتيب الثاني من حيث أكثرية أعداد السكان.
ننتقل إلى قياس معدلات الجريمة في كل 100,000 من السكان وهي كالتالي:
بلغ معدل الجريمة في منطقة مكة المكرمة لكل 100,000 من السكان بـ 5,324 وفي من منطقة جيزان 10,271 ومن في منطقة الرياض بـ 1,451.
أي أن في كل 100,000 من سكان منطقة مكة المكرمة يوجد 5,324 من السكان لديهم قضايا أمنية. ومن هنا نلاحظ أن جميع المناطق عاليه جداً في معدلات الجريمة مقارنة بمعدلات الجريمة العالمية ذات التعداد السكاني الكبير.
إلا أن الملاحظ جداً والخطير أن منطقة جيزان هي الأعلى في معدلات الجريمة في المملكة العربية السعودية فمن غير المعقول أن في كل 100,000من السكان في منطقة جيزان يوجد 10,271 من السكان لديهم قضايا أمنية ؛ بمعدل آخر 1:10 وهو قانون النسبة والتناسب ويستخدم أيضا هذا القانون في التقارير الرسمية المحلية أي أن في كل 10 من السكان يوجد شخص واحد لديه قضية أمنية.
تصدر وزارة الداخلية سنوياً احصائيات لحصر عدد القضايا وقياس معدلات الجريمة وهي تأتي بصورة عامة مما يعطي قارئ الاحصائية انطباع بأن المعدلات أقل لأنها تشمل جميع أنواع الجرائم ؛ لذلك يجب تخصيص المعدل حسب نوع الجريمة و حساب هذه المعدلات وفق الإجمالي لقياس ذلك على عامة المجتمع سواء الخاص (على مستوى المنطقة) او عام ( على مستوى الدولة) ، والمقارنة بين مناطق المملكة واتخاذ الحلول المناسبة قبل تفاقم الأمر.
من زاوية أخرى يجب أن ننظر للأمر (كُلاً في اختصاصه) حسب التأثيرات السلبية في ازدياد معدلات الجريمة على المستوى الاقتصادي تحديداً حيث أن كثرة عدد القضايا بمختلف تصنيفاتها تولد بيئة طاردة لرؤوس الأموال سواء كانت داخلية أو خارجية فلا يوجد مستثمر سيغامر بأموال في بيئة غير آمنة وبالتالي سيؤثر ذلك على تنمية المكان وازدهاره ومن جهة أخرى ستكلف الدولة نفقات مالية كبيرة للحد من ازدياد معدلات الجريمة وبالتالي تضيع على المنطقة أو الدولة مشاريع حيوية وتطويرية للمكان والإنسان.
وعلى مستوى البحث العلمي بوزارة الداخلية وجدت مركز ذو اختصاص بحثي بمسمى مركز أبحاث مكافحة الجريمة واطلعت على عناوين الدراسات المنجزة لعام 1437هـ وكذلك التقارير السنوية لحركة الجريمة في مناطق المملكة الإدارية حيث ماعرض كان عناوين دون وجود محتوى للبحث ؛ إلا أنه يجب عرضها بالتفصيل لمعرفة مستوى العمل والتقدم فيه والكيفية في معالجة الأمر في المقابل دور المنظمات الحكومية والمنظمات الغير ربحية والقطاع الخاص كالبنوك والشركات ذات التصنيف الكبير والمتوسط فهؤلاء في الغالب ليس لديهم أدوار ملموسة اتجاه المجتمع وهم يعذرون لعدم وجود عمل تناسقي وتكاملي تقوم به وتقوده وزارة الداخلية ممثله في امارات المناطق فمثلاً الجامعات رغم انتشارها إلا أن دورها يكمن في التعليم دون وجود أثر ملموس في مجال البحث العلمي يخدم قضايا المجتمع ومشكلاته بطريقة مبتكرة وجديدة بدلا من ابحاث ورقية لأجل استحقاقات مالية أو رتب علمية لا أكثر.
والسؤال المهم يكمن في ظل هذه الأرقام الكبيرة من معدلات الجريمة متى ستعمل القطاعات الحكومية لدينا كمؤسسات مدنية في عمل تشاركي كُلا في اختصاصه ويقوم بالدور المطلوب منه اتجاه المجتمع؟
نعود أخيراً إلى منطقة جيزان وردة الفعل الرسمية حول هذه الإحصائية التي يجب أن تترجم إلى إقامة الندوات وإعداد الدراسات حول هذه الظاهرة التي ستفتك بالمجتمع اقتصادياً وسلوكياً و توجيه البحث العلمي في جامعة جيزان لخدمة قضايا المنطقة ودراسة الإحصائيات من وزارة الداخلية وتحليل ومعرفة مسبباتها وإيجاد الحلول السريع والمستدامة لها.
نتمنى أن نقرأ مستقبلاً في مركز أبحاث مكافحة الجريمة دراسات متخصصة لكل منطقة حول أكثر الجرائم انتشاراً بدلا من أبحاث عامة نستطيع الحصول عليها في العديد من المصادر الخارجية.
نحتاج إلى عمل متكامل بقيادة وزارة الداخلية مع الجامعات والهيئة العامة للاحصاء والقطاع الثالث والمسئولية الاجتماعية الواجبه من القطاع الخاص وتوجيهها فيما يخدم الإصلاح والتنمية.
اخيرا، نشكر وزارة الداخلية على ماقامت به من جهود كبيرة نتيجة لمكافحة الجريمة والإحصائيات دليل على ذلك وهذا دورها في المقابل هي كذلك مؤشر خطير ودليل على عدم تفاعل المؤسسات الحكومية مع بعضها للحد من ازدياد تلك المعدلات.
تغريدة:
لا تنمية بلا أمن.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال