الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ستنشغل وزارة العمل وتشغلنا معها خلال الأشهر القليلة القادمة في تنفيذ قرارها بقصر العمل في 12 مهنة على السعوديين ، وواقع الحال إنها مهنة واحدة فقط وليست إثنى عشر وهي مهنة التسويق . وسيؤدي تطبيق القرار إلى توظيف عشرات الألاف من السعوديين في منافذ البيع في مختلف الأنشطة المحددة وغيرها . وذلك أمر جيد لأنه سيسهم في التخفيف من البطالة ويوفر مصدر دخل للشباب العاطلين والأهم أنه سيدخلهم السوق ليتعرفوا على خباياه وأسراره وضخامته .
لكن سوق العمل ليس منافذ بيع فقط ، وليست منافذ البيع الأهم في الاقتصاد . بل هي من أقل المهن دخولا كونها لا تحتاج لمهارات عالية ويمكن لأي مستوى علمي ومهاري أن يشغل تلك المهن . المهن التي تتحكم في الاقتصاد وتمثل المحرك الأساسي له هي المهن ذات المهارات العالية سواء المهن الحرفية كصيانة السيارات والكهرباء والنجارة والحدادة والسباكة وكافة الحرف أو المهن التخصصية الدقيقة كالبرمجيات والمحاسبة والمهن الصناعية الدقيقة والطبية والمهن الهندسية المتخصصة وغيرها من المهن المهارية التي تتطلب تخصص علمي دقيق وخبرة عملية .
تلك المهن لا يمكن أن يصدر بها قرار وزاري بسعودتها كما حدث للمهن التسويقية ومنافذ البيع . والقرارات التي صدرت لدفع الشركات والمؤسسات إلى توطينها ضمن نطاقات غير كافية ولن تؤثر في تلك المهن . كما لا يمكن تركها دون توطين وحسب أهواء القطاع الخاص ،لأسباب جوهرية ؛ أولا لأهميتها وتأثيرها القوي والمباشر في الاقتصاد، وتحكمها في النمو الحقيقي للاقتصاد . ولأنها من المهن الدائمة الثابتة التي لا تتأثر كثيرا بالتطور التقني بل تستفيد منه وتنمو وتتطور معه . ثم إن تلك المهن تحقق دخولا عالية جدا قد توازي دخول رجال الأعمال .
إشكالية التوطين في تلك المهن أن معظمها تتطلب تخصصا علميا دقيقا ، ويوجد من الشباب السعودي من يملك ذلك التأهيل العلمي ،وبعض المهن يندر وجود السعودي المؤهل للقيام بها . وجميعها يلزمها الخبرة العملية لأتقان العمل وتأديته بشكل صحيح حتي يمكن إحلالالعمالة السعودية محل العمالة الوافدة .
وهناك إشكالية أخرى تتعلق بتقبل المجتمع والعامل في نفس الوقت للعمل في بعض تلك المهن التي رغم دخولها المرتفعة جدا مازالت غير مرغوبة إجتماعيا ، كالحدادة والنجارة بأنواعها والسباكة وحتى كهرباء المنازل وصيانة السيارات بمختلف أنواعها .
أتفق مع الاستاذ برجس البرجس أننا أمام أزمة حقيقية في التوظيف في مهن هي في طريقها للزوال أو انخفاض أعداد العاملين فيها كثيرا ، وأننا نتجاهل المهن المهمة للاقتصاد خصوصا ذات المهارة العالية والدخول المرتفعة ، واتفق معه في أننا بحاجة إلى خطة وطنية متكاملة لعلاج التشوة الكبير في التعليم وبالتالي التشوه في سوقالعمل .
لكني أعتقد أن إشكالية توظيف وتدريب المؤهلين مازلت تعاني من مشاكل كبيرة جدا ، وعملية إحلالهم تسير ببطء شديد . وكل برامج وزارة العمل ليست قادرة على تجسير الفجوة بين أعداد خريجي المؤهلات العالية المهارة وتوظيفهم . فمقاومة القطاع الخاص كبيرة وإجبارهم بقرارات وزارية ليس حلا مناسبا ، والإحلال ليس له خطة عمل واضحة . فماذا لدى وزارة العمل والوزارات والمؤسسات ذاتالعلاقة؟؟
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال