الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
عندما بدأت رسالة الدكتوراة التنفيذية في مجال تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة عام 2014م بجامعة كرانفيلد البريطانية، كان لدي طموح تطوير نموذج إئتماني قد يساعد المصرفيين في اتخاذ قراررتهم في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة. عندها بدأت رحلة الألف ميل بجمع البيانات المالية لأكثر من 1800 منشأة تندرج تحت تعريف المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة لفترة تمتد لإحدى عشر سنة. ومع بزوغ شمس رؤية 2030 وتنامي اهتمام الدولة بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كونه أحد ركائز الاقتصاد لزيادة الناتج المحلي فيالمستقبل، زاد شغفي للانتهاء من تطوير النموذج، وقمت بتكيييف وتعديل النموذج ليتوافق مع التعريف المحدث والأوسع لهذا القطاع في عام 2016م.
وفعلا استمر العمل البحثي والتطبيقي حتى وصل النموذج شكله النهائي في أواخر عام 2017 م وحينها اخترت عنوان “Modelling Credit Risk for SMEs in Saudi Arabia” «قياس مخاطر إئتمانالمنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية» ليكون عنوان هذه الدراسة. ولاشك أن ماساعدني في تطوير هذا النموذج والبحث هو خبرتي المصرفية في التمويل بشكل عام خلال 18 عام التي شملت قطاع تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
واستطاع النموذج من قياس مخاطر هذه المنشآت على مدى 11 عام آخذا في عين الاعتبار دورتين اقتصاديتين على الأقل. ومن الناحية التطبيقية والأكاديمية يمكن قياس نجاح هذا النموذج من خلال توقع تعثر هذه المنشآت مستقبلا (بناء على النتائج التاريخية لعينة المنشات) حيث أن النموذج استطاع تنبوء نتائج أكثر من 85% من عينة تلك المنشآت.
وبعد إكمال هذا المشروع الذي استمر أربع سنوات يمكن الأستنتاج أنه بالأمكان قياس مخاطر المنشآت الصغيرة والمتوسطة وإمكانية تنبوء مدى استمراريتها، حيث تبين أن نسبة غير قليلة من هذه المنشآت غير قابلة للاستمرار لوجود مخاطر كبيرة وأهم هذه المخاطر هي مخاطر الديون التي تتطلب من هذه المنشآت سداد فوائد أو أرباح الديون وهو الأمر الذي يصعب على هذه المنشآت الالتزام به وخاصة في فترات قصيرة الأمد ويجعل هذه المنشآت عرضة للتعثر حسب تعريف نظام Basil 2. ومن ناحية ربحية يصبح العائد المتوقع على تمويل هذه المنشات عالي وغير منطقي اذا تم قياسه عن طريق RAROC.
وبناء على ما ذكر من المهم مساعدة هذه المنشآت بايجاد آلية لتفادي التعثر المالي. وفي ظل رؤية 2030 التي تدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة يمكن القول أنه من المهم إيجاد صيغة تمويلية مهجنة (hybrid financing) تدعم تمويل المنشآتالصغيرة والمتوسطة تتيح لها فترات أطول ولا تضغط على سيولتها عن طريق صناديق تمويل بدلا من الطريقة التقليدية التي تتم على شكل قروض مصرفية. ويمكن للمصارف المشاركة في هذه الصناديق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بناء على شهية المصارف لمثل هذه المخاطر (risk appetite) التي تحدد من قبل مجالس ادارات هذه المصارف وتتماشى مع الأنظمة المصرفية المشرعة من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي المتوافقة مع الأنظمة المصرفية الدولية لبازل.
وماتم إعلانه من قبل صندوق الاستثمارات العامة العام الماضي عن تأسيس صندوق الصناديق للمنشات الصغيرة والمتوسطة يمثل خطوة جيدة، وفي اعتقادي أنه من الضروري ان يتم التنسيق بين الصندوق كونه أحد المحركات الاقتصادية الرئيسية في المملكة ومؤسسة النقد العربي السعودي وهيئة سوق المال وهيئة المنشات الصغيرة والمتوسطة في تطوير هذه الفكرة، بحيث تكون الأهداف استراتيجية ليس فقط في تمويل هذه المنشآت بل مساعدة هذه المنشآت في التخطيط ودراسة الجدوى والمخاطر والحوكمة ولاسيما اتخاذ القرار. وسوف تستطيع هذه الجهات دون شك في المساعدة على تحقيق رؤية 2030 لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال