“أرامكو” بين تعجيل الطرح وتأجيله

حين يتم الاعلان عن طرح عام في تاريخ معين، ثم يعلن عن تأجيله، فهذا يعني ثلاث احتمالات. اولها ان التنظيم القانوني والاداري المطلوب لم ينتهي بعد، بمعنى ان هناك متطلبات لم يتم استيفاءها بعد. الإحتمال الثاني ان سوق المال المستهدف بالطرح غير مهيأ للطرح. والاحتمال الثالث ان السعر المستهدف للطرح لم يتم استيفاءه حاليا ومن ثم فالتأجيل يكون الخيار الأنسب لعل المستقبل يحمل حظا اوفر للشركة التي تود الطرح، وقد تكون الاسباب الثلاث كلها مجتمعه او اثنتين منها. و«ارامكو» ليست بحالة شاذة عن شركات العالم، والحديث عن تأجيل الطرح لن يخرج عن الاسباب السابقة، ولكن ما يميز طرح «ارامكو» عن شركات العالم تنافس ادارات البورصات الدولية  ان يكون الإدراج بها ومن خلالها. 

الاعلان عن النية بطرح «ارامكو» يشكل علامة فارقة في التوجه المستقبلي لإدارتنا المالية، اساس منطلقه تعظيم العوائد على اصولنا والاستفادة القصوى منها. طرح «ارامكو» لا يعني عوائد مالية للطرح فقط، بل يعني بالاضافة حوكمة فعالة، وشفافية تحفظ الحق الخاص والعام، وايضا تحويل احد اكبر شركات النفط في العالم الى اداة مالية يمكن الاقتراض بجزء من اصولها لو اقتضت الحاجة لذلك.

تأجيل طرح «ارامكو» لعام او حتى عامين ليس بالأمر المهم نظرا لكبر حجم الشركة والطبيعة القانونية لعملياتها، بل ربما كان الاستعجال بتحديد عام طرحها خطأ في ذاته، وربما ايضا كان ادارة خاطئة للتوقعات من قبل المعنيين بالطرح.

التفكير في حدوث الطرح من عدمه لم يعد قائما، الطرح قادم لا محالة، لا يهم التوقيت والتأجيل عام او حتى عامين غير مهم. التفكير منصب الآن في كيفية الاستثمار المجدي لعوائده، بما يحقق مصلحة الطرح و الاجيال القادمة.