الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مضت سنوات طويلة منذ أن كانت المملكة العربية السعودية غارقة في اعتمادها الكلي على النفط، والذي يعتبر المحرك الأساس للاقتصاد. وكما تم وصف الوضع من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بـ “الإدمان الخطير على النفط”. وبسبب هذه الوفره والإدمان مارست الدولة الدعم طوال هذه السنين، مما جعل أسعار الوقود والكهرباء تصل لمستويات رخيصة جدا مقارنة بالبلدان الآخرى. وللتخلص من هذا الإدمان كان من الواجب فرض استراتيجيات جديدة والتي من شأنها خلق تنوع اقتصادي أوسع. لذلك أتجهت المملكة العربية السعودية إلى الطاقة المتجددة في محاولة لتنويع الاقتصاد وزيادة النمو.
لكن هذا لا يعني أن السعودية ستكون أقل اعتمادًا على النفط في المستقبل. في حين أن العديد من البلدان مثل ألمانيا والسويد والدنمارك تروج للطاقة المتجددة كطريقة للتخفيف من آثار تغير المناخ، وتتجه السعودية نحو مصادر الطاقة المتجددة للسماح لها بزيادة كمية تصدير النفط. فقد ارتفع استهلاك المحلي للنفط بنسبة 7 في المائة سنوياً، وهو اتجاه يمكن أن يستنزف احتياطيات النفط المحلية ويؤدي إلى كون البلد مستورداً صافياً للنفط بحلول عام 2038م. وهذا ما نخاف منه حقاً. لذلك أقول إن ضوء الشمس الساطع على تراب المملكة العربية السعودية سيجعل منعطف الطاقة الشمسية خياراً واضحاً في محاولة لتقليل الاعتماد المحلي على النفط.
وعلى الرغم من ذلك، حتى لو لم تكن المملكة العربية السعودية على وشك استهلاك كل نفطها، فقد أوصى صندوق النقد الدولي في تقرير عام 2017م لدول الخليج بأن عليها التنويع في اقتصادها بسرعة. كما توقع صندوق النقد الدولي أسوأ معدل نمو للمنطقة في عدة سنوات، وهذا حقا ما نشهده الآن؛ فاقتصاد الخليج يعاني منذ أن انخفضت أسعار النفط في عام 2014م. في حين أن المملكة العربية السعودية لديها “رؤية السعودية 2030” الطموحة، والتي تشمل في خطتها للتحول إلى الطاقة المتجددة. كما ستؤدي رؤية 2030 إلى التعمق أكثر في الخصخصة بدلاً من التأميم، لذلك سنشهد إنشاء شركات خاصة جديدة، وتحسين التعليم، وتحسين الإعانات، كما تم قبل فترة إدخال ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المائة.
قد يبدو أمرًا حيويًا الآن في ضوء الزيادة السكانية البالغة 50 بالمائة منذ عام 2000م ومعدل البطالة الكبير بين الشباب والفتيات. وعلى الرغم من أننا يجب أن نحافظ على الإيرادات النفطية والتي تمثل 63 في المائة من الإيرادات الحكومية في عام 2017م، فإن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة هو أيضا سيكون سبباً للإستدامة والإستقرار المالي واستمرار الإيرادات غير النفطية في النمو تماشياً مع جهود الحكومة في تنويع الاقتصاد وتوليد فرص عمل جديدة للمواطنين.
في حين أن الدافع الرئيسي للمملكة العربية السعودية للاستثمار في الطاقة النظيفة وتنويع اقتصادها هو الحفاظ على عائدات النفط، إلا أنه أيضا قد يدفع البلاد نحو شفافية سياسية أكبر، والذي سيؤدي إلى تنمية الصناعة والمحتوى المحلي للطاقة المتجددة، والصناعات العسكرية والتعدين، والقوى العاملة الروبوتية كما تم التخطيط له في مدينة المستقبل NEOM، و يتضمن ذلك تحسين البنية التحتية ودعم الصادرات وتطوير الخدمات اللوجستية اللازمة لتصبح المملكة منصة صناعية ولوجستية مميزة بين القارات الثلاثة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال