الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
إنّ من السهل أن نصرف الأذهان عما يتبادله الملايين من مستخدمي المواقع الإلكترونية الاجتماعية من تفاصيل تافهة ومبتذلة ، لكنهم يقومون – في واقع الأمر – بأكبر عملية تواصل اجتماعي تحدث من نوعها.
ولطالما قدمت لنا شبكة الانترنت منتديات متحررة من القيود يتواصل عبرها ذوو الاهتمامات المشتركة مع بعضهم بعضاً ، لكن هذه المواقع الاجتماعية ساهمت في قسط وافر من تلك الفوضى التي عمت الشبكة حين سمحت للناس بالتواصل بشكل مطرد ودون ضوابط وبأوضاع لم تحدث من قبل.
لقد تحولت بعض المواقع الإلكترونية الاجتماعية من مجرد أشكال من النزعات الآنية بين طلاب الجامعات إلى مراجع عالمية في غضون زمن قصير نسبياً ، أما قضية جدواها لصحتنا العقلية من عدمها ، فهذا أمر آخر.
فمنذ تدشينه في جامعة هارفارد في العام 2004، تزايد عدد أعضاء الـ (( فيسبوك )) وصولاً إلى أكثر من 250 مليون شخص في أكثر من 170 بلداً.
ولو كان الـ (( فيسبوك )) بلداً لأصبح رابع أكثر البلدان سكاناً في العالم ، ويأتي ترتيبه مباشرة خلف الولايات المتحدة. ويقوم ما يقارب من نصف مستخدمي هذا الموقع بزيارته بشكل يومي.
كذلك ازدادت شعبية المواقع الإلكترونية الاجتماعية الأخرى إذ يقوم ملايين من مستخدمي موقع (( تويتر )) بنشر أكثر من 30 مليون مادة مكتوبة يومياً لمن أراد الاستماع في ذلك الموقع.
جدير بالذكر ، أن المراهقين وطلاب الجامعات يمثلون ما نسبته 60 في المائة من مستخدمي المواقع الإلكترونية الاجتماعية.
يقول ديفيد ديسالفو: إنّ الدخول إلى تلك المواقع الاجتماعية وما يصاحبه من أنشطة أخرى يحتل المرتبة الثالثة من أكثر الأنشطة استخداماً في الشبكة العنكبوتية ، وهو بهذا يسبق استخدام البريد الإلكتروني الشخصي ، ويلي مباشرة محركات البحث والبوابات الإلكترونية .
وقد ازداد الوقت الذي يتم قضائه في فضاء المواقع الإلكترونية الاجتماعية أربع مرات عن معدل الاستخدام الكلي لشبكة الإنترنت من قبل أولئك المشتركين أنفسهم ، وهذا يمثل ما نسبته 20% من كامل الوقت المستخدم على الشبكة.
وبازدياد أعداد هذه المواقع الاجتماعية ، فقد تغيرت نظرة الكثير من الناس عن الانترنت ، من وسيلة تستخدم بسرية وخصوصية إلى أداة تجيب عن تساؤلات كثيرة فيما يخص النفس البشرية وهويتها : من نحن ، وكيف نشعر تجاه أنفسنا ، وكيف نتعاطى مع الآخرين؟.
يبدو في واقع الأمر أن التفاعل وجها لوجه هو نقطة التحول المحورية في تأثيرات التواصل الاجتماعي بشكل عام.
إن التواصل الاجتماعي عبر الشبكة ، والذي يسميه علماء النفس بتقنية الألياف الرقيقة ، تنقصه الكثير من العناصر المهمة في تكوين عملية الاتصال بشكل عام مثل لغة الجسد واللمس.
ختاماً أقول : قريباً سيصبح التواصل الاجتماعي الإلكتروني ( الافتراضي ) جزءاً لا يتجزأ من الاتصال اليومي ، لكنه سيغيّر من كيفية تفاعلنا مع بعضنا بعضاً ومن ثم يغيّر أنفسنا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال