الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ضُرب الإقتصاد العالمي بثورتين، الأولى ثورة الإتصالات والثانية ثورة المعلومات، غيرت هذه الضربات الساحقة من مفاهيم علم الإقتصاد وبديهياته، وبالتالي تغيرت نظرياته تدريجياً حتى أصبحت بعض هذه النظريات عبارة عن أمور يمكن تدريسها كتاريخ فقط ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع. فمثلاً في مرحلة التسعينات كان التبادل الإقتصادي مبنياً على التواصل وذلك مع تطور تقنية الإتصال تدريجياً وكان لعملية التواصل قيمة جذرية سواءً كأسلوب تسويق وصولاً إلى مفهوم تطوير الأعمال، أما الأن فلم يعد هذا التواصل وكافة إستراتيجياته وخططه وتكاليفه أمراً مهماً، فالأساس للتبادل الإقتصادي هو “المعرفة” وذلك بالمصطلح الشهير والذي ما زال مجرد “مصطلح” لدينا أو لدى بعضنا على الأقل، ألا وهو “الإقتصاد المبني على المعرفة” Knowledge Based Economy ويتمثل فيه الإستثمار الحقيقي لإستخدام المعرفة لتحقيق القيمة في كل المنتجات.
إذاً نحن أمام مرحلة تحول Transformation وليس مجرد تغيير، ويجمع العلماء، وأنا أتفق معهم، سواءً قيل عنهم Old School أو أصحاب مدرسة قديمة أو بائدة، يجمعون على أن الإستثمار في إقتصاد المعلومات لن يتحقق إلا إذا استثمرنا وأعطينا أهمية للعنصر الخالق لهذه المعرفة، والمتحكم والمسير لها. فعندما تستخدم مقدراتك على الحفظ والإستيعاب، سيقال لك أنك مثل “الكمبيوتر” ولكن الحقيقة من وجهة نظري أنك أنت من صنع الكمبيوتر، نعم أنت خالقه ومن خلقك هو “الله” سبحانه وتعالى، وشتان ما بين صنع الخالق وصنع المخلوق وهذا يقاس طبعاً بما تقدمه هذه المصنوعات من خدمات أو من إتخاذ قرارات، إذن فقضية التخلص من البشر وإستبدالهم بروبوتات هو أمر نسبي ومحدود، ولكن لن يكون هناك مكان لإنسان خامل كسول، حينها ستتفوق عليه الآلة وتخرجه من سوق العمل تلقائياً، وستكون ميزتك هي معرفتك فقط.
إدارة الموارد البشرية يتم تحديثها سريعاً، وكما كانت كتب الإدارة في الماضي تقول أن المورد البشري هو مورد إستراتيجي، فقط أصبحت الكتب الأن تقول أنه بمثابة الشريك في الثروة التي تملكها المنظمة، ولم يعد الأمر إدارة أفراد، بل هي إدارة لما يميز هؤلاء الأفراد وهو كفائتهم. وكما نرى في منظمات الأعمال أن العامل الكفؤ المميز بين أقرانه، أكثر ما يميزه هو كمية المعلومات التي لديه عن المهمة التي يقوم بها، فتجد أنه أول شخص يسأله المسؤول عندما يريد التأكد من معلومة مهمة بالقسم الذي ينتمي له هذا العامل.
يجب على كل منظمة أن تجيب على هذا السؤال، وهو كيف يمكن ضمان إدارة عنصر المعرفة بين الأفراد بشكل مستمر في المنظمة؟. كيف سيحدث ذلك في ظل عدم مقدرة أفراد ومنظمات المدرسة الحالية والقديمة على استيعابه، ولا يلام أحد في ذلك، ومن وجهة نظري من لا يؤمن بإدارة المعرفة، فقد حان فعلياً الوقت لخروجه من السوق، وربما لتقاعده عن العمل كلياً. وقد ذكرت أن الرافض لا يلام لأنه ببساطة عاش طوال حياته على عوامل الإنتاج الممثلة في الأرض، العمل، ورأس المال. وأصبحت إدارة المعرفة اليوم هي العنصر المحرك فعلياً لبقية عوامل الإنتاج بفعالية أكبر وتكلفة أقل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال