فخ التخطيط وصعوبة التنفيذ

متلازمة التخطيط الاستراتيجي وقياس نمو الأداء المؤسسي في المؤسسات الحكومية تعتبر أقل من مثيلاتها في مؤسسات القطاع الخاص، لذا المصدر الأهم لتزويدنا بالتجارب هو القطاع الاستثماري.
تشير دراسات إلى أن نسب فشل الخطط الاستراتيجية 90% ونسب النجاح 10%، ووفق هذه النتائج يعتبر التخطيط الاستراتيجي محبط وغير مجدي على الأقل نظريا.

المعلومة السابقة تعتبر غير دقيقة والسبب أنّ الكثير لا يفرق بين التخطيط الاستراتيجي وبين تنفيذ الاستراتيجية، مرة أخرى الواقع التجريبي ورأي الخبراء يؤكد أن الفشل يحصل في تنفيذ الخطة الاستراتيجية ومعدل نجاح التنفيذ لا يتخطى 10%.
وإذا ما انتقلنا إلى مستويات أعمق لفهم السبب الجوهري عن ذلك الفشل الذي يلاحق الرؤساء التنفيذيين في الشركات والمسؤولين في الحكومات.

بداية سنفترض أن صياغة الأهداف الاستراتيجية تمت بشكل صحيح وواقعي وفق أرقام ومعطيات صحيحة وضمن تحليل دقيق إلى حدّ ما، وإذا ما تأكدنا من سلامة جميع العناصر السابقة.
يمكن أن يُعزى الإخفاق إلى المعنيين بالتنفيذ ومدى قدرتهم على تحويل التطلعات الاستراتيجية إلى ممارسات  يومية لدى العاملين من أعلى الهرم التنظيمي إلى أسفله.

تشير الدلالات إلى أن تحويل التطلعات والاهداف الاستراتيجية إلى ممارسات يومية واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الرؤساء التنفيذيين والمسؤولين في الحكومات؛ فالأمر يتطلب جهد كبير وفترة زمنية ليصبح العمل الاستراتيجي قيمة وسلوك متأصل لدى جميع العاملين في المنظمة.

وحتى لا يقع الرؤساء التنفيذيون والمسؤولون الحكوميون في فخ الفتور وتأخر النجاح يتوجب أن يكونوا أكثر حكمة من خلال تنفيذ بعض المشروعات والمبادرات لإنجاز مكاسب سريعة على أن تترافق بشكل متوازي مع الخطة الاستراتيجية، ولعل ما يؤيد ما سبق أن الشركات الرائدة تصدر تقرير مراجعة للخطة الاستراتيجية في نهاية كل سنة لعمل التعديلات اللازمة ومراقبة الانحرافات وقد يصل الأمر إلى تغيير حاسمة.

الشاهد مما تقدّم كُله، أن هنالك خلط بين الخطة الاستراتيجية وتنفيذ الخطة ولأنها عمل شاق والتزام منضبط، لا سبيل للنجاح إلاّ من خلال المحاولة والتكرار لتتحول ممارسات تنفيذ الخطط الاستراتيجية إلى منهجية متجذرة لدى مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والعاملين، وأخيرا التحسين المستمر محور أساسي في تحول الرهانات الصغيرة إلى إمكانيات كبيرة.