الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كتبت هذه المقالة من حيث ابتدأت حياتي العملية قبل 13 عاما بالتنقل على طريق الدمام الرياض عندما كانت السرعة القصوىالتي فرضها المُنَظِّم على العامة مُمُثَلاً بأمن الطرق هي 120 كم/ساعة. وعندما يتم إقرار السرعة القصوى على طُرُقٍ ما فإنهاتُقَر بعد أبحاث و دراسات تشمل عوامل مختلفة من عرض الطريق و عدد المستخدمين و البُعد عن المناطق المأهولة و غيرها من العوامل المتفق عليها عالمياً.
مجموعة العوامل هذه أتت من خبرات طويلة من أهل الإختصاص فوضعوها على شكل معادلة تقوم بحساب الحد الأعلى للسرعة و في بعض الدول الحد الأدنى. هذا الرقم يُقر بحيث أنه يفترض أنه في الحالات المثالية سيرفع من السلامة ويخفف من المخاطر ليحقق نتيجة مقبولة للعموم وهي أن يصل الجميع سالمين خلال مدد زمنية متقاربة. لكن لكل قاعدة استثناء، فنجد بعض السائقين يحسبون المخاطر بطرق تختلف عن المعدل العام، فمنهم من يلجأ الى تخفيف المخاطر ولو كانت على حساب العوائد فيقودوا بسرعات أبطأ مستغرقين أوقاتا ًأطول للوصول.
و في الجهة المقابلة هناك من يؤمنون بتعزيز العوائد على المخاطر فتجدهم يقودون بسرعات أعلى مستغرقين أوقاتا ًأقصر للوصول. و منهم المتهورين جداً تجدهم يقودون برخص منتهية و بأنوار لا تعمل. هنا الرقم الذي يمثل السرعة القصوى و الذي اتفقت عليه ووضعته إدارة أمن الطرق يمكننا اعتباره بمثابة ما يطلق عليه في عالم الاستثمار والأسواق المالية معدل الخلو من المخاطرة (Risk Free Rate). بناء على هذا المعدل يمكن التصنيف بأن الذي خاطر أكثر و انطلق بسرعة أعلى ووصل سالماً (جهد+حظ) يعتبر ذا إنجاز أعلى من السوق. أما الذي قاد بسرعات أقل فيمكن اعتباره انجازاً أقل من السوق.
و الغالبية العظمى الذين يتبعون السرعة النظامية ويسيرون بحسب المعدل المفروض هم من يمثلون السوق العام و هو الذي يضمن لهم الوصول الى نقطتهم النهائية بدون أخذ مخاطر مختلفة. لكن ماذا يحدث عندما يقوم المُنظم برفع السرعة القصوى الى 140 كم/ساعة؟ الذي يحصل أنه من كان في السابق يعد متفوقاً على السوق أضحى اليوم مع العموم فهنا يقرر إما البقاء معهم أو زيادة المخاطرة من أجل تحقيق عوائد أعلى و المحافظة على القمة.
التشبيه أعلاه مجرد مثال واحد لقراراتنا التي نتخذها تلقائياً في كل دقيقة من أعمارنا دون أن نتمعن في حساب نسبة العائد على المخاطر مع وجود معيار تضعه جهة مُنظِّمة ما سواء كانت مؤسسة النقد العربي السعودي أو البنك الفدرالي أو حتى سلم رواتب الموظفين العام. بلا شك فإننا لا نتوقع من الجميع القيام باتباع Capital Asset Pricing Model أو حساب Sharpe Ratio كل مرة ينوي الانسان الخروج من منزله بغرض تعزيز الـ “ألفا” الخاصة بقراره. لكن اتباع حساب المخاطر في حياتنا بلا شك يعتبر طريقة تساعد في استغلال فُرص قد لا تعوض أو قد تساعد في التحوط ضد أزمات قد تحدث.
الإبداع في حساب المخاطر و العوائد يعزز ثقة الإنسان قبيل اتخاذ قرارات مصيرية. فبه يُحدِّد كل شخص مستوى الرفاهية الذي ينوي توفيره لنفسه ولمن يرثه من بعده اذا قام بحساب العائد المرجو من وظيفته (مادياً كان أو معنوياً) قبل أن يقرر نوع العمل الذي ينوي الإنخراط به. فالشخص الذي يكتفي بالعمل في وظيفة مضمونة الراتب منخفضة المخاطر من الصعب أن يتفوق معدل رفاهيته عن زملائه المنخرطين في نفس المجال والسلم الوظيفي بما أن جميع الموظفين سينتهي بهم المطاف الى التقاعد.
يمكننا القول بأن التقاعد قد يضمن لهم عيشاً كريماً لكنه سوف يحول بينهم و بين الثراء والرفاهية العالية للأبد. لكن إذا قرر شخص أن يسلك طريقاً مختلفاً ويخاطر بالأعمال و التجارة فهنا سيفتح لنفسه المجال بالتميز عن العموم والخروج من مجرد الغنى الى الثراء. لكن عليه أن يحسب خطواته جيداً لأنه كما أن العوائد قابلة إيصاله لحد الثراء فإنها كذلك معرضة للإنتكاس بحادث سيارة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال