الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بالطبع لن تظهر ملامح الأزمة الكبيرة على وجه مارك زوكربيرغ وهو يستقبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الأيام الماضية. استقبال شخص بمكانة الأمير محمد وطموحاته ورؤيته وتقديره للشركات الكبيرة التي أسسها وقادها شباب في مثل سنه ربما يخفف على مارك وشركته ومنسوبيها تداعيات الأزمة. الأزمة بالفعل شديدة الوطئة نتج عنها أعظم خسائر مادية في تاريخ الشركة. هبطت أسهمها في السوق وفقدت الشركة 58 مليار دولار من قيمتها السوقية في أسبوع واحد تقريباً.
الأزمة بدأت تنسج خيوطها من عام 2014 ومن عند ألكسندر كوغان وهو أستاذ بجامعة كامبردج ورئيس لشركة تعمل في مجال البحوث العلمية، قامت شركة ألكسندر بعمل دراسة إستقصائية تشتمل على 270 ألف شخص يعيشون على منصة الفيس بوك، الدراسة تمت بالاتفاق بين الطرفين، وأمدت الشركة ألكسندر ببيانات المستقصى منهم وبيانات أصدقائهم على صفحات الفيس. لم يحفظ ألكسندر الأمانة ولم يراعي أصول التعامل مع الفيس التي منحته هذه الفرصة ووجه لفيس بوك ضربة قاصمة بتمرير تلك البيانات إلى طرف ثالث، وما أدراك ما الطرف الثالث؟
ليست شركة تجارية أو اعلانية عادية مثل كل الشركات التي تتعامل مع فيس بوك مباشرة وتصل من خلالها إلى عملائها المرتقبين، لكنها شركة Cambridge Analytica المتخصصة في الاستشارات السياسية، وأكبر المستفيدين منها كانت حملة ترامب الانتخابية التي تمكنت من التواصل الفعال مع 50 مليون مستخدم للفيس حصلت على بيناتهم من ألكسندر ثم من أنالتيكا وعلى طبق من ذهب. المنصات الاجتماعية تثبت كل مرة تأثيرها في كل الأحداث التي تجري على وجه الأرض. القانون الأمريكي يتعامل مع ماحدث باعتباره عمل غير مشروع تم بشكل غير قانوني ومس مباشرة أهم ممارسة تتم على الأرض الأمريكية وهي الانتخابات الرئاسية. وربما ساهم هذا العمل في حسم الانتخابات الرئاسية لصالح ترامب. هذه الأمور يتم التعامل معها بقدر كبير من الحساسية في الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تمس أمنها القومي بالدرجة الأولى وتتعلق بسلوك اختراق القوانين والذي يتم مواجهته بقوة وحسم مهما كان فاعله.
تحقيق الفيس بوك في الأمر واستقالة رئيس أمن المعلومات بالشركة لم يمنع شركات معلنة على الفيس ومتعاملة معه عن انسحابها من صفحاته، والخوف أيضاً في طريقه للعملاء الأفراد الذي يخشون الآن من التلاعب ببياناتهم واستخدامها في أغراض تسبب لهم أضراراً مادية ومعنوية، الأزمة كبيرة وتتعلق بقيمة أساسية تقدمها الشركة لعملائها وهي خصوصية معلوماتهم وتأمين استخدامها، إذا فقدت هذه القيمة فان حاضرها ومستقبلها في مهب الريح، ناهيك عن أن شركة الفيس بوك تواجه قبل هذه الأزمة وبعدها متاعب كبيرة مع دول وحكومات تتعامل معها باعتبارها عدو لدود يستهدف استقرارها الاجتماعي ويصدر لها الأزمات المتتالية. شركة الفيس ومؤسسها المبدع الصغير يواجهان أزمة قد تكون هي نهاية كيان غير طريقة الحياة في عالمنا، وقد يخرج الفيس من الأزمة أكثر قوة وإبداعاً وتأثيراً، ويخرج معها مؤسسها وهو أكثر خبرة ونضجاً وحكمة، احتمالان ليس بعدهما ثالث.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال