الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
متخصص في الحودة
تشكل سلاسل الأمداد نوعا خاصا من الخطورة على المؤسسات و الشركات على حد سوى، أذ يمتد نطاقها الى جميع اللاعبين الأساسين في حلقة الأعمال:المنظمة والموردين و كذلك العملاء. وتسعى إدارة المخاطر في المؤسسات و الشركات إلى معالجة هذه المخاطر سواء تلك المخاطر المعروفة مسبقا أو غير المعروفة، بشكل استباقي، قبل حدوثها و تحسين استجابة المنظمات لهذه المخاطر بعد و قوعها. أن التغافل عن أهمية إدارة المخاطر في الشركات ينم عن إدارة غير فاعلة مما يؤدي الى خسائر ضخمة وربما الخروج من السوق.
في العام الميلادي 2018 ما هي الأضطرابات المحتملة التي قد تواجه سلاسل الأمداد و كيف يمكن للشركات أدارة هذه المخاطر بكفاءة عالية.
ليس يقينا أنه يمكننا التنبؤ بتحديد أنواع المخاطر التي قد تواجه سلاسل الأمداد للشركات على مختلف أحجامها وتعدد نشاطاتها، ولكن ما يمكننا أن نتعلمه هو كيف نستفيد من تلك الأضطرابات في ضمان سلامة وكفاءة سلاسل الأمداد الحالية او المستقبلية.
على ضوء الأستقراءات للأعوام الماضية، يمكننا تصنيف أعظم المخاطر التى واجهتها سلاسل الأمداد الى ثلاثة أصناف رئيسية:
1- الكوارث الطبيعية
2- المخاطر ذات الأسباب البشرية
3- الأضطرابات الاقتصادية
مثل هذه المخاطر يكون لها الأثر الكبير على كفاءة سلسلة الأمداد.
ان من أسوأ ما تواجهه سلاسل الأمداد هي الكوارث الطبيعية، مثل العواصف و الفياضانات و حرائق الغابات. إن مثل هذه الأضطرابات ينتج عنها خسائر فادحة وأضرار جسيمة. فعلى سبيل المثال في عام 2016 أجبر زلزال كوماموكو في اليابان صناعة السيارات على التوقف مما أدى الى خسائر فادحة بالإضافة الى التأخر في تسليم طلبات الشراء للعملاء.
تعتمد صناعة السيارات على عدد 200000 الى 30000 مكون ، يتم توريدها من عدد من الموردين المعتمدين لدى شركة تويوتا . وعلى سبيل المثال، كانت وحدة أيسين في كوماموتو Kumamoto مسؤولة عن 75 في المائة من الناتج المحلي لأبواب سيارات تويوتا. فقد أدى تعليق قطع الغيار في المناطق المتضررة إلى شل سلسلة إمداداتها على مدى الطويل، مما تسبب إلى توقف تشغيل شركات صناعة السيارات اليابانية ليس فقط في اليابان ولكن أيضا في مصانع أمريكا الشمالية وجنوب شرق آسيا.
على ضوء أحداث هذا الزلزال أوقفت شركة تويوتا تدريجيا معظم خطوط تجميع السيارات في جميع أنحاء اليابان . وتمكنت تويوتا بعد ذلك من اعادة تشغيل انتاجها بالكامل بعد تأمين قطع الغيار من عملياتها في الخارج. أدى هذا الاضطراب الى خفض انتاج سيارتها بحوالي 80 الف وحدة ما يعادل 7 في المئة من إجمالي إنتاج السيارات الشهري في اليابان – من شأنه أن يخفض الانتاج الصناعي للبلاد بنحو 1 نقطة مئوية. كما شهدت ولاية لويزيانا فيضانات أجبرت مصفاة موتيفا في بورت آرثر Motiva’s refinery in Port Arthur رابع أكبر مصفاة نفط ، التي تبلغ سعتها 603000 برميل يوميا على الأغلاق بعد أن خفضت أنتاجها 60 بالمئه. بالأضافة الى 18 مصفاة أغلقت بالكامل او جزئيا مما نتج عنه خسائر هائلة, مثال اخر على مثل هذه الكوارث الطبيعية، أعاصر ماثيو الذي أدى الى حرائق كاليفورنيا و التي بسببها تعطلت سبل نقل البضائع من خلال السكك الحديدية.
إن مثل هذه الأضطرابات في سلاسل الأمداد تنتقل تأثيراتها من مكون الى مكون اخر ضمن السلسة الواحدة حتى يصل تأثيرها الى المستفيد النهائي.فلقد أفادت التقارير بعد أعصار ماريا الذي تم في 20 سبتمبر 2017 الى تدمير القدرة لتصنيع الأجهزة الطبية في بورتويكو مما سبب نقصا حادا في المراكز الطبية وبذلك أجبرت المستشفيات على أستخدام أجهزة بديلة وايجاد موردين جدد.
ان مجرد أن يفكر العميل بايجاد مصدر بديل لتلبية احتياجاته من الموارد يعني ذلك خسارة فرصة اقتصادية بالاضافة الى زيادة التنافس مع موردين قدامى او محتملين.
2- الكوارث البشرية
ان الأضطرابات و الكوارث تتعدى الكوارث الطبيعية الى الكوارث صنع الأنسان، مثل الحرائق و العيوب الأنتاجية و الهجمات الألكترونية و الأضطرابات العمالية و القرصنة. تصنف مثل هذه الأضطرابات على أنها أكثر ضررا لسلاسل الأمداد ولكنها أقل حدة من الكوارث الطبيعية.
شهد عام 2016 الميلادي حريق في أحد مستودعات شركة الملابس الشهيرة جاب في مدينة نيويورك- وتمثل مخازن فيشكيل حوالي 10 في المائة من كامل قدرة الشركة على التخزين في جميع أنحاء البلاد لشركة جاب. دمرت هذه الحرائق 30% من أجمالي مساحة المستودع مما ادى الى تدمير نسبة كبيرة من مخزون الملابس، وأثر سلبيا على قدرة جاب على تسليم 10% من أوامر الشراء عبر الإنترنت.
تعين على شركة جاب في هذا الظرف توفير هذه الطلبات من مخازن بديلة، في كل من ولاية أوهايو وتينيسي، حتى لا ينتظر العميل طويلا. ولكن المشكلة تكمن في أن هذه المخازن لم يكن مخطط لها أن تستوعب مثل هذه الكم من الطلبات ولم تكن العملية اللوجستية مهيئة للشحن الى الولايات الجديدة.
مثال اخر للكوارث البشرية و التي تكون ناتجة عن العيوب الأنتاجية، ما حصل للهواتف المحمولة لشركة سامسونج الكورية والعيب الخاص بالبطارية. ان مثل هذا العيب يتعدى الخسائر المادية والتأخر في الاستجابة للطلبات الى تأثر العلامة التجارية لدى شريحة كبيرة من العملاء و كذلك خسارة الثقة المبنية على أساس الجودة العالية، أكبر بكثير من الخسائر المادية، حيث تؤدي مثل هذه الى انتقال العملاء الى منتج منافس اخر و يصعب او على أقل التقديرات تتأخر استرداد الثقة، وبذلك يتأخر المنتج الى الخيار الثاني second to choice.
4- الاضطرابات الاقتصادية
وجها اخر من أوجه الأضطرابات التي تتعرض لها سلاسل الأمداد وهي الاضطرابات الاقتصادية. تتسبب مثل هذه الأضطرابات في نقص المنتج أو العمالة أو بهما معا. من أمثلة هذه الأضطرابات الأعسار المالي والتي عاشتها الأسواق عام 2008 الميلادية و حقوق براءات الأختراعات التى أشتكت منها أمريكا للصين و الأفلاسات التي تتعرض لها كبرى الشركات مثل الناقل البحري هانجين Hanjin maritime carrier عام 2016 الميلادية مثال قريب و حديث عهد، أدى الى أن تترك العمال السفن و الحاويات و المنتجات في عرض البحر و الموانيء في جميع أنحاء العالم.
من بين الأمثلة الأكثر شهرة في هذا الصدد ما تعرضت له شركة ” كوتلر- ماك د موت” Cutler-McDermott Co) التي عمرها 105 سنوات. تعرضت هذه الشركة الى أعسار مالي هدد 19 شركة من موردي شركة جنرال موترز الأمريكية لولا التوصل الى أتفاق تسوية تقدر بـ 9.2 مليون دولار مما جنب جنرال موتورز ملايين الدولارات.
أدى تزايد الترابط العالمي بين سلاسل الإمداد، والاضطرابات الناجمة عن الكوارث الطبيعية، والأحداث التي من صنع الإنسان، والمخاطر الاقتصادية إلى زيادة ضعف المنظمات التجارية. ومن وجهة نظر ديمومة الأعمال و استمراريتها وإدارة المخاطر، من الأهمية بمكان دراسة سلسلة الأمداد من البداية الى النهاية و الأنتباه الى الأخطار المتوقعة عند وضع استراتيجية أدارة المخاطر وخطط الأستجابة للأزمات.
تاريخيا، كانت الشركات تميل إلى إدارة الاضطرابات في أسرع وقت ممكن – بغض النظر عن الأسباب الكامنة وراءها، بدلا من بناء سلاسل التوريد التي تقلل من احتمال حدوث مثل هذه المخاطر وأثارها السلبية. غير أن هذه الممارسة تغير تركيز القدرة على الصمود. على سبيل المثال، بعد أن اضطرت تويوتا إلى وقف إنتاج المركبات بسبب زلزال توهوكو عام 2011، علمت تويوتا من الحدث، واستجابت لبناء شبكات معلومات تغطي حوالي 4،000 قطعة غيار للسيارات. وهذا ما أفاد الشركة عندما حدث زلزال كوماموتو عام 2016، حينها كانت تويوتا أفضل استعدادا وقدرة على تحديد الموردين الذين تأثروا في غضون ساعات، ومن ثم وبسرعة تحول إنتاج قطع الغيار إلى موردين بديلين.
هناك المزيد من الشركات التي تدرك أن الاستجابة السريعة للاضطرابات تعد من أولويات استراتيجيتها، وبذلك فأنها تستعد بشكل استباقي لانقطاع الخدمة واكتساب فهم مواطن الضعف الكامنة وراءها والعمل على تفعيل الخطط البديلة حتى لا تتأثر كفاءة أعمالها.
دعونا نأمل أن سلاسل الأمداد لعامنا الجديد أكثر صلابة وأقدر على الصمود في وجه المخاطر القادمة.
وهنا اوجه دعوة الى شركاتنا السعودية و هي متجهة الى تحقيق الرؤية الوطنية 2030 الى أن تكون أكثر وعيا بأهمية أن تأخذ مخاطر سلاسل الأمداد ضمن خططها الاستراتيجية لتحسين كفاءتها التشغيلية في ظل التحديات الاقتصادية و التنافسات العالمية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال