الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يصعب علينا التفريق بين ما يسمى “التنمر” و بين التفكير الناقد Critical Thinking. خصوصاً في العالم الإفتراضي والشبه إفتراضي الذي نعيشه والذي تٌشرح الأفكار فيه بجمل لا تتعدى 280 حرف. مما يجعل من الصعوبة بمكان إيضاح وجهة النظر، وهذا فعلياً ما قد يسبب الحكم على الأخرين بالتنمر الإلكتروني بسبب عدم وضوح الرؤية لمحدودية المساحة.
مهارات التفكير النقدي تعتمد بشكل رئيسي في التركيز على موضوع الحوار والبعد عن الشخصنة، وهذا أمر صعب تطبيقه خصوصاً في العالم العربي حيث يحتقر البعض البعض الأخر وكلاً منهم “يحسبون أنهم يحسنون صنعاً”. الحقيقة أن أغلب خلافات العوائل والشركات والدول في أساسها كانت شخصنة وخروج عن موضوع الحوار الرئيسي الذي لو تم التركيز عليه لما تحولت المشكلات الى بالونات نعيش بينها إلى يومنا هذا.
حاملوا لواء التفكير النقدي يعتبرهم البعض انهم مصابون بمرض الشك. هذا ناتج عن انخفاض حاد في الثقافة النقدية، فالإنسان السعودي والعربي بشكل عام لا يزال رافضاً للنقد بأي صورة كانت، حتى وإن علم ان هذا النقد سيكون بناءً ولصالحه. لن ينظر إليه وسيتجاهله وقد ينكر وجوده حتى بينه وبين نفسه لمجرد انه صادر من شخص أخر وليس من عقله هو شخصياً. وقد يؤدي به الأمر لتدمير مستقبله المهني والبحثي “فقط” لإرضاء العناد الشديد المصاب به والناتج عن عدم تقبل النقد. والكارثة عندما يكون العناد وعدم التقبل من أقرب الناس “الأب والأم والأخوة” حينها سنعرف سبب بطالة وفشل العديد من الشباب والشابات.
التفكير النقدي كأسلوب حوار، موجود لدى الجميع بنسب متفاوتة. يزيد وينقص. وقد يزيد عندما يشعر الإنسان بالخطورة في أمر ما. وهنا أعود لمثال نصائح الأب والأم لإبنهم المراهق بعدم السهر وبعدم تناول الوجبات السريعة وبعدم الغياب عن الجامعة وبعدم التدخين. وذلك لخوفهم الشديد عليه، ولكن الأسلوب المباشر في النقد بهذه الطريقة له نتائج معروفة، ألا وهي إنغماس المراهق في الأخطاء أكثر. الطريقة السليمة هي الـ indirect الغير مباشرة وذلك لتلافي المصادمات المؤدية للعناد كما ذكرت من قبل.
إذاً وبناءً على صحة ما سبق، لا يمكننا أن نلوم أصحاب التفكير النقدي على طريقة تفكيرهم. ولكن يمكننا أن نلومهم أحياناً وبشدة على طريقة طرحهم وتوقيت وأسلوب نقدهم. ونحتاج في الأمة السعودية الجديدة، ضمن الاقتصاد القائم على المعرفة، أن نرفع مستوى مهارات التفكير النقدي إبتداءً من طلاب المدارس. ولن يتحقق ذلك إلا بأنشطة لا منهجية تعتمد على طرح أفكار وإبداء آراء وتبنيها وعرضها أمام الجميع وتقبل إنتقادهم ومناقشتهم بلا “تنمر” و بلا “شخصنة”.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال