الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
شاهدنا خلال الأيام الماضية حملة اعلانية كبيرة وواسعة شملت الشواراع والصحف وكانت تحمل كلمة واحدة فقط وهي “غصب” وبعد عدة أيام من جذب الإنتباه تبين أنها حملة اعلانية عن القناة السعودية بحلتها الجديدة و”غصب تحبها”. وفي هذا المقال سأناقش هذه الحملة الإعلانية من وجهة نظري التسويقية.
بالنسبة لإختيار اسلوب teaser ad فاعتقد أنه اختيار مناسب للوضع وهو لفت الإنتباه والإعلان عن انطلاق القناة السعودية بحلتها الجديدة ومن وجهة نظري أنه نجح فعلياً في شد انتباه المستهلكين عن ماهو الغصب هذا. فحتى نوع الخط والتصميم واختيار أماكن الإعلان بشكل عام في تلك الحملة يتوافق مع كلمة “غصب” وما تحمله من معنى.
نأتي لكلمة “غصب” ومعناها، فقد صرح الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون الأستاذ داوود الشريان عن معنى هذه الكلمة وهي أنها كلمة متداولة قديماً والمقصود بها القناة الأولى والثانية السعودية، فتسمى غصب 1 و2 وذلك لعدم وجود خيارات أخرى للمشاهد السعودي في ذلك الوقت وأن تلك الصفة التي كانت تُعيرَ بها ستصبح صفة ايجابية والقناة ستكون منافسة في المنطقة وسيجد السعوديون أنها ستغنيهم عن القنوات الأخرى وستكون فعلاً غصب تُجبر المشاهد السعودي على متابعتها ولكن بحب.
كلمة غصب بلاشك هي كلمة قوية وهي من الكلمات ذات الصفة الغير محمودة لغوياً أما في الثقافة المحلية فأعتقد أنها كلمة متداولة في المحادثات خصوصاً لدى الشباب الأصغر سناً وتحمل معنى أخف وطأة من المعنى اللغوي. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال، من هم الجمهور المستهدف من الحملة ومن القناة؟ هل هم جيل الألفية الذي على الأرجح لايعلم عن هذه التسمية أم الأجيال التي تسبقه التي تفهم معنى غصب 1 و2 ؟ إذا كان المقصود جيل الألفية، فما هو تصورهم الحقيقي عن قناة عرفوا (من خلال الحملة الإعلانية) أن من كان قبلهم أطلقوا عليها اسم “غصب 1” وهل هذا سيجلهم (يشاهدون فعلياً) هذا الغصب؟ من تصريح الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون حينما وضح أن القناة ستعكس صورة المملكة العربية السعودية بصورتها الشابة، استطيع أن استنتج من أن الجمهور المستهدف لها هو الشباب “جيل الألفية” وهذا الجيل يمثل نسبة كبيرة من السعوديين. وهذا الجيل لهم أيضاً من الخصائص والسمات المختلفة خصوصاً في مجال اهتمامهم في القنوات التلفزيونية التقليدية وغلبة القنوات الأخرى لديهم. فهذا تحد كبير في اختيار تلك الشريحة.
بالنسبة للتوقيت فتم اطلاق الحملة بوقت مناسب وبحسب الأخبار فإن بث القناة سيكون في آخر شهر شعبان. فالهدف هو جذب المستهلك في أقوى موسم للقنوات التلفزيونية وهو شهر رمضان المبارك. فالاختيار ذكي وجرئ وتحد صارخ للقنوات الأخرى التقليدية، فعن أي تحد نتحدث هنا.
من المستغرب أنه خلال الحملة الإعلانية تم الظهور بعدد من الشعارات Logo المختلفة للقناة، فأثناء الحملة ظهر في الشوارع والصحف شعار وشاهدنا في منصات التواصل لإجتماعي شعارين كذلك مختلفين. فأيهم الرسمي وماهو الهدف من وجود عدد من الشعارات التي تم اطلاقها في فترة واحدة. فمن المتعارف عليه أن الشعار الموحد عامل مهم في بناء الهوية للعلامة التجارية.
في تصريح الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون ذكر أنه في رمضان القادم ستكون في القناة مسلسلات سعودية وعربية حصرية للقناة والإعداد كذلك لبرامج متعددة مختلفة ومراعاة الخصوصية والتقاليد السعودية. واعتقد أن النقطة الأخيرة أعتبرها القيمة المضافة للقناة خصوصاً في هذا التوقيت. فمن الواضح أن القناة السعودية تدخل منافسة قوية مع القنوات الأخرى مثل MBC والتي وعلى مدى سنوات متتالية تكون هناك حملة مقاطعة لها قبل رمضان لأسباب مختلفة تتعلق بموضوع الخصوصية السعودية. فاعتقد أن التأكيد على موضوع الخصوصية والتقاليد للقناة السعودية هي قيمة مضافة خصوصاً لو افترضنا أن الجمهور المستهدف هو جيل الألفية والذي أعتقد أنه “أسمح” عن من قبله في مايختص بالخصوصية والعادات.
من الملاحظ كذلك أن تلك الحملة كان في دولة البحرين الشقيقة وليس لدي علم حتى كتابة هذا المقال ما إذا كانت في دولة خليجية أخرى. فالسؤال هنا لماذ البحرين؟ وهل البحرينيون مقصودون كفئة مستهدفة؟ ولماذ دوناً عن باقي الخليجين؟ أم أن المستهدف هم السعوديون زوار البحرين؟ وعلى افتراض ذلك، هل السعوديون زوار البحرين أكثر من مثلاً زوار دبي؟ السعودي الذي يشاهد اعلان “غصب” من الممكن أن يتفاعل مع هذا الإعلان لمعرفته بالخلفية لغصب 1 و2، ماذا عن البحريني عندما يشاهد كلمة “غصب”.
في النهاية، أعتقد أن الحملة الإعلانية تم عملها بشكل جميل وإذا كانت من أهدافها لفت الإنتباه فقد آتت أُكلها ولفتت الإنتباه ورفعت مصاحبة لذلك التوقعات كثيراً أيضاً. فكلمة غصب تحبها يأتي معها تصور وتوقع لمشاهدة شئ عظيم خصوصاً في حقبة زمنية باتت القنوات التلفزيونية تجتهد للبقاء. وأعتقد أنني سأكون من أول المتابعين للقناة في عرضها الأول لأشاهد هذا التحدي القوي والذي أرجو كما يرجو كثير من السعوديين ومن دافع الإنتماء الوطني والإجتماعي أن تنجح القناة في جذب المشاهد السعودي لأنها القناة الرسمية للدولة.
خلاصة القول، قبل فترة أطلقت مبادرة مراس حملة اعلانية قوية بمسمى # مايحتاج والآن هيئة الإذاعة والتلفزيون تنفذ حملة”غصب”، فأن تتبنى أجهزة الدولة الحكومية طرق مختلفة لعمل حملات اعلانية مختلفة هو حراك اعلاني جميل يثري البيئة التسويقية المحلية ويرفع من مستواها بلاشك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال