الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
هذ الأيام تكمل رؤية المملكة عامها الثاني، وأكثر الأسئلة شيوعاَ معها هو ما الذي حدث؟ ويحدث؟ وسيحدث لاحقاَ؟ وللإجابة على هذا الأسئلة سأحاول “اجتهاداَ” مني في قراءته وتحليله بشكل موجز وفق أهم مكونات الاقتصاد وهي قطاع حكومي، قطاع خاص، قطاع الأسرة أو المجتمع.
قبل الدخول للتحليل، أود التوضيح أن لكل دولة نموذج اقتصادي خاص كألمانيا في صناعة السيارات وسويسرا للساعات، ومثلهم المملكة بنموذج اقتصاد نفطي وسيظل هيكلياَ كذلك حتى ما بعد رؤية 2030 لكن بطريقة شمولية كاقتصاد طاقة وخفض نسبة مساهمة النفط الخام للاقتصاد واستثماره بصناعات تحويلية وهو المقصود به بـ “محتوي محلي الرؤية” مع رفع مساهمة قطاعات أخرى بنفس الطريقة وهو المقصود به بـ “تنويع الاقتصاد للرؤية”.
لندخل بشكل موجز على هذه المكونات والتغيير الذي رأيته وفق عدة معطيات رصدتها وحدثت لها كافة ولا يتسع المجال لذكرها مفصلة، وهي كالتالي:
1. القطاع الحكومي: تركيز شديد على تقوية مركز مالي الحكومة، وبشكل هيكلي تتحول أجهزة الحكومة من أجهزة مشرعة ورقابية ومقدمة للخدمات الأساسية إلى فقط مشرعة ورقابية، وسيكون التنازل عن تقديم هذه الخدمات لشركات وطنية كبرى يؤسسها كل جهاز حكومي بملكية صندوق الاستثمارات العامة، ويتم طرحها كل أو بعض حصصها للاكتتاب كما حدث تماماّ للاتصالات السعودية.
هذه الشركات الوطنية ستقود وتنفذ معظم مشاريع الانفاق الاستثماري للحكومة بمشاركة شركات قطاع خاص، لذا سنري انتقال موظفين من أجهزة حكومية لشركاتها وبذلك ينخفض الانفاق التشغيلي شاملاَ بند الرواتب، ليس خفض الرواتب بل نسبة الموظفين وربما تصل 15% “قرب معدل عالمي” من اجمالي الوظائف بقطاع عام وخاص، دبي القابضة أحد التجارب.
2. القطاع الخاص: ما بين شركات تعتمد على الانفاق “الاستثماري” الحكومي وبين شركات لا تعتمد، الأولى ستكون مؤسسات وشركات القطاع الخاص الحالية إما شريكاَ مندمجاً مع الشركات الوطنية بحصص، أو مورداً لمشترياتها أو مشغل جزئي لها كنظام البوت BOT، أما الثانية فسيعتمد عملها على دخل وانفاق المستهلك ومؤشر التوظيف والأجور والدخل ومستويات الأسعار للمستهلك المفترض أن يخلقه النوع الأول، ويتم التركيز بكلا النوعين على ذات “المحتوى المحلي” كالتي تعتمد على منتج محلي وكثافة عمل ماهرة تتطابق ونسبة تعليم المواطنين الداخلين لسوق العمل، سينجح من هذا القطاع لمرحلة قادمة من يدرك تماماً ما هو نموذج العمل؟ وماهي المتغيرات التي تستدعي تغييره؟ والنموذج المناسب؟ وربما قد نلاحظ تأخر هذا المكون من اللحاق بمكون القطاع الحكومي.
3. قطاع الأسرة: ويسمى قطاع المستهلك حيث الدخل والانفاق وأيضاً عرض سوق العمل، هو جزء متأثر من المتغيرات التي ذكرت أعلاه واللاحقة هنا، سيقود سلوكه متغيرات الوظيفة والأجور “مصدر الدخل” من جهة، مستوى الرقابة على الأسعار وتحديداً الغذاء الأساسي والسكن والاتصالات والنقل ” الأكثر وزناً بالتضخم” من جهة ثانية، يقابله مدى توازي حجم دعم حساب المواطن له ” وفق المخطط له” من جهة ثالثة، قطاع يعيد تشكيل نفسه بترشيد تتحكم فيه العوامل وفق أعلاه.
أرى اتجاه عام منخفض للدخل والإنفاق حتى 2020، وبذلك وأيضاً قد نرى تأخر هذا المكون من اللحاق بمكوني القطاع الحكومي والخاص، ناتج عن مدى فهم تحديداً نموذج سوق العمل الجديد وفق هذا النموذج الاقتصادي الجديد.
في عصرنا الحديث لم أعاصر دولة يحدث فيها ضخامة تغيير هيكلي اقتصادي كما يحدث الآن للمملكة والصين بخطتها الـ 13، ومن الطبيعي مثل أخطاء وتضحيات واستدراكات وتحديات سبق ونشرت منها للتوازن المالي، وتحديات رصدتها سابقاَ أيضاً لمنهجية الرؤية نفسها، وما يخص التحديات برأيي أمام هذا النموذج الجديد ومن خلال مؤشرات أراقبها، أستطيع رصد “أكبرها وأهمها” كالتالي:
1. إدارة توازن السيولة نتيجة دخول أدوات مالية جديدة وتغييرات نموذج عمل الموازنة العامة.
2. تنظيم سوق العمل وأنظمة الرسوم والدعم وديناميكية توازنه في تمييز أنشطة وقطاعات المحتوى المحلي المستهدف لضمان عدم تأثرها، كذلك إحلال وتوطين الوظائف بين ماهرة وغير ماهرة وبين مؤقتة ودائمة تتطور.
3. تأخر تطوير منظومة التعليم العالي والتخصصات الحديثة التي يطلبها هذا النموذج وسوق العمل.
4. عدم مسايرة واندماج تشريعات منظومة ريادة الأعمال والابتكار ومنشآت صغيرة ومتوسطة ومنظومة الاستعداد التقني واللوجستي لمنظومة التغيير المستهدف ككل.
5. دقة بيانات إحصائية الأساس والمستهدف بين إحصاء تقليدي وسجلات اليكترونية بما يخلق دقة الوقت والحجم والتكلفة وقياس الأثر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال