الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تدعي وزارة العمل أنها سنت القوانين التي تخدم الاقتصاد، وتحفظ حقوق العاملين في السوق ، من الشباب السعودي وغير السعودي ، وأنها حرصت على حفظ حق المستثمر ، من خلال الأنظمة التي تضمن مكانته ، وفي مقدمتها المادة 77 التي تعطيه الكلمة العليا . والتزمت أمام الشباب بتوظيفهم ولو بقوة القانون كما حدث في عدد من القطاعات ، وأكدت أنها جادة في تنفيذ السعودة بالقوة ، ولم تكتفي بدور الموظِف ، بل قامت بدور المدرب والمؤهل للشباب عبر عدة برامج مختلفة. كما أنها لم تترك الشركات والمؤسسات تتحمل عبء التوظيف والسعودة بمفردها ، بل دعمتها بعدد من البرامج خصوصا برامج دعم الرواتب .
وتتسأل الوزارة أين ذهب كل ذلك ؟ لماذا لايستفيد الشباب من كل هذا الدعم ، ويستغل الفرص التي تتاح له ؟ ولماذا لا يسهم القطاع الخاص معها في تحمل برامج الإصلاح ؟ ولو من خلال تقبل الشباب السعودي والصبر عليه حتى يأخذ مكانه في العمل ، ويشتد عوده .
القطاع الخاص وتحديدا الشركات الصغيرة والمتوسطة الموظف الأكبر يدَّعون أيضا ، أنهم على استعداد أن يوظفوا الشباب السعودي ، ويعطونه رواتب مجزية بقدر استطاعتهم ، لكنهم كما يقولون ، بحاجة لشباب مؤهل قادر على تحمل المسؤوليه ويلتزم بالعمل ، وهذا ما لايجدونه في معظم الشباب السعودي ، والشباب يفضلون العمل الحكومي ولو براتب أقل ، والحكومة تنافسهم على العامل السعودي بعد تدريبه .
كما يتهم القطاع الخاص وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية أنهم يضغطون على الشركات الصغيرة والمتوسطة أكثر مما يجب دون مبرر ، ودون مساعدة ودعم حقيقي ، وبرامج الوزارة تضر الشركات وسوق العمل أكثر مما تنفعها ، وتحديدا برنامج نطاقات ، والأموال التي تأخذها الوزارة من القطاع الخاص لا تعود بشكل عملي على سوق العمل كما تدعي الوزارة ، ويتهم القطاع الخاص الوزارة بأن كل برامجها أثبتت فشلها ، لضعفها وسوء تنفيذها .
الشباب السعودي في المقابل يصرخون بأعلى أصواتهم ، تعب الدراسة والتأهيل في أفضل الجامعات الخارجية والداخلية ، والتدريب ، والدخول في برامج هدف ، والدورات الخاصة على حسابنا الخاص ، والبحث اليومي عن عمل عبر منصات هدف ،وبالجهد الخاص ، كل ذلك يذهب هباءً ، نحن عاطلون والوزارة تحابي القطاع الخاص ، والقطاع الخاص يفضل العامل الأجنبي علينا ، ويعطيهم كل السلطات للتحكم بنا ، ومن يحالفه الحظ منا ويجد عملا في القطاع الخاص ، فإنه رغم ضعف الرواتب ، وإرهاق العمل ، يظل يعمل لسنوات دون علاوة ، ولا ترقية ، ولا مستقبل واضح، وفوق كل ذلك تحت مقصلة المادة 77 أو أي مادة أخرى تجيز فصله من العمل بكل سهول ودون تبعات .
استمعت لجميع الأطراف بشكل مباشر وغير مباشر وعلى فترة طويلة من الزمن ، وكل طرف استمع له أجد له الحق في جوانب وعليه الحق في جوانب أخرى ، لكن من الواضح جدا أن الثقة معدومة من الجميع في الجميع ، والكل يتهم الكل بالتسبب في فشل كل محاولات التوطين ، والسعودة ، والتخفيف من البطالة التي تزيد عاما بعد عام، ولا ضوء في أخر النفق .
والإعلام من مكان مرتفع يراقب ، وبشهوة الإثارة والظهور والإنتشار ،يتصيد البعض كل موقف وحدث وقرار لتعميق الفجوة وزيادة حدة الجفاء بين أطراف القضية ، وبالتالي مزيدا من عدم الثقة ، ومزيدا من المشاكل التي تتحرك بشكل دائري يثير بعضها بعضا .
أجزم هذه المرة ولا اعتقد كما درجة أن أقول ، أننا أن استطعنا حل أزمة الثقة بين أطراف سوق العمل السعودي (الحكومة) الممثلة بوزارة العمل وصندوق الموارد البشرية ، والقطاع الخاص ، والشباب السعودي طالب العمل ، فسوف نتجاوز معظم المشاكل التي تعيق توطين الوظائف ، وحل الجزء الأكبر من مشكلة البطالة .
فبالثقة يتقبل كل طرف أخطاءه ويعترف بها ويسعى لحلها ، ويتفهم الطرف الأخر ويقدر ما يقوم به ويساعده على تجاوز مشاكله ، ويحرص علي حل الخلاف بينهم .
وحل أزمة عدم الثقة يقع على عاتق الجميع ، ولابد للجميع من المساهمة في تكسير جدران الجليد من الشك وعدم التفهم للأخر ، لكن العبء الأكبر يقع على كاهل وزارة العمل ، فلابد لها من العمل بجد لزرع الثقة بين أطراف سوق العمل وتعزيزها لضمان نجاح برامجها .
قد يكون لي عودة .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال