الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لكل شئ حولنا قيمة. هذه القيمة قد تكون مادية، معنوية، ملموسة أوغير ملموسة، والآن أصبح لدينا قيمة مضافة. وتختلف قيم الأشياء على حسب نوعها و على حسب الشخص المقيِّم لها. فتارة نسمع عن وجود أشخاصاً مستعدين لدفع الغالي والنفيس من أجل اقتناء شئ معين لكن اذا اتتنا الفرصة لامتلاكه ولو بلا مقابل يكون رد فعلنا التلقائي هو اللامبالاة.
إذاً بما أن لكل شئ قيمة فالسؤال هو من الذي يحدد هذه القيم و ما هي مؤهلات الشخص المقيِّم؟ بالطبع يوجد شهادات و تخصصات تنتج مقيمين معتمدين يكمن فنهم في حساب قيمة أي شئ يريدونه ابتداءاً من متر مكعب من الرمل إلى مسبار فضائي ذي عمر افتراضي يقدر ب 25 عاماً. والشركات و المؤسسات لديها العديد من الأصول الخاضعة للتقييم و من أهم هذه المعايير هو قيمة علامتها التجارية (Brand Value) والتي يوجد لها جهات استشارية تقوم بتقييم العلامات الكبرى لعل أشهرها BrandZ وهي منصة تشمل أكثر من 100 ألف علامة تجارية من 45 دولة ولهم أيضاً جزء خاصاً للعلامات السعودية.
ففي تقريرها السنوي لعام 2017 وضعت BrandZ العلامة التجارية Google كأعلى قيمة لعلامة تجارية في العالم بقيمة 286 مليار دولار يعني أكثر من ترليون ريال سعودي. بلاضافة الى ذلك، تم تصنيف YouTube كعلامة ذات قيمة مستقلة تبلغ 20 مليار دولار. أما سعودياً، حازت STC على أعلى قيمة لعلامة تجارية قدرت ب 6.5 مليار دولار أو 24 مليار ريال سعودي. هذا مثال لشركتين مساهمتين و لم تأخذ بالحسبان قيمة شركة غير مدرجة كأرامكو السعودية و لا يمكننا تحديد اذا سيتم توزيع قيمة علامتها علىالفروع التابعة حول العالم كل على حده أم سيتم توحيد القيمة تحت علامة موحدة (أرامكو السعودية).
أما على المستوى الشخصي فلكل شخص فينا قيمة علامة تجارية خاصة بنا لكن التقييم الداخلي يكون ملئ بالتحدي بسبب وجود عامل التحيز. إذاً ما الفائدة من قيمة العلامة التجارية اذا كانت مجرد أصولاً غير ملموسة و تقييمها في الغالب مختلف عليه؟ الجواب هو الثقة. فعندما يتم بناء الثقة في علامة تجارية فإن المستخدم يصبح مستعداً لدفع علاوة لمجرد الحصول على فرصة للتعامل مع أصحابها. و كلما زاد التركيز على تعزيز هوية الجهة صاحبة العلامة يصبح العائد المالي أكبر و الولاء لهذه العلامة يكون أعظم. لنتفق أن تعزيز الهوية في أذهان المستخدمين يبدأ من الداخل و قد تكون مكلفة بعض الشئ لكن بالنظر إلى المردود فإنه غالباً أعظم من التكلفة.
لنفترض جدلاً وجود جهتان توفران نفس الخدمات أو المنتجات بنفس الجودة. في الجهة الأولى تجد الموظفين أنفسهم لا يملكون الانتماء لجهتهم فترى مواقعهم مهملة والأنوار والأرصفة تالفة بدون أدنى مراعاة للجماليات لدرجة أنه حتى عند علمهم بزيارة مسؤول كبير قبلها بأسابيع لا تجد الإهتمام بالمظهر ولا التجهيزات تصل المستوى المأمول. و عند سؤالهم عن سبب الإهمال، يكون جوابهم بأنهم هنا بشكل مؤقت و ما يهمهم فقط هو تحويل رواتبهم آخر الشهر لحساب قريب لهم في جهة أخرى. أما في الجهة الثانية فمن أول مواجهة تستشعر اللباقة والرقي على ألسنتهم و تجد الإهتمام وكل شئ يعمل بشكل جيد. وعند التعامل معهم تجدهم يسوِّقون لهويتهم و انتمائهم لجهتهم مؤمنين أن منتجاتهم و خدماتهم تفوق ما تقدمه جهات العالم المتقدم. في هذه الحالة و بسبب جهودهم المستمرة على بناء حقوق علامتهم التجارية (Brand Equity) فإنهم حتى إذا فرضوا عليك أسعاراً أعلى من الجهة الأولى فإنه بلا شك تم الإستحواذ على تفكيرك وولائك لعلامتهم التجارية حتى قبيل حصولك على المنتج.
هذا بالنسبة للشركات، أما بالنسبة لنا كأفراد فإن الإهتمام بعلامتنا التجارية مهم جداً والناجح هو من يستطيع تقييم علامته التجارية بعدل فيسخرها لصالحه عند الدخول في مفاوضات تجارية أو دراسة عروض عمل أو حتى عند التقدم للزواج. و يمكننا الختام بأن للدول أيضاً علامة تجارية. فقط قم باستبدال كلمة (جهة) أعلاه ب (دولة) واستنتج ما تراه صحيحاً لكن الفرق أنه في تلك الحالة لا تكون العلامة التجارية عُرضة للإستحواذ من جهات أخرى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال