الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أكاديمي قانوني متخصص في التجارة الالكترونية
استبشر مستخدمو التجارة الالكترونية خيراً بقرار البدء تدريجياً في استخدام بطاقات الصرف الآلي “مدى” كوسيلة دفع في التجارة الإلكترونية، وهو قرار طال انتظاره من قِبل المهتمين و الممارسين و العاملين في هذا المجال. حيث كما أفادت العديد من الدراسات والتقارير التي عُنيت بالتجارة الإلكترونية محلياً بأن عدم توفر هذه الخدمة يعد أحد المعوقات الرئيسة التي حَجّمَت من تطور التجارة الإلكترونية و ممارستها في المملكة.
مع الإيمان الكامل بضرورة هذه الخطوة وأهميتها في توسع التجارة الإلكترونية، إلا أنه يبقى هناك العديد من التساؤلات حول مدى توافر ضمانات نجاح القرار وتحقيق أهدافه، وعن مدى ملاءمته للمستهلك السعودي في ظل البيئة القانونية الحالية للتجارة الإلكترونية، والتي لازال ينقصها الكثير، مما يؤثر سلباً على ثقة المستهلك، وبالتالي قراره في ممارسة التجارة الإلكترونية واستخدام بطاقة الصرف الآلي “مدى”، خصوصاً إذا ما علمنا بأن استخدامها يُعد أكثر خطورةً من استخدام البطاقات الإئتمانية..!!
إن أحد أهم المتطلبات القانونية الملحة هو إيجاد نظام فعال لحماية البيانات، وذلك نظراً لأهمية البيانات المتبادلة أثناء عملية التجارة الإلكترونية، و التي قد يهملها التاجر لاحقاً أو يتم سرقتها أو بيعها إلى طرف ثالث للاستفادة منها بشكل أو بآخر كما رأينا في الأيام الماضية في قضية “Facebook” و ما سببته القضية من ضرر معنوي و مادي لازالت تعاني منه الشركة حتى الآن.
بشكل عام، تكمن أهمية البيانات في كونها المكون الرئيس للقرارات بشتى مجالاتها سواء كانت أكاديمية أو صحية، اقتصادية أو سياسية، لاسيما وأننا في عصر اقتصاد المعرفة والتي تعتبر البيانات والمعلومات من أهم موارده، كما يُطلق عليها البعض “بترول العالم الرقمي”. لذلك تحرص العديد من الجهات على الحصول عليها أو حتى شرائها. تزداد أهمية البيانات عندما تكون مرتبطة بالأفراد، سواء كانت بيانات عادية كتلك التي يمكن من خلالها التعرف على هوية المستهلك والتواصل معه، أو كانت بيانات أكثر خصوصية كالبيانات الطبية و البنكية والائتمانية وغيرها.
أما في التجارة الإلكترونية بشكل خاص فتشكل البيانات وكيفية التعامل معها من قبل البائع عاملاً مؤثراً في ثقة المستهلك، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من المستهلكين يترددون كثيراً في الإدلاء بمعلوماتهم الشخصية و بيانات البطاقات الائتمانية عند الشراء “أونلاين”، والبعض الأخر قد يحجم عن الشراء إذا شعر لوهلة أن الموقع الإلكتروني ليس موثوقاً، ولهذا السبب لجأ العديد من المستهلكين في السابق إلى البطاقات الائتمانية مسبقة الدفع، ليكونوا في مأمن من التلاعب ببيانات بطاقاتهم الإئتمانية ذات السقف المرتفع، وهو الخوف الذي قد يتجدد مع استخدام بطاقات “مدى”، وبالتالي عدم تحقق الغاية من هذا القرار، بل قد يزداد الحال سوءاً في ظل غياب نظام يحكم حفظ البيانات والتعامل معها.
لا أنكر وجود مبادئ عُنيت بحماية البيانات، كذلك وجود وثائق لحماية المعلومات و ضمان سريتها لدى بعض المواقع الإلكترونية، إلا أنه في ظل النهضة التنموية التي تشهدها المملكة، و أخذاً في الاعتبار تطلعات قادتنا في أن تكون المملكة في مصاف الدول المتقدمة في شتى المجالات والتي منها التجارة الإلكترونية، فإن ذلك يُحتّم وجود نظام لحماية البيانات، أسوة بهذه الدول، تُوحّد فيه الإجراءات ليكون أكثر فعالية ويحقق أهداف مثل هذه القرارت التي تصب في مصلحة المستهلك و التجارة الإلكترونية على حدٍّ سواء.
أخيراً و من باب البداية من حيث انتهى الآخرون، قد يكون الاسترشاد بتجربة الاتحاد الأوروبي خياراً مثالياً في إيجاد نظام يُعنى بحماية البيانات، وذلك لتجربتهم الطويلة في حماية البيانات وأنظمتها التي يتم تطويرها بشكل مستمر، لاسيما بأنهم بصدد طرح نظام جديد تمت دراسته وتطويره على مدى عدة سنوات ليكون أكثر فعاليةً ومواكبةً لمستجدات العصر.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال