الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
صابر وراضي طالبان يدرسان في شعبة الدكتور جورج وسيتخرجان في نهاية الفصل الحالي من الجامعة. وعند سؤالهما عن تجربتهما في رحلتيهما الدراسية كان لكل منهما نصيب من اسمه رغم الصعوبات التي واجهتهما. فصابر كان لا يجد مناصاً من هذه الصعوبات إلا بالتصبر عليها وهو في قمة الضجر أما راضي فكان يواجه هذه الصعوبات بالقبول والرضا بها. لم تكن مشكلتيهما في الضجر والقبول ولكن كانت في التخطيط المستقبلي.
فبالرغم من ضجر صابر إلا أنه كان يسعى لعدم تكرار حدوث هذه الصعوبات له في المستقبل أما راضي فكان مستسلماً منتظراً أن تأتي الرياح بما يشتهي السفن. ولذلك عندما سأل صابر زميله راضي كيف سوقت لنفسك؟ بدأت علامات الدهشة تظهر في وجه راضي ثم قال: لماذا أسوق لنفسي؟ فأنا منتج الجامعة والجامعة هي التي يجب أن تسوق لي! دعوني أتوقف هنا قليلاً. فأنا قد سمعت هذه العبارة (الطالب منتج الجامعة) كثيراً في الجامعات وفي الإعلام حتى من بعض الأكاديميين، فهل تصح تسويقياً؟
أولاً، تذكوا أني أجيب عن هذه الشبهة كعادتي من ناحية تسويقية صرفة ولا أناقش الأمور التربوية في نظام التعليم. ثانياً، يجب التفرقة بين أنواع المنتجات وخصوصاً السلع والخدمات. فالجامعات تقدم خدمات وليس سلعاً. فمنتج الجامعة هو التعليم وعميل الجامعة المباشر هو الطالب والعميل النهائي هو سوق العمل (الموظِف) والمجتمع وهذا ما يعرف بالطلب المشتق. لذلك فإن استراتيجيات تطوير المنتجات تقع على التعليم وليس على الطالب بينما عمليات التمحور (من تجزئة واستهداف وتمايز وتمركز) تقع على الطالب وبناء المزيج التسويقي تقع على الفئة المستهدفة (الطلاب). أما مزيج المنتج من عرض وطول وعمق وتوافقية فتقع على التعليم.
إن كثيراً ممن يخلطون بين منتج الجامعة وعملائها لا يرون أن هناك فرقاً جوهرياً بينهما ولكن عند إعداد الخطط الإستراتيجية يجب أن تكون المصطلحات علمية وواضحة حتى تتوافق مع النماذج المتبعة في عمليات التخطيط لرسم استراتيجيات الجامعات فاستخدام المصطلحات بطريقة غير صحيحة لا يقود أبداً إلى روما. إن سبب الخلط بين منتج الجامعة وعميلها هوخاصيتي الـ Inseparability & Perishability للخدمات ويقصد بها عدم القدرة على فصل الخدمة عن مقدم الخدمة وعدم إمكانية تخزين الخدمة فهي لحظية مما جعلهم يرون أن الطالب هو مُدخًل الجامعة وما تتم عليها العمليات والمُخرَج النهائي لها. وهذا أيضاً ليس صحيحاً. فمدخل الجامعة هو المستوى التعليمي للطالب والمعالجة تتم على هذا المستوى ومخرج الجامعة هو ما تخرج به الطالب من مستوىً علمي وليس الطالب نفسه.
لذلك يا راضي فإن الجامعة تسوق منتجها (التعليم) إلى الطلاب الثانوية (والمشاركين في صنع القرار) ومخرجها (المستوى التعليمي) إلى سوق العمل والمجتمع حتى تتم عملية خلق وتبادل المنافع بطريقة سلسة. أما ما تقوم به بعض الجامعات في نادي الخريجين من الترويج لخريجيها فهذه خدمة أخرى تقوم فيها الجامعة لعميلها الطالب وليس لمنتجها الطالب فلا تلتبس عليك الأمور الله يرضى عليك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال